الجزيرة العربية هي مهد أسلاف السلالة الإبراهيمية بقلم الكاتبة / فوزية حنوني الجابري لاشك أن البحث في الجذور التاريخية للحضارات السامية المنطلقة من جزيرة العرب مطلب حضاري و واجب على أبناء هذه البقعة المباركة من الأرض التي إختارها الله واصطفاها لتكون مركز النور والإشعاع الحضاري العالمي ومهد الرسالات السماوية عبر التاريخ كما اختصها وشرفها واختارها لتكون محضن الرسالة السماوية الخاتمة والمطلع على الساحة العلمية التاريخية يجد العديد من الدراسات التى تناولت موضوع مواطن الساميين وهجراتهم بالبحث والدراسة والتنقيب ومن ضمن هذه الأبحاث العلمية القيمة دراسة بحثية قيمة قام بها العلامة سايس الإنجليزي حيث ذهب في دراسته البحثية إلى (ان قبيلة من الساميين يقال لها كلده كانت نازلة عند مصب النهرين وأنها طليعة قبائل النبط الآراميين الذين نزحوا من شمال بلاد العرب ونزلوا القطر البابلي محتمين على ضفاف الفرات وأنهم كانوا يتكلمون اللغة الكلداية.) ويضيف العلامة سايس (( إن قوم سيدنا إبراهيم عليه السلام إنما هاجر أسلافهم الأولون إلى العراق من بلاد أخرى وهي البلاد العربية وأن هجرتهم طليعة هجرات أخرى حدثت بعدها من بلاد العرب أيضا وقد كانت تلك الهجرات إلى العراق قديمة العهد جداً ) (ويرى المؤرخ بانون) أنها ترجع إلى أكثر من ستة وثلاثين قرناً ق.م. ثم قال أيضا. وقد ثبت أن العرب كانوا يفدون على ممكله بابل بلا انقطاع طول مدة الدول السبع الكلدية التي تعاقبت قبل مملكة آثور(آشور) وكان هؤلاء العرب من عوامل تحديد الحياة الأخلاقية و السياسية فيما بين النهرين .وكانت هجرتهم بطيئة أحياناً وأحيانا تتدفق كالسيل لحادث فجائي، فأما الهجرات البطيئة،فإنها ما برحت مستمرة من أقدم الأزمان حتى هذه الساعة وأما تدفقها كالسيل في الحواث الكبرى فقد حفظت لنا الآثار والتقاليد بعض أخبارها وغاب عنا كثير منها.) (وذهب سبر، ثجر وسديدر، وونكر الألمانيون، ورو براتشر سميث الإنجليزي أن مهد الساميين (جزيرة العرب)، ومنها تفرقوا في الأرض كما تفرقوا في صدر الإسلام ولهؤلاء أدلة اجتماعية، ولغوية وأخرى أخلاقية ) (ويؤكد الباحثون في أصول الشرق الأدنى أن أسلاف هذه الموجات كانوا يتمتعون في الأصل بحضارة عريقة قديمة. في الطرف الجنوبي من جزيرة العرب،وكانت بلادهم في تلك الأزمان عامرة بأنهارها دائمة الجريان وبأمطارها دائمة التهطال إلا أنها تعرضت إلى تغيرات مناخيه وجيموفولوجية في نهاية العصر الجليدي الأخير في حدود سنة 20000ق.م. الأمر الذي أدى إلى انحباس الأمطار واندثار الأنهار فأخذ الجفاف ينتشر منذ ذلك الحين في النطاق الصحراوي الحالي هنالك رأي علمي أخر أثبتته الأقمار الاصطناعية يفيد أن اليمن والجزيرة العربية ككل كانت تتمتع بمناخ خصب بين الألفية السابعة، والثالثة عشرة ق.م. مما اضطر الإنسان إلى الهجرة باتجاه أماكن ذات موارد طبيعية دائمة فكان أن توصل هؤلاء السكان إلى شمال الجزيرة، ومنها أخذوا يتوزعون على الشمال في موجات متعاقبة في المناطق الشرقية، والشمالية الغربية من بلادهم فمنهم من توجه شرقاً نحو وادي الرافدين ومنهم من استقر في فلسطين وسورية ولبنان وهناك من توجه نحو شبه جزيرة سيناء وأطراف وادي النيل وبقية شمال إفريقيا. وهكذا تكون وطننا العربي الكبير من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي في التاريخ القديم. ) (ويسهم الدكتور فيليب حتى ورفيقاه في موضوع الساميين (المهد والانسياب منه) هكذا: ليس بين كل البلاد التي تضاهي جزيرة العرب مساحة أو بين كل الشعوب التي تناهز العرب في الأهمية التاريخية والمكانة العالمية بلد أو شعب ناله من إهمال الباحثين في العصور الحديثة ما نال الجزيرة العربية، والشعب العربي. فهي بلاد تعادل ربع أوروبا أو ثلث الولايات المتحدة مساحة ولكن ما نعرفه عنها ضئيل جدا فلقد زاد اطلاعنا نسبياً على مجاهل المنطقة المتجمدة الشمالية، والجنوبية بينما لا تزال معلوماتنا عن أحوال القسم الأكبر من جزيرة العرب قليلة: ولما كانت جزيرة العرب هي مهد الجنس السامي على ما يرجح فإنها قد أنشأت الشعوب التي نزحت فيما بعد إلى الهلال الخصيب هذه الشعوب التي أصبحت مع تعاقب الأجيال أمم البابليين، والأشوريين والفينقيين، العبرانيين. وفي تربة هذه الجزيرة الرملية نشأت العناصر الأصلية للديانة اليهودية وبالتالي المسيحية، وظهرت هذه السمات والسجايا التي أصبحت بحكم التصور فيما بعد من مميزات الخلق السامي . هذا بعد نوح وهود وصالح وأيوب وإبراهيم عليهم السلام (وغيرهم كثير) الذين دبوا على هذه الأرض في أزمانهم المختلفة. وأما في العصور الوسطى فقد أخرجت الجزيرة العربية هذا الشعب الذي سيطر على معظم العالم المتمدن إذ ذاك، وكانت مهداً لدين هو الإسلام ) (وعن أسباب النزوح،والانتشارات من اليمن، وكيفياتها يشترك (لطفي عبد الوهاب) مع الآخرين في أنها كانت ضمن موجات متلاحقة فيقول: وقد رتب أصحاب هذا الرأي هذه الهجرات استنادأ إلى ما استحوذوه من الشواهد التاريخية بحيث كانت تفصل بين كل هجرة، والتي تليها فترة تطول أو تقصر هي الفترة اللازمة لكي يزيد عدد السكان عن موارد البلاد المتعرضة للجفاف بالقدر الذي يدفع جماعات منها إلى الهجرة بحثا عن موارد جديدة خارج المنطقة. وينهى كلامه بوضع تصور لتلك الهجرات من حيث اتجاهاتها وأسماء أولئك الذين انتقلوا إلى المناطق الجديدة فيقول: 1- الأكديون: وقد استقروا في وادي الرافدين في الألف الرابعة ق.م. (والكلدانيين أيضاً وقد هاجروا من منطقة يافع (كَلَد)في نفس الفترة تقريباً). 2- الكنعانيون: (بما فيهم الفينيقيون) والآراميون وقد استقروا في المنطقة الشمالية ووادي الرافدين خلال الألفين الثالثة والثانية ق.م. 3- الآراميون: وقد استقروا في كل مناطق الهلال الخصيب. والعبرانيون الذين استقروا في المنطقة السورية في النصف الثاني من الألف الثالث ق.م. الأنباط وبعض القبائل العربية الجاهلية: وقد استقروا في منطقة الهلال الخصيب في القرن الثاني ق.م. والقرن السادس م. (كلام فيه نظر). العرب المسلمون: وقد استقروا في مناطق الهلال الخصيب ومصر وبقية شمال إفريقيا منذ القرن السابع الميلادي. (ويذهب فلبي في دراساته المسهبة لأحوال جزيرة العرب إلى أن الأقسام الجنوبية من جزيرة العرب هي الموطن الأصلي للساميين وفي هذه الأرض نبتت السامية، ومنها هاجرت بعد اضطرارها إلى ترك مواطنها القديمة لحلول الجفاف بها الذي ظهرت بوادره منذ عصر (الباليولي ثك Palaeoli) هاجرت في رأيه في موجات متعاقبة سلكت الطرق البرية، والبحرية حتى وصلت على المناطق التي استقرت فيها. هاجرت، وقد حملت معها كل ما تملكه من أشياء ثمين ، حملت معها آلهتها واولها الإله (القمر) وحملت معها ثقافتها، وخطها الذي اشتقت من سائر الأقلام. ومنه القلم (الفينيقي)وطبعت تلك الأرضين الواسعة التي حلت فيها بهذا الطابع السامي الذي مازال باقيا حتى اليوم. وقد أخذ فلبي رأيه هذا من دراسات العلماء لأحوال جزيرة العرب،ومن الحوادث التاريخية التي تشير إلى هجرة القبائل من اليمن نحو الشمال إذن فاليمن في نظر فلبي، وغيره من المستشرقين (هي مهد العرب ومهد الساميين منها انطلقت الموجات البشرية إلى سائر الأنحاء، وهي في نظر بعض المستشرقين أيضا مصنع العرب)، ذلك لأن بقعتها أمدت الجزيرة بعدد كبير من القبائل قبل الإسلام بأمد طويل، وفي الإسلام أيضاً.ومن اليمن كان (نمروذ) وكذلك جميع الساميين ) نستنتج من هذه الإقتباسات القيمة من الدراسات التاريخية التأكيد على حقيقة علمية ومسلمة معروفة ومتجذرة لدى جميع المطلعين والبحاثة في المجال التاريخي مفادها أن أصل السامية ومستقرها ومنبعها هو الجزيرة العربية أرض الأنبياء منذ القدم بشهادة الآثاريون وعلماء الأرض مكتشفوا مدينة إرم ذات العماد وغيرها من الحضارات السامية الضاربة بجذورها في عمق التاريخ . و هذه مسلمة لا يجادل فيها إلا جاهل أو غير مطلع على واقع الدراسات العلمية بمختلف أنواعها في هذا المجال فجميع الدراسات العلمية من جيولوجية وآثارية ودينية وتاريخية تصب نتائجها في التأكيد على هذه الحقيقة العلمية . وقد انضم مؤخراً لركب هذه الدراسات علم الجينوم البشري حيث صبت جميع نتائجه في التأكيد على نتائج الدراسات التاريخية والعلمية السابقة وقررت كون السلالة الإبراهيمية هي السلالة العربية j1 المتمركزة في الجزيرة العربية والممثلة أفضل تمثيل للقبائل العربية البدوية ، فالساميون في الجزيرة العربية هم جنس من أشد السلالات في العالم حفاظا على النقاء العرقي على مر العصور وقد تأصل هذا التوجه لدى العرب خصوصا وهذا ما أدهش علماء الغرب واعترفوا به بلا مواربة حيث هالهم النقاء الجيني المتفوق لدى العرب وهو الشيء الذي يفتقدونه في مجتمعاتهم الغربية فلا غرابة لديهم في أن تجد الأسرة الواحدة على سلالات مختلفة .
مشاركة :