الفنّ والسياسة... علاقة جدلية أم دعائية؟

  • 9/12/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

«هو حنو وعطاء وتكامل وامتزاج... هذا الأب، هذا الربّان الجدير بهذا الاسم، الراقي الإنساني في كل المحافل الدولية نطلب من رب العالمين أن يستجيب لنا ونحن ندعو له...». هل من الممكن أن يُوجّه كلام كهذا لرئيس الجمهورية الفرنسية مثلا من إحدى الشاشات الفرنسية الرسمية المملوكة للدولة، أو لملكة انكلترا أو للمستشارة الألمانية...؟ لا بالتأكيد، ليس لأن «نطلب من رب العالمين...» واردة فيه، وهي عبارة لا ترد في في فرنسا على الأقل، ولا لأنه أمر مستحيل الحدوث حتى في البرامج الفكاهية التي تسخر من السياسيين والتي تورد عبارات كهذه في موضع الهزء، بل بكل بساطة لأن أقوال كتلك لا يمكن لها أن تخطر على بال معدّي البرامج التلفزيونية. أقوال كهذه ستبدو غريبة إن نطق بها أحد من خارج حملة انتخابية. قد يتغاضى المرء عن برامج دعائية متخصصة بمديح هذا السياسي أو ذاك، ويهملها بمجرد أن يراها على إحدى المحطات التابعة له . إنما حين يباغتنا مذيع لبناني في برنامج ترفيهي من نوع «التوك شو» في إلقاء قصيدة مادحة لسياسي معين، أو تنشط ممثلة مصرية في مديح رئيسها والدعاء لله بأن يحفظه لمصر كي يكمل المسيرة، فيما هي تتحدث عن أدوارها فهذا ما يثير العجب والسخرية. ويزيد هؤلاء الطين بلة، حين يضيفون تأكيدات من نوع أنهم لا يحبون المجاملة في العادة وبعيدون منها تماماً وأن الصدق والإخلاص والحب وحدها هي الداوافع. وما يهم المتفرج من دعواتهم الكريمة سواء أكانت صادقة أم لا؟ ألن يكفوا عن هذا التعامل الساذج مع المتفرج؟ بعض «الفنانين»، وثمة تحفظ هنا على وصف هؤلاء بالفنانين، لنقل بعض الممثلين والممثلات بخاصة يبرزون بأقوالهم أكثر من أفعالهم، بمعنى أن ظهورهم يقتصر على مدائحهم «الصادقة» وليس على أعمالهم «الفنية». ثمة أيضاً من لا يفوّت فرصة ظهوره في أحد البرامج الفنية للإشارة مثلاً إلى «كرم» الرئيس الذي يسبغه عليهم. ولماذا يعتبرون أن ما يحصل لهم هو نتيجة تدخل مباشر من راعي الدولة؟ وليس نتيجة لقوانين ومؤسسات تصون حقوقهم؟ للفنان رأيه السياسي كأي فرد آخر ومن حقه دعم من يشاء، ولكن أن يتحدثوا بهذه الطريقة «الممالئة» عن «بطلهم السياسي» في برنامج فني أو ترفيهي فهذا مما لا يستساغ إطلاقاً. لو حصل هذا في بلد كفرنسا مثلاً لكانوا مثار سخرية الجميع والإعلام والصحافة لأيام... وربما لأكثر. لحسن الحظ كتبوا في أحد البرامج على إحدى المحطات اللبنانية تحت اسم أحدهم أنه «ممثل سوري»، وإلا من كان يجهل هذه الشخصية وهو يسمع خطابها لاعتقد نتيجة خطابه الهوسي بزعيم دولته أنّه أحد العاملين في حملته الانتخابية.

مشاركة :