الرجل لا يقبل القسمة على أربع بقلم: رابعة الختام

  • 9/11/2017
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

الرجل لا يستطيع توزيع أسراره على آذان النساء حتى وإن كن زوجاته، الرجل نفسه يحب ويرتاح لامرأة واحدة، ويبث همومه وشكواه لأذن امرأة واحدة.العرب رابعة الختام [نُشر في 2017/09/11، العدد: 10748، ص(21)] المرأة هي من يشتكي من وجع التعدد، دائما بوصفها الحلقة الأضعف في معادلة الزواج، لكن أن يبثني الشكوى رجل فلا بد أن تستوقفني كلماته المشحونة بالتشتت، معجونة بوجع يحمل من التساؤلات عن أسبابه التي ألقته في هذا المصير، أنين مبحوح يتوزع بين نبرات صوته وروحه وهو يحكي عن تجربته الفريدة في تعدد الزوجات. ولأول مرة أجد رجلا يتحول من مدافع عن التعدد مجربا له في السر ثم مجاهرا، أقنع زوجته الأولى بعد محاولات بتقبل الفكرة أو حتى التعامل مع الأمر الواقع مجبرة إلى معذب باختياره لا يهنأ ولا يستقر على وضع. مهندس شاب تجمعني به صلة قرابة، منذ عامين ناقشني في التعدد، وحقه فيه، وأنه أصل الشرع الذي حلل له أربع نساء يداعبن رجولته، ويخرجنه من كبته على حد وصفه، طال بنا النقاش وسار في عدة اتجاهات، لكنني أنهيته غيظا بمقولة تغلق عليه كافة الأبواب “أنت صح”، وعاد منذ فترة وجيزة يتحدث عن زيجته الثانية، ومدى دلعه وتدليله على يد شابة حسناء لا هم لها سوى راحته وهنائه. زعم أنه تزوج لإثارة غيرة زوجة أربعينية لا يمل من وصفها بأنها “نسيت أنه رجل”، كما نسيت أنوثتها، تحملت من أجله الكثير فكانت عمود البيت حينما كانت تفرض ظروف عمله أن يغيب عنها لفترات طويلة وإقامة قصيرة لعدة أيام في حضنها. امرأة سكنت بيته ويبدو أنها لم تسكن قلبه، أراد تغيير حياته مع عروس شابة، تضخ دما جديدا دافئا في عروقه، عاشا عاما كاملا من السعادة والهناء الذائب في أيامه التي تقطر عسلا برائحة الفرح. وسرعان ما تبخرت السعادة، وتحولت العروس الجميلة شبيهة بالزوجة الأولى، امرأة اعتاد الزوج رائحتها وألف مذاق عسلها. قابلته في جلسة عائلية، سألته “كيف أحوال هارون الرشيد؟” بتنهيدة حارقة لعن يومه التعيس الذي أخذ فيه قرار التعدد، فالأمر يظل سهلا ما دام لا يدخل في إطار التنفيذ لكن حين تصبح الزوجة الثانية فإن الخاسر الأكبر هو الرجل. ووصف حاله في ظل الزواج الثاني بأنه أصبح مقسوما على اثنين؛ كلتاهما تمزقه كيفما شاءت، فالزوجة الأولى التي كانت تضحي وتنفق من مالها الخاص حفاظا عليه وعلى بيتها، باتت تبخل بكل شيء، مقتنعة بأن ما توفره لن يعود عليها وعلى أبنائها وإنما سيصب في مصلحة زوجة أخرى قضمت سعادتها، وشاركتها حضن زوجها، تحولت بزاوية 180 درجة كاملة. قال لي ساخرا “أنا الوحيد ضحية التعدد، فكلتا المرأتين تأخذان ما أرادتا، وتحولت معهما إلى ماكينة صراف آلي، مجرد بنك، أما السعادة التي كنت أنشدها فلم أهنأ بها إلا في الأشهر الأولى، اكتشفت بعد فترة وجيزة أني لا أقبل القسمة إلا على الواحد الصحيح، وأي رقم آخر يضاف إليه يشطرني ويذهب براحتي مشتتا بين امرأتين وبيتين وحياة مقسمة”. من وجهة نظري، إن الرجل نفسه يعذب بالتعدد إذا جفا العدل أفعاله، ويعذب حين يفقد دفء البيت والزوجة المحبة، فالرجل لا يستطيع توزيع أسراره على آذان النساء حتى وإن كن زوجاته، الرجل نفسه يحب ويرتاح لامرأة واحدة، ويبث همومه وشكواه لأذن امرأة واحدة، وإن صدقت مشاعره فإن امرأة واحدة تكفي، ولا يقبل القسمة على أربع نساء. كاتبة مصريةرابعة الختام

مشاركة :