يعدّ الرسام أمين الباشا من الشخصيات الفنية البارزة في المشهد الفني اللبناني. وقد عشق مدينة بيروت إلى حدّ الولع، فارتبط اسمه بها لتصبح الأسطورة التي واكبته في تنقلاته وأسفاره خارجها، وتشبّع خياله بمشاهد منها، فحفرت في ذاكرته، والذي كان يرافق والده في مشاويره حول المدينة وعلى شاطئ البحر.ومن هذا المنطلق تكرّم بيروت ابنها المولود فيها (عام 1932) من خلال معرض فني يتضمن نحو 40 لوحة ويحمل عنوان «مقطوعات وألوان». هذا المعرض الذي يفتتح غداً (14 الجاري) ليستمر حتى منتصف مارس (آذار) المقبل في متحف سرسق سيكون بمثابة البوابة الثقافية التي يفتحها المتحف المذكور أمام روّاده ليكون الأول ضمن سلسلة من المعارض التي ستكرّم على التواليرسّامين من لبنان.«المعرض هو بمثابة رحلة سيقوم بها زائره في مسار أمين الباشا منذ بداياته في الستينات حتى عام 2013». تقول أنجلينا الباشا زوجة الفنان اللبناني لـ«الشرق الأوسط». وتضيف: «سيغوص في خيال أمين الباشا ويتعرّف إلى فنّه عن قرب، هو الذي يمثّل له الرسم مادة الأوكسجين التي يتنشّقها والتي لولاه لاختنق».4 موضوعات رئيسية تتجلّى في أعمال أمين الباشا المعروضة في متحف سرسق لغاية 12 مارس المقبل، وتتمحور حول الفن التجريدي والمناظر الطبيعية والخيال (فانتاستيك) والدين. فترصد تحولات مساره الفني التصاعدي من مناخات التجريد وعتبات التعبير المتحررة إلى جمالية الألوان المرتجلة التي أسس فيها لعالم تشكيلي متناغم.توضح أنجلينا الباشا: «هو ابن المدينة ولعلّ عشقه لبيروت دفعه لاكتشاف مدن أخرى كثيرة وبسهولة تامة، بحيث كان في استطاعته أن يستوعب مشاهدها ومعالمها بفترة قصيرة لا يجيدها كثيرون».«خرابة قرطبا» و«العشاء السري» و«الأوركسترا» و«العشاء الحميمي» و«الحصان الخشبي»، هي بعض العناوين التي تحملها لوحات أمين الباشا في معرض «مقطوعات وألوان». «لقد تأثّر بالثقافات الشرقية إلى أبعد حدود فكانت منبعا لأفكاره الفنية. وإذا ما سأله أحدهم يوما كيف تستوحي أفكارك وممن؟ يردّ بسرعة: الوحي سيزورك دون شكّ وأنت تعمل».وحسب أنجلينا الزوجة التي رافقته على مدى 52 عاما، فإن أمين الباشا لم يكن يتخلى يوما عن دفتره وقلمه وأدواته، وأينما جلس كانت الرسوم صديقته. ولذلك نجد لوحاته غنية بشتى المواضيع بحيث لا نستطيع حصرها بعناوين معينة.تلقى أمين الباشا دروسه في الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة، لينتقل بعدها إلى المعهد العالي للفنون الجميلة وأكاديمية «دي لا غراند تشوميير» في باريس.وبين رسوم الأكواريل وأخرى تأخذنا إلى فنّ الرسم الحديث تحت عنوان «اللانهاية»، إضافة إلى الفن التجريدي الذي غاص في حناياه وغبّ منه روحية فنية جديدة، سيتعرّف زائر هذا المعرض إلى رسوم أمين الباشا التي خاطب بها الطفولة وأخرى مرّ بها على حقبة الحرب اللبنانية وكذلك على بيروت السلام «ست الدنيا».«هو معرض صغير إلى حدّ ما ولكنه يوجز سيرة حياة وشغف موهبة وحبّ بيروت»، تختم زوجته أنجيلا حديثها مشيرة إلى أن زوجها فنان حقيقي قد لا يتكرر، وبأنها تعتزّ بواحدة من لوحاته فتتأملها لساعات دون ملل ألا وهي «العشاء السري».
مشاركة :