مع احترامي لحرف «الراء» - مقالات

  • 9/13/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

كل من حولي وأنا حولهم يعرفون أنني لا أحب السفر، رغم أن السفر جزء صغير من هويتنا الكبيرة التي تشكلت بالرحلة والترحال في البحر والبر... نحن شعب السهل الكبير المنحدر دائماً من الغرب إلى البحر نعشق السفر. كل من عاشوا على أرض الكويت يوماً، كانوا قادمين من سفر. ومن عاشوا على أرضها عاشوا بالسفر... الكويت رحلة سفر في البحر والبر والتطلع إلى السماء، يحمل فيها المسافر معه المعنى والسلالة والغيب. يرحلون للحلم واليابسة عبر الأشرعة والقوافل ويعودون للواقع ممتلئين بمقارنات تسفر عن معنى السفر. هكذا كان السفر، وهكذا حولوا الكويت من واقع ينطلقون منه إلى حلم يأملونه، فأصبحت الكويت الصغيرة التي قد لا يستدل عليها في بعض مقاييس رسم الخرائط، يستدل عليها بالقلوب. السفر اليوم يأخذ شكلاً آخر لا أحبه، رغم أنني أفهم أهميته كجزء من الهوية. كما أنني أفهم تماماً أن هناك أكثر من 22 نوعاً للسياحة والسفر، قد لا يناسبني منها 21 نوعاً ويناسبني منها شكل واحد. ولكنني كنت أتساءل عما إذا أمكننا أن نعيد السفر إلى معناه الذي بنانا يوماً، وأن نعيد لحرف «الراء» كرامته التي هدرت حتى بات مستحياً من الظهور في الظهور. فـ «راء» السفر، هي راء الامتداد والأثر، والبحر والبر، والصبر والسور، والقمر والسمر. صدقني عزيزي القارئ، لا علاقة للبرميل النفطي بحب الكويتيين للسفر. فمنذ القدم يسافرون لكي يكتشفوا أيضاً أنهم يحبون هذا الوطن أكثر مما كانوا يعرفون. فيظهر السور والبئر كعلامة عمرانية على أنهم مستعدون للحياة وللرحلة، ومن البر والبحر يظهر وطن النهار، ذلك الوطن الذي يسكن حرف الراء ويستكين له... مع المعذرة لكشف سر «الراء». نحب الطير في السماء على خلفية الشمس الغائمة... ولكننا نحب القمر أكثر، فظهرت العتبة الأمامية والديوانية وخيمة كبيرة عمودها في الأرض لتقابل السماء، لأننا نحب السمر على ضوء القمر المستعار ونتأمل بدهشة كيف قدره الله منازله وشكل التحرر التدريجي الحكيم من الهلال إلى البدر في رحلة سفر تشبه وعينا الجمعي، وتوارث السلالة فينا. نحب حرف الراء كما لم يحبه أحد. ولكن السفر اليوم لم يعد يسفر عن شيء سوى مقارنات تشعرنا بالهزيمة والترفيه، فيتحول السفر إلى غصة في حلق العائد، أو خيال جامح في عقل الهارب! فهل من الممكن أن نستثمر في السفر؟ أيتها السلالة القديمة في الكويت... كيف كنتم تسافرون؟ كاتب كويتي moh1alatwan@

مشاركة :