لم يكن أحد يتخيل اقتراب اليوم الذي يتحول فيه الخيال إلى حقيقة وأن السيارات ذاتية القيادة التي لم تر سوى في أفلام السينما من عشرات السنين قاب قوسين أو أدنى من أن تصبح واقعا خلال سنوات قليلة، خاصة مع التطور الكبير الذي شهده قطاع صناعة الروبوت والمدن الذكية.فالطموح التقني للارتقاء بشبكات الطرق التي نستخدمها بات أمرا واقعا، ولا سيما مع طرح نماذج وتصاميم السيارات الطائرة وذاتية القيادة فائقة الأداء التي بدأت بالظهور أخيرا، فقد بدأت الشركات فعليا بصنع نماذج أولية لهذا النوع من المركبات استعدادا للمستقبل إلا أن هذا الأمر كغيره يواجه تحديات عديدة أخطرها هو تأمين هذه السيارات المعتمدة على تقنيات الذكاء الصناعي والروبوت التي تعد في الأصل أحد فروع تقنيات المعلومات، حيث أشارت شركة إف 5 نتوركس أن أبرز التحديات التي تواجه صناعة السيارات ذاتية القيادة هو الأمن الإلكتروني، فالمخاطر المتنامية المرتبطة بالسيارات المتصلة بالإنترنت وبالشبكات الخلوية باتت واضحة وحساسة، فقد يتسبب أحد قراصنة الإنترنت الذين يتمكنون من اختراق الشبكة والوصول إلى السيارة بمخاطر جمة، ومنها التحكم عن بعد بخصائص الأمان المهمة. ورغم أننا لم نشهد حتى الآن هجوما خطيرا واسع النطاق في هذا المجال، إلا أن قراصنة "القبعات البيضاء" سيطروا على أحد السيارات المتطورة عن بعد، وقطعوا اتصالها بالشبكة في عام 2015.وكان هناك تركيز كبير على ضرورة ضمان أمن الركاب في هذه السيارات، وذلك من خلال إيلاء مسائل الأمان أولوية قصوى، بدءا من مرحلة التصميم، وعلى امتداد مرحلة الإنتاج. إلا أن معالجة المشكلة بهذه الطريقة يأتي من زاوية واحدة فقط، حيث يتعين أيضا اتخاذ خطوات ملموسة من أجل حماية البنية التحتية الذكية، والمنظومة المتنامية من التطبيقات المتكاملة والمعقدة.وذكرت شركة إف5 نتوركس أنه بطبيعة الحال، سترتبط سيارات المستقبل بالمدن الذكية، إلا أن بنيتنا التحتية وبكل بساطة ليست قوية بما فيه الكفاية لإدارة وحماية البيانات المرتبطة بتقنيات إنترنت الأشياء في السيارة.كما ستصبح الابتكارات في مجال البنى التحتية أمرا ضروريا وملحا من أجل تمكين الاتصال بين المركبات والأماكن التي يتنقلون فيها، حيث سيتم جمع وتحليل البيانات على نطاق واسع، ما سيتيح الحد من انبعاثات الكربون، وتخفيف الاختناقات المرورية، وتوفير طرق أكثر أمانا. وفقًا لهذا التوجه، من الأرجح أن تصبح اتصالات الشبكة هدفًا للقراصنة الذين يتطلعون إلى التسبب بالإزعاج والضرر، لذا من المهم النظر إلى أمن البنية التحتية كأولوية عاجلة وفوريةً. ومن الجلي ظهور نقاط حدودية مهمة ما بين شركات تصنيع السيارات، وأنظمة البنية التحتية للمدينة، وشركات توريد خدمات الربط الشبكي التي تربط جميع هذه الأنظمة المختلفة معا. وهنا تبرز الأهمية القصوى والملحة لضرورة وجود مستوى أمني قوي، حيث من المرجح أن تصبح هذه الجهات الأهداف الرئيسية للمهاجمين.وبالتزامن مع نمو المدن لتصبح أكثر ذكاء، وتقدم تكنولوجيا السيارات بوتيرة متسارعة، ستحتوي السيارات، وعلى نحو متزايد، على مجموعة من التطبيقات المتصلة بالمحيط من خلال البيانات الكبيرة وتقنيات إنترنت الأشياء. وبالفعل، تشير توقعات شركة "جي إس إم أي" إلى أن السيارة ستحتوي على أكثر التطبيقات ارتباطا بالشبكة بحلول عام 2020، كما أن نتائج التقارير الصادرة عن مؤسسة جارتنر للدراسات والأبحاث تشير بدورها إلى أن عدد المركبات التي ستكون مرتبطة بالشبكة، ومجهزة بشكل كامل بتقنيات الاستشعار، سيبلغ 250 مليون مركبة.وفي الوقت ذاته ستتمكن الشركات، التي تعمل على دمج تقنيات إنترنت الأشياء ضمن أنظمتها الخاصة بتقنية المعلومات، من أتمتة العمليات التجارية، والارتقاء بمستوى الربط الشبكي لدرجة تمكنهم من تتبع السلع، ومراقبة درجات حرارة حفظ المواد الغذائية، وتحليل مستوى مهارات السائق. وسيتمكن السائقون بدورهم قريبا من دفع رسوم العبور، أو رسوم القيادة ضمن أوقات الازدحام، عبر مركباتهم من خلال الإنترنت، ومشاركة معلوماتهم الشخصية بطريقة غير مسبوقة.كما أن هناك إمكانات واعدة وهائلة للشركات من شأنها تعزيز أدائها، وتحسين مستوى تجربة العملاء، رغم أن مزايا وخصائص الأمان ستكون مفتاح التميز في سلوك شراء المستهلكين للسيارات المرتبطة بالشبكة في المستقبل. وستكتسب شركات السيارات التي ستتبنى مفهوم المنصات المعتمدة والآمنة ثقة المستهلك، وذلك في ظل مسيرة تطور هذه الصناعة نحو تحقيق مبادئ القيادة ذاتية القيادة بشكل كامل.مع انطلاقة تجارب السيارات بدون سائق على الطرق السريعة في المملكة المتحدة بحلول عام 2019، سيصبح العالم على مقربة من تحقيق هذا المفهوم ليصبح حقيقة واقعة. ومع ذلك، هناك حجم هائل من العمل الواجب تحقيقه من أجل ربط، وحماية، واستثمار الجيل القادم من السيارات المرتبطة بالشبكة. ولطالما شكل عنصر الأمان فكرة لاحقة عند تصميم حلول السيارات المرتبطة بالشبكة. وبالتالي، كي تصبح السيارات ذاتية التحكم حجر الزاوية في عالمنا الكبير المتصل بالشبكات، ينبغي على الشركات المصنعة إدراج الحلول الأمنية القوية على امتداد دورة الإنتاج، وذلك من أجل ضمان تحقيق الهدف الذي نسعى إليه، والمتمثل بإيجاد مجتمع أكثر سرعة، وذكاء، وأمانا.Image: category: اتصالات وتقنيةAuthor: «الاقتصادية» من الخبرpublication date: الثلاثاء, سبتمبر 12, 2017 - 03:00
مشاركة :