التوصل إلى اتفاق حول محافظة إدلب إنجازا كبيرا بالنظر إلى ما تشكله هذه المحافظة من نقطة خلاف بين القوى الثلاث، وكانت السبب في انهيار الجولة الماضية. ويرى معارضون سوريون أن ما يجري في أستانة لا يعدو كونه توافقا حول تقاسم الكعكة السورية، قبل إسدال الستار على الصراع الذي شارف عامه السابع وأدى إلى مقتل الآلاف وتهجير الملايين من المدنيين. ويقول في هذا الإطار الكاتب الصحافي المختص بالشأن السوري مؤيد اسكيف لـ”العرب”، “أعتقد أن ما يحدث في أستانة لا يمكن أن يصب في صالح الشعب السوري، ما يجري هناك لا علاقة له بمصالحنا وبقضيتنا، فهو منبر لتوزيع أرباح وجني مكاسب على مستوى إقليمي ودولي لسياسات قاموا بها أدت إلى تدمير سوريا والإبقاء على بشار الأسد متربعا عليها”. واعتبر اسكيف أن ما يجري تداوله عن اتفاق في إدلب يمهد لسوريا مفتتة ومنهكة ولا مستقبل لها غير المزيد من النزاعات والحروب في المستقبل. وحذّر من أن “مستقبل إدلب ينذر بكارثة في حال استمر العبث بديموغرافيتها وهذا ينطبق على بقية المناطق في سوريا وأستانة تشرعن كل عمليات التهجير التي حصلت في السابق وذلك بمساهمة الدول الضامنة والأطراف المسلحة التي لم تكن في مجملها ممثلا للشعب السوري وتطلعاته وحاليا تقوم بالتفاوض نيابة عنه”. ويقول مراقبون إن هناك توافقا تركيا إيرانيا بضوء أخضر روسي يقضي بوجود دائم لأنقرة في إدلب في مقابل ذلك تحصل طهران على موطئ قدم ثابت لها جنوب دمشق. وكانت فصائل سورية قد حذرت في وقت سابق من توجه لتهجير سكان جنوب دمشق (بيت سحم وببيلا ويلدا والقدم) قسريا، خدمة للأجندة الإيرانية. وأعلنت ستة فصائل في بيان لها الأربعاء “نحن الفصائل العسكرية العاملة في منطقة جنوب دمشق المحرر الواقع تحت سيطرة الجيش السوري الحر، نعلن رفضنا لكافة الاتفاقيات التي من شأنها التهجير القسري لقاطني منطقة جنوب دمشق”. ووقّع على البيان كل من “جيش الإسلام، وجيش الأبابيل، وحركة أحرار الشام، ولواء شام الرسول، وفرقة دمشق، وبيت المقدس”.مؤيد اسكيف: ما يجري تداوله عن اتفاق في إدلب يمهد لسوريا مفتتة ومنهكة وتسعى تركيا التي هي أحد أبرز الأطراف الإقليمية المتدخلة في الشأن السوري إلى جانب إيران إلى تثبيت نفوذ لها في الشمال السوري بغاية وقف تمدد وحدات حماية الشعب الكردي وأيضا إلى كسب ورقة ضغط على أي سلطة في سوريا مستقبلا. وبان بالكاشف للفصائل السورية التي كان بعضها يمتدح لوقت قريب أنقرة أن الأخيرة مستعدة للتعاون مع إيران لتقاسم النفوذ في سوريا، ما يتناقض مع الشعارات التي رفعتها طيلة السنوات الأولى من الحرب. ويعتبر مراقبون أن إدلب هي في صلب المناطق التي تسعى تركيا إلى الاستحواذ عليها، وأنها بدأت العمل على هذا الموضوع منذ فترة، ويلفت هؤلاء إلى أن الانشقاقات التي تتعرض لها هيئة تحرير الشام التي تقودها جبهة فتح الشام خير دليل على ذلك. وكان جيش الأحرار، الذي يعد ثاني أكبر تشكيل في هيئة تحرير الشام، بعد فتح الشام قد أعلن مؤخرا انشقاقه عنها، خشية التعرض لحرب مدمرة من قبل الثالوث الراعي لأستانة. وسبق أن انشقت حركة “نورالدين الزنكي” عن “تحرير الشام” قبل نحو شهرين، بزعم اعتداء الأخيرة على حركة أحرار الشام، التي كانت ثاني أقوى تنظيم في محافظة إدلب. وجاء انشقاق جيش الأحرار بالتزامن مع انشقاق شرعيا الجبهة عبدالله المحيسني ومصلح العلياني. وهناك قناعة سائدة بأن هذه الانشقاقات التي تعصف بهيئة تحرير الشام والتي هي عبارة عن تحالف لجماعات إسلامية تقودها جبهة فتح الشام تمت بإيعاز من تركيا لإضعاف الجبهة تمهيدا للقضاء عليها.
مشاركة :