تهاجم السكتة القلبية أو توقف القلب المفاجئ الكثير من الأشخاص دون سابق إنذار، وهي من الأمراض الخطرة التي غالباً ما تسبب وفاة صاحبها ولذلك يطلق عليه مرض الفجأة، وفرصة البقاء على قيد الحياة تتعلق بإجراءات سريعة ومحددة، والملاحظ في السنوات الأخيرة انتشار مشاكل القلب بشكل كبير بين قطاع ليس بالهين من الشباب والصغار.يسمى مرض الفجأة بالموت السريري أو توقف القلب، ويقترب الموت للغاية من الشخص المصاب بهذه المشكلة، حيث تفصله عن الموت عدة دقائق، تصل إلى 5 دقائق التي يمكن خلالها إنقاذ الحياة، كما يعتبر الرجال أكثر عرضة للإصابة بمرض السكتة حيث تصل النسبة إلى ضعف النساء، وأثبتت دراسة جديدة أن هذا المرض انتشر بين الأشخاص في عمر العشرينات والثلاثينات، كان يصعب وصول هذا المرض إليهم في السابق، كما يصنف هذا المرض بأنه القاتل الأول في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، على الرغم من توافر كل سبل العناية بالصحة والكشف المبكر عن الأمراض والفحوص الدورية المنتظمة للمواطنين في هذه البلاد، وفي هذا الموضوع سوف نكشف الكثير من أسباب الإصابة بهذا المرض، وكيفية الوقاية منه والوسائل العلاجية السريعة التي يمكن أن تنقذ حياة المريض الذي تعرض لهذه المشكلة المرضية المميتة.الشباب أكثر إصابةتوصل فريق من الباحثين في أمريكا إلى تعرض عدد كبير من الشباب للإصابة بمرض السكتة القلبية، وذلك عن طريق إجراء دراسة جديدة على مجموعة من المتطوعين والذين تتراوح أعمارهم بين 22 إلى 46 عاماً، وكشفت نتائج هذه الدراسة أن الشباب في فئة منتصف العمر هم الذين أصيبوا بالسكتات القلبية، بما يعني أن هذا المرض شائع الانتشار بين الشباب وكذلك الأشخاص في متوسط العمر، حيث وصلت نسبة إصابة هؤلاء إلى 20% من إجمالي المصابين بهذا المرض، وفسر الباحثون القائمون على هذه الدراسة ارتفاع نسبة المصابين بهذا المرض إلى زيادة أعداد الأشخاص المصابين بالأمراض المزمنة، ومنها أمراض ارتفاع ضغط الدم المستمر وزيادة معدلات الكوليسترول الضار بالدم، وتفشي مرض السمنة بين أعداد كبيرة من الأشخاص الكبار والصغار، بالإضافة إلى انتشار مرض السكري بشكل متزايد بين الشباب وصغار السن مع الكبار، كل هذه العوامل خفضت سن الإصابة بحالات السكتة القلبية، كما أن الرجال أكثر تعرضاً لمهاجمة هذا المرض من السيدات، والأشخاص الذين يتعاطون الكحوليات ويدمنون التدخين والمخدرات، ومن يعانون بعض مشاكل وأمراض القلب وقصور وظائفه، والأشخاص الذين أصيبوا بسكتة قلبية قديمة هم الأكثر تعرضاً للإصابة الثانية، كما أن العامل الوراثي له دور مؤثر في الإصابة بهذه الحالة القاتلة.توقف عضلة القلبتحدث حالات السكتات القلبية نتيجة توقف القلب عن العمل تماماً بشكل مفاجئ، ما يعني عدم وصول الدم إلى أجهزة الجسم المختلفة، وبالتالي عدم وصول العناصر الغذائية الضرورية والأكسجين إلى الخلايا، وتتوقف عملية تغذية أنسجة الجسم بشكل كامل، ما يؤدي إلى توقف عضلة القلب عن العمل بشكل كلي، وخلال دقائق بسيطة تصل إلى 6 أو 7 دقائق من هذه الحالة تموت بعض خلايا الدماغ، وتتطور وتتفاقم حالة الشخص بسرعة وبشكل كبير ما يؤدي إلى حدوث حالة الوفاة، ومعروف علمياً أن القلب المحطة الكهربائية الرئيسية في الجسم، ويولد الإشارات الكهربائية اللازمة للعمل على تنظيم ضربات القلب، ويتدفق الدم عن طريق صمامات القلب إلى أنحاء الجسم المختلفة، وعند حدوث إصابة في عضلة القلب يحدث خلل في عملها، تنقطع الإشارات الكهربائية ويتعطل النظام الكهربائي بشكل كبير، وبالتالي تتوقف وظائف القلب بصورة سريعة ومفاجئة، ويليه توقف النبض تماماً كدليل على أن هذا الشخص فارق الدنيا، ونتيجة السكتة القلبية يتوقف الدم المتوجه إلى القلب، ويحدث نقص حاد للدم الذي يصل القلب وتتضرر عضلة القلب بشكل غير مسبوق، وتبين الأبحاث أن الشخص المصاب بهذه المشكلة يموت خلال دقائق ما لم يتم تحفيز القلب للعودة إلى العمل، باستخدام وسيلة فعالة مثل الصدمات الكهربائية السريعة.الرجفان البطينيتتعدد أسباب الإصابة بمرض السكتة القلبية، ولكن السبب الرئيسي هو الإصابة بحالة خلل في النظام القلبي مثل الرجفان البطيني، الذي يمثل نسبة إصابة تصل إلى 91% من إجمالي الحالات المصابة بهذه المشكلة، وفيه يحدث الخفقان البطيني بصورة غير منتظمة، وتحدث لهما حالة ارتجاف سريعة غير منتظمة، مسبباً ضخ القلب الدم بكميات ضعيفة، وتنجم هذه الحالة عن مرض شريان القلب التاجي بسبب حدوث بعض الجلطات القلبية، ومن الأسباب أيضاً التعرض لنقص حاد في كميات الأكسجين بسبب ضيق الشرايين التاجية، مما يحدث اضطراباً في ضربات القلب ثم حالة الرجفان البطيني، كما أن بذل مجهود بدني شاق يساهم في حدوث هذه المشكلة المرضية، وكذلك التعرض لمشاكل واضطرابات في النظام الكهربائي للقلب، والإصابة ببعض أمراض ومشاكل القلب، والعوامل الوراثية لها دور كبير في هذه الحالة، حيث تنتقل من خلال الجينات إلى الأجيال الجديدة، ويوجد فرق كبير بين حالة الإصابة بالسكتة القلبية والنوبة القلبية، حيث تعتبر النوبة القلبية إنذاراً على قرب قدوم السكتة القلبية، بل توجد احتمالات بالإصابة بالسكتة أثناء مداهمة الشخص للنوبة القلبية أو بعد الشفاء منها، فهي علامة وتمهيد للسكتة، والنوبة عموماً هي توقف جزء فقط من عضلة القلب عن ضخ الدم، ولا تسبب حدوث توقف ضربات وخفقان القلب، أما السكتة القلبية فتمثل توقف عضلة القلب تماماً عن الضخ بصورة مفاجئة، وتوجد بعض الدلائل على قرب حدوث السكتة، كنوع من الإنذار المبكر الذي يمكن أن ينقذ الشخص إذا انتبه إليه، وسارع في علاج هذه الحالة قبل أن تداهمه وتقضي عليه.تعب وأرق وتورمتظهر العديد من العلامات والدلائل التي تؤشر إلى قدوم السكتة القلبية، ومنها الإحساس بالتعب والإرهاق السريع من أقل مجهود، وكذلك الشعور بألم في الكتف والرقبة، كما يصاب الشخص بأعراض تشبه نزلة البرد أو الإنفلونزا مثل الدوخة والتعرق والتعب، ويلاحظ المريض زيادة سرعة ضربات القلب، كما يحدث عسر هضم واضح بالإضافة إلى تورم القدمين في بعض الحالات، وصعوبة في التنفس وحالة من الأرق، وتحدث هذه الإشارات والعلامات قبل الإصابة بالسكتة القلبية بحوالي 22 إلى 30 يوماً، وفي بعض الحالات تحدث قبل أيام قليلة أو قبل ساعات قليلة من الإصابة بالسكتة، وغالبية الأشخاص لا يلتفتون إلى هذه التنبيهات والعلامات على اعتبار أنها حالة مرضية عارضة لا خطورة لها، وبالتالي يهملون في العلاج ومعظم هؤلاء ليس لديهم معرفة كافية بأنها العلامات التي تسبق قدوم السكتة القلبية، ويؤدي ذلك إلى الإصابة المفاجئة بالسكتة والوفاة السريعة، أما أعراض السكتة نفسها فتشمل الشعور بألم وضغط هائل على الصدر، وضيق في التنفس والصدر وتسارع ضربات القلب بشكل ملحوظ، والإصابة بالدوخة وحالة الغثيان وبعض الأشخاص يظهر لون جلدهم مائلاً إلى الزرقة، ثم يصل المريض إلى الإغماء وفقدان الوعي الكامل وعدم الاستجابة للمحيطين، وتختفي نبضات القلب بصورة ملحوظة، وهذه الأعراض تهاجم المصاب وتستمر من 30 إلى 45 دقيقة قبل حالة فقدان الوعي، ولا تتمكن عمليات الإنقاذ من إسعاف حوالي 93% من هؤلاء المصابين نتيجة تأخر الوقت وموت جزء من خلايا الدماغ وتوقف القلب بلا رجعة.الصدمات الكهربائيةيتم علاج السكتة القلبية باستخدام جهاز الصدمات الكهربائية حتى تتم إعادة تشغيل القلب، وكذلك استخدام جهاز إزالة الرجفان حيث أثبتت دراسة جديدة أن زراعة جهاز مزيل للرجفان في القلب ينجح في علاج أكثر من 94% من الحالات التي تصاب بحالة الرجفان البطيني وتسارع القلب اللانظامي، والذي يسبب توقف القلب المفاجئ، وهذا الجهاز صغير يعمل بشكل إلكتروني يراقب حركة القلب بصورة مستمرة، وعند حدوث خلل أو سرعة غير معتادة في نظام القلب، يشعر بها هذا الجهاز ويقوم بدروه في إمداد عضلة القلب بالطاقة التي تحتاج إليها، حتى يعود القلب إلى الانتظام في حالته الطبيعية. المرتبة الأولى للوفيات تشير الدراسات الحديثة إلى أن مرض السكتة القلبية من الأمراض الفتاكة التي تؤدي إلى الموت السريع إذا لم يتم إسعاف المصاب في وقت قياسي، واحتل هذا المرض المرتبة الأولى في مسببات حدوث الوفيات في كل دول العالم، وذلك طبقاً لأحدث تقارير منظمة الصحة العالمية، صادر عن هذا المرض، حيث وصلت نسبة وفياته حوالي 13% من مجموع الوفيات عالميا في عام 2004، وتضيف المنظمة أن هذا المرض سيستمر في هذه المرتبة حتى حلول عام 2030، ومن أجل ذلك خصصت المنظمة جهوداً كبيرة لنشر الوعي حول مرض السكتة القلبية، وأسباب حدوثه والأعراض التي تظهر وكيف يمكن السيطرة عليه، في محاولات مكثفة للوقاية من الإصابة بهذا المرض، ومرض السكتة القلبية لا يقتصر على الحالات التي تعاني أمراضاً في القلب، ولكن يهاجم عدداً من الأشخاص الذين يتمتعون بصحة جيدة، وخطورة السكتة القلبية أن أعراضها تظهر على المصاب بوقت قصير يصل إلى 40 دقيقة، ما يصيب الشخص بالحيرة ويقلل من فرص التحرك وطلب الاستغاثة.
مشاركة :