أعلنت «قوات سورية الديموقراطية» (قسد) المدعومة أميركياً، وهي تحالف فصائل كردية وعربية، بدء حملة عسكرية لطرد تنظيم «داعش» من شرق محافظة دير الزور على الحدود مع العراق في ما يبدو سباقاً مع القوات النظامية السورية التي تخوض معارك ضد التنظيم في ريفها الغربي. وتلا رئيس مجلس دير الزور العسكري المنضوي في «قسد» أحمد أبو خولة خلال مؤتمر صحافي في قرية أبو فاس في شرق البلاد أمس بياناً جاء فيه: «نزف بشرى البدء بحملة عاصفة الجزيرة والتي تستهدف تحرير ما تبقى من أراضي الجزيرة (في إشارة الى محافظة الحسكة) السورية وشرق الفرات من رجس الإرهابيين وتطهير ما تبقى من ريف دير الزور الشرقي». وبدأت «قسد» مساء الجمعة، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، عمليتها العسكرية هذه لطرد التنظيم مما تبقى من ريف الحسكة الجنوبي والتقدم في شرق دير الزور. وقال أبو خولة لوكالة فرانس برس: «بات التوجه الى دير الزور قراراً حتمياً»، مضيفاً: «نحن ذاهبون في الخطوة الأولى لتحرير شرق نهر الفرات في محافظة دير الزور». ويقطع نهر الفرات محافظة دير الزور الى قسمين شرقي وغربي. ويأتي إعلان «قوات سورية الديموقراطية» في وقت تخوض القوات النظامية السورية بدعم روسي عمليات عسكرية في ريف دير الزور الغربي تمكنت خلالها الثلثاء من كسر حصار «داعش» لمدينة دير الزور، مركز المحافظة. وأكد أبو خولة في هذا الصدد: «ليس لدينا تنسيق لا مع النظام ولا مع روسيا، لدينا تنسيق مع التحالف الدولي»، مشيراً الى تقدم قواته عشرات الكيلومترات بدعم جوي من التحالف الذي تقوده واشنطن. وتبرز المعارك للسيطرة على دير الزور أهمية المحافظة الغنية بالنفط والتي أصبحت مركز الحرب الدولية ضد التنظيم المتطرف، وهو ما يثير القلق من احتمال وقوع صدام في نهاية الأمر بين الجانبين. كما سيشكل السباق على الوصول الى الحدود العراقية درجات نفوذ القوى الإقليمية ويقرر ما إذا كان النفوذ الأكبر في هذه المنطقة الاستراتيجية سيكون للولايات المتحدة أم لروسيا وإيران بعد أن يكون تنظيم «داعش» قد هُزِم. وتدعم إيران الرئيس السوري بشار الأسد منذ بدء الأزمة في سورية في آذار (مارس) 2011 وأرسلت آلاف المقاتلين المدعومين منها للقتال ضد فصائل المعارضة المسلحة التي تقاتل النظام السوري. أما الولايات المتحدة فتتمتع بنفوذ في شمال شرق سورية حيث يساعد مئات الجنود والمستشارين الأميركيين «قوات سورية الديموقراطية» التي يشكل الأكراد معظمها، والتي تعتبر من أكثر القوى فاعليةً في محاربة «داعش». وتواجه «قسد» المدعومة أميركياً تحدي الوصول الى دير الزور، بينما هي تقاتل لتحرير الرقة من «داعش». وقد تمكنت القوات النظامية السورية والقوات المساندة لها المدعومة إيرانياً وروسياً في الأسابيع الأخيرة من فك الحصار على دير الزور والذي استمر ثلاث سنوات. وأعلنت القيادة العسكرية السورية في بيان أن دير الزور ستستخدَم منطلقاً لتحرير المناطق المحاذية للعراق من «داعش». وتضم المنطقة بعض أكبر حقول النفط التي تعد مصدراً مالياً حيوياً للدولة السورية. وأبدت واشنطن تصميماً على منع تشكل «معبر إيراني» ممتد من طهران الى دمشق، وهي تبقي نظرها مركزاً منذ شهور على المنطقة الواقعة جنوب شرق الرقة قرب الحدود العراقية. وتحتشد عناصر سورية مسلحة مدعومة أميركياً في التنف في جنوب شرقي سورية تمهيداً للتوجه نحو دير الزور، لكن خططهم تعرقلت في حزيران (يونيو) الفائت عندما وصلت القوات النظامية السورية الى الحدود مع العراق، وسدت بذلك طريقها. ويبدو الطريق الوحيد المفتوح الآن أمام «قسد» من محافظة الحسكة في شمال شرقي البلاد. ويقول مسؤولون في «قوات سورية الديموقراطية» إن توقيت حملة «عاصفة الجزيرة» لا علاقة له بوصول القوات النظامية الى دير الزور في وقت سابق من الأسبوع. وقال المسؤول السوري الكردي نواف الخليل الموجود في ألمانيا لكنه كثيراً ما يزور شمال سورية أن «دير الزور نقطة اتصال رئيسة ومنطقة جغرافية مهمة جداً». ويضيف أن معركة الرقة تتطلب الآن عدداً من المقاتلين أقل من العدد الذي كان مطلوباً في المراحل السابقة. وقال التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة في رسالة الكترونية الى وكالة «اسوشييتيد برس» أن قوات سورية الديموقراطية «ستقرر متى تكون الظروف مناسبة لبدء الحملة». وقال التحالف رداً على سؤال عن احتمال وقوع صدام بين «قسد» والقوات النظامية: «إننا نحض جميع القوات على تركيز جهودها ضد عدونا المشترك داعش». ورحبت واشنطن بحملة القوات النظامية ضد «داعش». ولكل من الولايات المتحدة وروسيا مصلحة في تجنب اشتباك بين «قسد» والقوات السورية ومن المحتمل ان تتفقا على استراتيجية تسمح للجانبين كليهما بالسيطرة على المحافظة الواسعة الأرجاء. والى جانب معركة دير الزور، تخوض «قسد» منذ السادس من حزيران (يونيو) معارك عنيفة داخل مدينة الرقة، معقل تنظيم «داعش» في سورية، وباتت تسيطر على نحو 65 في المئة منها.
مشاركة :