قبل فوات الأوان.. يا مؤسسة التأمينات

  • 8/9/2014
  • 00:00
  • 13
  • 0
  • 0
news-picture

يتردد بين آونة وأخرى الحديث في الصحف وفي المجالس عن التأمينات الاجتماعية ومصير معاشات التقاعد، بما يثير القلق لدى المواطنين الذين يخضعون لنظام التأمينات الاجتماعية، والذين يعتبرون هذا النظام مظلة أمان لهم ولعائلاتهم عند بلوغهم السن الذي يصبحون فيه في أشد الحاجة لهذه المظلة، ففي الوقت الذي يعتقدون فيه أن النظام يكفل لهم مصدراً ثابتاً لتأمين احتياجاتهم واحتياجات أسرهم وأبنائهم الحياتية بعد التقاعد مستقبلاً، وكذلك الأمر بالنسبة لمن سبق لهم التقاعد حتى الآن وباتوا يعتمدون على معاشات التقاعد التي يتلقونها حالياً، هؤلاء يسمعون ويقرؤون الآن ما يثير القلق على مستقبلهم ومستقبل عائلاتهم فيما يتعلق بتقلص الفائض في موارد المؤسسة واحتمال وصولها إلى مرحلة العجز خلال ثلاثين عاماً، كما يتردد بين حين وآخر في أقوال وكتابات وتصريحات لا تكاد تغيب حتى تتردد من جديد، وخاصة أن بعض هذه الأحاديث والتوقعات جاءت على لسان مسؤولين يمتلكون قدراً عالياً من المصداقية بسبب الموقع الوظيفي وبسبب الخبرة أيضاً، ومنهم محافظ المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية الذي تحدث مؤخراً عن إمكانية تحول ميزانية المؤسسة إلى مرحلة العجز خلال ثلاثين عاماً إذا استمر الأمر كما هو عليه حالياً، لا سيما ونحن نرى تزايداً في أعداد المتقاعدين لأسباب عديدة من بينها التحسن المستمر في ظروف حياة المواطنين وتطور الخدمات الصحية التي تقدم لهم والأمان والاستقرار اللذين تعيشهما بلادنا- والحمد لله-، والبعد عن مكامن الأخطار والكوارث الطبيعية وغيرها، وهي عوامل تشكل أسباباً بعد إرادة الله سبحانه وتعالى إلى ارتفاع معدلات عمر الإنسان وزيادة نسبة كبار السن في المجتمع، إضافةً إلى عامل هام بدأنا نلاحظه منذ فترة ويمكن بسهولة أن نلمسه باستعراض أسماء المتقاعدين من زملائنا ومعارفنا أو أعمار المتقاعدين الذين نراهم في حفلات الوداع والتكريم التي تقام لهم، وهو ازدياد التوجهات نحو التقاعد المبكر، حتى إن بعض الإحصائيات التي نشرتها الصحف وناقشها بعض الزملاء تتحدث عن بلوغ المستحقات التي يتلقاها المتقاعدون مبكراً عن خدمة خمسة وعشرين عاماً من الخدمة تبلغ 50% من الرواتب التقاعدية التي تصرفها المؤسسة، وهو عكس الاتجاهات السائدة عالمياً حيث تعمل مؤسسات التأمينات في أغلب الدول على تقليص أعداد المتقاعدين مبكراً بشتى السبل والأساليب، كما أن اللافت للنظر أن المتقاعدين مبكراً هم في غالبيتهم من أصحاب الرواتب العالية مما يضاعف الأعباء على موارد المؤسسة. صحيح أن تعهد ضمان الدولة بتسديد أي عجز يحصل مستقبلاً في الموارد-كما ورد في نظام المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية- يشكل سبباً لثقة المواطنين واطمئنانهم، ولكن ذلك لا يعني أن لا تعمل المؤسسة وكافة الجهات ذات العلاقة، بل كل ما يستطيع أن يقدم فكراً أو حلولاً استباقية لهذه المعضلة المتوقعة إن لم نستعد لها من الحلول والإجراءات، انطلاقاً من كون المؤسسة وأموالها هي في الواقع صندوق استثماري ينبغي أن يحقق فائضاً مصدره ليس أقساط المشتركين وأصحاب العمل فقط، بل عائدات استثمار هذه الأموال أيضاً، لا سيما وقد طالعنا العديد من الآراء والمقترحات والأفكار بل والإجراءات التي يقترح فيها أصحابها من الكتاب وذوي الخبرة والمختصين ما يمكن أن يشكل حلولاً لما يحذرون منه من الأخطار التي يمكن وقوعها مستقبلا– لا سمح الله-، ومن ذلك رفع سن التقاعد الإلزامي وتحمل المؤسسات أعباء التقاعد المبكر لموظفيها ورفع قيمة الاشتراكات الشهرية والأقساط التي يدفعها أرباب العمل، لكننا لم نسمع بالمقابل عن أية إجراءات جادة تأخذ بالممكن والنافع من هذه الأفكار والمقترحات، وحتى لا يبقى الأمر كذلك إلى أن نصل إلى مرحلة العجز وزيادة الرواتب التقاعدية الواجب دفعها لمستحقيها على موارد المؤسسة، ولا يبقى حينئذ إلا حل واحد هو حتمية تدخل الدولة لتسديد العجز ضماناً لحقوق المتقاعدين، وهو ما ندعو الله سبحانه وتعالى أن لا يحدث مطلقاً، من أجل ذلك فإنني أضم صوتي لمن سبقني في القلق من هذا الأمر، وأدعو المؤسسة، ومركز القرار في الوطن، وكما اعتدنا في كل الأمور التي تمس حياة المواطنين، أدعوهم جميعاً إلى البحث عن إجراءات الوقاية والحلول الناجعة قبل فوات الأوان.

مشاركة :