عاطف الغمري يميل الدارسون للظاهرة الإرهابية في العالم، إلى البحث فيما سموه سيكولوجية العقل الإرهابي، الذي يصفه بعضهم بتعبير (The Jihadi State of Mind)، خاصة بعد أن صار الإرهاب أداة من أدوات حزب الجيل الرابع. وبعض هذه الدراسات راحت تستطلع سيكولوجية الإرهابي، وفهم عقليته، والدوافع التي نقلته من كونه فرداً عادياً في مجتمعه، إلى الانتماء لجماعة ترفض المجتمع وتعاديه، وتبيح دمه، وتعلن الحرب عليه، فضلاً عن تصنيف العالم، على أنه منقسم إلى «نحن»، و«هم». حسب خط العداء الذي رسموه ليفصل بينهم وبين غيرهم أياً كانوا. عالمة النفس ديبرا جالفين في كتابها «The Terrorist Psychology» ترى أن المنظمة الإرهابية تماثل تماماً، الطائفة «Sect» أو «Cult»، التي تتقوقع داخل عقيدة دينية تخصها ومن بنات أفكارها هي، وتفرض على أعضائها التزاماً دقيقاً نحو قادتها، وتحرم العلاقات مع غير الأعضاء، اتباعاً لمنهج التوحد في المشاعر والأفكار. وبالرغم من أن بعض الدراسات، ومنها ما انتهى إليه العالم الأمريكي ديفيد هوارد، في دراسته بعنوان: «المختطفون» من أن هؤلاء يعدون مرضى مهتزين نفسياً، حتى وإن لم يظهر عليهم ذلك. بدليل أن استخدام العنف المفرط، يعد جاذباً لأفراده. ومن جانب آخر، أعد عالم النفس د. مارك سيجان، دراسة عن سيكولوجية الإرهاب، معتمداً على 18 مرجعاً علمياً، معتبراً أن الإرهابي مدفوع في سلوكه، الذي يعد منشقاً عن سلوكيات الإنسان الطبيعي، وعن الفطرة الإنسانية. واعتمد واضعو هذه الدراسة على لقاءات مع نوعيات من الإرهابيين، بعضهم انفصلوا عن منظماتهم. وأنهم مدفوعون في تصرفاتهم بلا ضابط، وعدوانيون بطبيعتهم ولديهم نهم للإثارة، وهم يسعون وراء هذه الإثارة في أي صورة كانت، وتحتويهم نزعة الانعزال حتى عن أسرهم. ولا تجد لديهم ولاء نحو آبائهم، ويصبحون أكثر ارتباطاً بأفراد غرباء عنهم، يشعرونهم بأنهم أشخاص ذوو أهمية. الدراسة النفسية وجدت أن الإرهابيين مصابون باضطراب في الشخصية، مرجعه إلى جنون العظمة، وتتفاعل داخلهم مكونات مختلطة ببعضها، من الإحباط، وخيبة الأمل، وشعور كامل بأن لا شيء في حياتهم يسبب لهم الرضا. والخلاصة أنه شخص تمت إعادة تشكيل عقليته، باستغلال نقاط ضعف كامنة فيه، وتم تحويله من شخص طبيعي إلى قاتل. ويتم تدريبه بطريقة تنزع عنه الفطرة الإنسانية، والقيم الدينية الصحيحة. وبهذه الطريقة يصبح عقله مثل كتلة صماء من التفكير المتحجر، الذي انتزعت منه مشاعره الإنسانية، والولاء الطبيعي لوطنه ومجتمعه، وأحياناً نحو عائلته ووالديه. بعض الدراسات الأخرى اتفقت على أن معظم الإرهابيين ليسوا مرضى بالمعنى التقليدي (Pathological)، أو مصابين بأمراض عقلية. عندئذ اتجه علماء هذه الدراسات إلى تكثيف جهودهم في دراسة الدين الإسلامي نفسه، وفي النهاية خرجوا بآراء مختلفة في تشخيص الفرد الإرهابي، تحدث عنها بعضهم مثل البروفسور ماكس إبرامز خبير الإرهاب بالجامعات الأمريكية، قال: لقد وجدنا أن الذين ينضمون إلى الجماعات الإرهابية مثل «داعش»، هم الأكثر جهلاً بالدين الذي يتحدثون باسمه، ولو أجريت لهم أبسط الاختبارات عن الإسلام، فسوف يرسبون فيها وأن الجهل بالإسلام الحقيقي هو الدافع وراء انضمام أوروبيين ل«داعش» وغيرها. وبالنسبة لباحثين آخرين ممن ركزوا على ظاهرة تحول الشخص العادي إلى إرهابي، ومنهم عالم النفس كلارك مكلوي فهو يرى أن الإرهاب هو حرب الضعيف، فهو شخص غير قادر على جذب قطاعات من الجماهير بالحجة، فيلجأ إلى العنف المبالغ فيه، وهو يقنع نفسه أولاً - قبل غيره - بأنه يفعل ذلك من أجل الدين، الذي تصل معرفته به إلى درجة متدنية، وبالغة السطحية.
مشاركة :