أفغانستان تنفض غبار طالبان عن أفلام قديمة

  • 9/11/2017
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

كابول - عاش حبيب الله علي لحظات جزع كبير عندما طرق مقاتلو طالبان أبواب المركز الأفغاني للسينما في التسعينات... فقد أخفى هذا الموظف آلاف بكرات الأفلام المحظورة إبان الحكم المتشدد لهذه الحركة في افغانستان. ويروي حبيب الله "لم نكن نظن أننا سنخرج سالمين يومذاك. لو اكتشفوا اننا نخفي افلاما لكانوا قتلونا". وتخضع هذه الأفلام التي أنقذت بصعوبة لعملية تحويل رقمي بهدف عرضها للعموم. وقد منعت حركة طالبان المتشددة جدا كل ضروب الترفيه بما في ذلك الموسيقى. وخلال حكمها بين العامين 1996 و2001، أقفلت قاعات السينما وتم تحطيم أجهزة التلفزيون. غير أن علي وزملاءه نجحوا في إخفاء حوالي سبعة آلاف فيلم ثمين خبأها في مكاتب المعهد في كابول عن الحركة. ويقول الرجل الستيني الذي يعمل في هذه المؤسسة العامة منذ 36 سنة "كنا نرتعد خوفا، لكننا نجحنا والحمد لله في انقاذ الأفلام وهذه الثقافة لا تزال حية". وبعد عقدين، لا تزال هذه البكرات وعليها خصوصا أفلام منسية وصور قديمة لأفغانستان قبل غرقها في دوامة العنف، في طور التحويل الرقمي. وسينفض المشروع الغبار عن أفلام أفغانية شعبية للغاية تصور قصص حب وتكشف جوانب منسية من تاريخ البلاد للجيل الشاب الذي لم يعرف سوى العنف على ما يأمل المروجون له. أسقف مستعارة عملية التحويل الرقمي للأفلام التي تمتد على عشرات آلاف الساعات في المجموع، تحصل بتنسيق من المدير العام للمعهد محمد ابراهيم عريفي. ويروي عريفي أن "البكرات كانت مخبأة في علب تحمل اسماء أفلام هندية أو غربية أو في براميل مدفونة تحت الأرض". ويضيف "كثير منها كانت مخزنة في غرف معزولة بجدران من الطوب أو بأسقف مستعارة. لقد استخدموا شتى أنواع الحيل". وتشمل الأعمال المحفوظة 32 ألف ساعة من الأفلام بنسق 16 ميليمترا و8 آلاف ساعة من الأفلام بنسق 35 ميليمترا، غير أن عمليات التصنيف لا تزال قيد الإنجاز. ويساهم أفراد من خلال جلبهم أفلاما أخفوها بدورهم خلال حكم طالبان. ويلفت عريفي مؤشرا بيده إلى الرفوف التي تتكدس عليها العلب المعدنية "لا يمكنني الجزم بما إذا كنا سنحصل في نهاية المطاف على 50 ألف ساعة أو مئة ألف". وتستغرق عملية التحويل الرقمي وقتا طويلا إذ يتعين في بادئ الأمر تنظيف البكرات لإزالة الغبار عنها ومحو الخدوش. بعدها يعرض الفيلم ويتم تدوين اسم العمل ومخرجه ورقم البكرة ليتم بعدها تصنيف الفيلم ضمن فئة الخيال أو الأعمال الوثائقية. ويصار بعد ذلك لوضع الفيلم في آلة تعمد إلى التحويل الرقمي لقطة بلقطة. ويوضح فايز لطفي وهو موظف في السابعة والعشرين من العمر "اذا كان الفيلم طويلا، قد تستغرق العملية أربعة أبام. أما اذا كانت الصور حديثة فالأمر قد يتطلب يوما واحدا". وتم إطلاق المشروع هذه السنة ويأمل عريفي في الانتهاء منه خلال عامين. ويقول "نحن فخورون جدا بما نفعله لأننا نعيد إحياء الثقافة الزائلة لأفغانستان من خلال التحويل الرقمي لتاريخها البصري". عروض في القرى وكان للأفلام الأفغانية التي أنتجت في السبعينيات بتمويل من الدولة شعبية كبيرة في البلاد. وتناولت هذه الأعمال التي صورت باللغتين الفارسية والبشتو مواضيع مختلفة عن الحب والثقافة والصداقة. وتغطي صور الأفلام الوثائقية الفترة الممتدة من عشرينات القرن الماضي إلى السبعينات قبل الغزو السوفياتي والحرب الأهلية وحكم طالبان والإطاحة بنظامها اثر الغزو الدولي بقيادة الولايات المتحدة العام 2001 ودوامة العنف المستمرة مذاك. واستضافت السفارة الأميركية في كابول أخيرا معرض صور قديمة عن افغانستان خلال مراحل ازدهار البلاد بعيدا عن الدمار والموت اللذين يخيمان على البلاد راهنا. وتظهر هذه الصور عائلات في رحلات فرحة في الطبيعة في منتزهات العاصمة ونساء بتنانير قصيرة من دون آثار للجدران الاسمنتية المضادة للانفجارات المنتشرة في كل ارجاء المدينة اليوم. ويقول عارف احمدي البالغ 34 عاما بعد حضوره العرض "لقد تأثرت لرؤية هذه الصور لأني لا أحفظ سوى ذكريات سيئة عن بلدي. لم تتسن لي فرصة عيش تلك المرحلة". ويضيف بأسف "الناس في البلدان الأخرى يمضون قدما فيما تاريخنا يثبت أننا في تراجع مستمر". ويأمل المعهد في أن تثير الأفلام القديمة اهتمام المسؤولين عن بث الأفلام. وتعتزم مجموعة إعلامية خاصة أيضا انشاء قناة عبر الانترنت لهذه الأعمال. كذلك يسعى المعرض لتنظيم عروض في قرى معزولة يفتقر سكانها لقدرة الوصول إلى التلفزيون أو الانترنت على رغم مخاطر مثل هذه التنقلات في بلد لا يزال يخضع بدرجة كبيرة لسيطرة المتمردين. وتذكر الأفلام الجيل القديم بماض مجيد لا يشبه البتة الواقع الحالي فيما قد تبعث لدى الشباب الأمل في المستقبل. ويقول عريفي "سنجازف بالذهاب إلى أرجاء البلاد كلها. نريد لأطفالنا أن يعرفوا كيف كان يعيش الأفغان في الماضي".

مشاركة :