أعلنت النيابة العامة الاسبانية اليوم (الخميس)، أنها ستباشر ملاحقات قضائية بحق قادة إقليم كاتالونيا نتيجة دعوتهم لاستفتاء حول حق تقرير المصير، مؤكدة أنه ستتم مصادرة معدات انتخابية جهزت لهذا الاستفتاء. وقال المدعي العام خوسيه مانويل مازا في تصريحات صحافية «يجري إعداد ملاحقات جنائية»، موضحاً انها تستهدف مسؤولي برلمان كاتولونيا الذين سهلوا اعتماد قانون أمس الهادف الى تنظيم الاستفتاء المحظور، واعضاء حكومة كاتالونيا الذين دعوا لاحقا الى الاستفتاء في الاول من تشرين الاول (اكتوبر) المقبل. وأضاف مازا، أعلى مسؤول في النيابة العامة والمعين باقتراح من الحكومة، إنه «ستصدر اوامر لتصادر الشرطة القضائية الاغراض او الادوات المخصصة للاعداد او لتنظيم الاستفتاء غير القانوني»، متابعاً أن «النيابة أصدرت تعليمات حتى تتولى النيابات الكاتالونية بمساعدة الشرطة القضائية والحرس المدني والشرطة الوطنية وشرطة كاتالونيا، التحقيق في كافة الاعمال الهادفة لتنظيم الاستفتاء غير الشرعي وما اذا كانت تشكل ام لا مخالفات عصيان، ومواربة، واستيلاء على اموال عامة». ويتزايد التوتر بين كاتالونيا التي تضم 7.5 ملايين نسمة التي يقودها منذ 2015 دعاة استقلال، وحكومة ماريانو راخوي المحافظة في مدريد. وكانت مدريد توعدت بملاحقات قضائية لكل من يشارك في هذا الاستفتاء المحظور من المحكمة الدستورية ويتعرض الموظفون بوجه خاص لضغوط. وارسى قانون تبناه برلمان كاتالونيا مساء أمس «نظاما قضائيا استثنائيا لتنظيم وضمان استفتاء تقرير المصير في كاتالونيا» المقرر في الاول من تشرين الاول المقبل، بحسب البرلمانيين الاستقلاليين في كاتالونيا، في حين قررت الحكومة الاسبانية الاعتراض اليوم على هذا القانون امام المحكمة الدستورية. وأكد الناطق باسم الحكومة الكاتالونية جوردي تورول صباح اليوم أنه على رغم كل الظروف «سننظم الاستفتاء لان هذا عقدنا مع مواطني كاتالونيا». ويأتي توقيت المواجهة التي تلوح في الافق بعد ثلاثة أسابيع من هجمات شنها متشددون ادت الى مقتل 16 شخصا وجرح اكثر من 120 آخرين، في برشلونة عاصمة اقليم كاتالونيا وفي منتجع بحري في بلدة كامبريلس الساحلية القريبة. وكتب رئيس البرلمان الكاتالوني في تغريدة على «تويتر» في وقت سابق انه طلب نزع الاهلية عن قضاة المحكمة الدستورية معتبراً اياهم «امتداداً لحال فقدت كامل شرعيتها». وغالبية قضاة المحكمة الدستورية تمت تسميتهم من قبل نواب محافظين. ولمنطقة كاتالونيا التي يبلغ عدد سكانها 7,5 ملايين نسمة لغتها الخاصة وثقافتها وتغطي مواردها الاقتصادية 20 في المئة من الناتج الاسباني، وتتمتع بتأثير كبير على شؤون التربية والصحة والرفاه. الا ان الركود الاقتصادي في اسبانيا والشعور لدى الكاتالونيين بان ما يسددونه من ضرائب يفوق ما يحصلون عليه من استثمارات وتمويل من مدريد ساهما بشكل كبير في جعل قضية الانفصال محور الحياة السياسية في الاقليم بعد ان كانت مجرد قضية هامشية. وتصاعدت النزعة الاستقلالية بعد 2010 عندما الغت المحكمة الدستورية التي لجأ اليها المحافظون «الوضع» الذي منح لكاتالونيا في 2006 ويمنحها صلاحيات واسعة وصفة «أمة». وفاز النواب المؤيديون للاستقلال بالغالبية المطلقة في البرلمان الكاتالوني الذي يتألف من 135 مقعدا للمرة الاولى في انتخابات ايلول (سبتمبر) 2015. وتعهدت الحكومة التي انبثقت عن تلك الانتخابات اطلاق عملية الانفصال عن اسبانيا. ووعد راخوي بزيادة الاستثمارات وأرسل مراراً مساعده الى الاقليم من دون إجراء اي إصلاحات فعلية لحل مشكلة ازدواجية السلطات التي تثير قلق سكان كاتالونيا. وقالت خبيرة شؤون الحركات الاستقلالية الاسبانية في جامعة «آستون» البريطانية كارولين غراي ان مدريد كانت لتتفادى تصاعد النزعة الانفصالية لو انها طرحت اتفاق تمويل جديدة قبل سنوات من الآن. وأضافت غراي: «شخصياً أعتقد اننا ما كنا لنواجه ما نواجهه اليوم لو كان طُرح سابقاً نوعٌ من الاتفاق». وتظهر استطلاعات الرأي انقساماً متعادلاً حيال الاستقلال في كاتالونيا. الا ان غالبية تفوق 70 في المئة تريد اجراء استفتاء للبت في هذه المسألة. ويقول المهندس المتقاعد رامون سان مارتن (67 عاماً) امام مقر البرلمان: «آمل بأن يسمحوا لنا بالتصويت». ويتابع سان مارتن: «نريد كاتالونيا افضل، ذات موارد اكبر. نحن نشعر ان مدريد تقيدنا». ويرفض راخوي السماح للكاتالونيين باجراء استفتاء يشبه ذلك الذي اجرته اسكتلندا في 2014 للاستقلال عن بريطانيا الذي وافقت عليه لندن وفاز رافضو الاستقلال فيه. ويعتبر حزبه المحافظ مثل القضاء، ان الدستور الاسباني لا يجيز للمناطق الاسبانية بان تتخذ قراراً في شان السيادة من جانب واحد. واجرت الحكومة الكاتالونية في 2014 استفتاء رمزياً على الاستقلال. وصوت أكثر من 80 في المئة من المشاركين في الاستفتاء على الانفصال عن اسبانيا علماً بأن 2,3 ملايين شخص شاركوا في الاستفتاء من اصل 5,4 ملايين تحق لهم المشاركة.
مشاركة :