كشف برنامج «الإرهاب.. حقائق وشواهد»، الذي بثته قناة «الشارقة» الفضائية، أول من أمس، عن اختلالات صنع القرار القطري، والمراهقة السياسية التي يعيشها النظام القطري، ومدى إمعانه في مواصلة سيل الأكاذيب، وذهابه بعيداً في تعميق الأزمة الخليجية الراهنة عوضاً عن الحل، إلى جانب البحث عن سبل تصحيح السياسة القطرية الحالية، تزامناً مع مرور أكثر من 100 يوم على الأزمة. واستضافت الحلقة، التي قدّمها الإعلامي إبراهيم المدفع، كلاً من رئيس قسم وجهات نظر في صحيفة «الاتحاد»، الدكتور عبدالله العوضي، من الاستوديو، وعبر الأقمار الاصطناعية من لندن المعارض القطري خالد الهيل، للحديث عن آخر التطورات المتعلقة بالأزمة الخليجية، وما الذي حدث يوم الجمعة قبل الماضي في تلك المكالمة الهاتفية التي غيّرت المشهد الراهن، الأمر الذي أكّد على عدم وجود أي نية توافق سياسيّ، أو جديّة من طرف النظام القطري حيال الأزمة، أو تجاه الدول الداعية لمحاربة الإرهاب.ارتباك القرار السياسي في أروقة الحكم الداخلي بقطر يشير إلى وجود أيدٍ خفية داخلية تقود المشهد وتعمل على تزييف الوقائع. عبدالله العوضي واستهلّ العوضي حديثه بالقول: «استبشرنا خيراً بتلك المكالمة بين ولي العهد السعودي وأمير قطر، ورأينا أنها قد تحمل حلاً توافقياً، لكن الأمر لم يدم أكثر من ساعة، وهو ما يدلّ على مناورة سياسية غير محسوبة من قبل النظام القطري، تشير بوضوح إلى تخبّط في أروقة صناعة القرار بالدوحة». وأضاف: «عبّرت تلك التصريحات التي أطلقتها وكالة الأنباء القطرية عن مدى استهتار النظام القطري بالوساطة الكويتية، وبشخص الأمير صباح الأحمد الصباح، الذي اعتبر أن المكالمة الهاتفية جاءت تلبية لمطالب الإدارة الأميركية ورئيسها دونالد ترامب، ولم تلقِ بالاً للوساطة الكويتية، التي سعى سمو الأمير من خلالها إلى رأب الصدع، وجمع البيت الخليجي الواحد تحت مظلّة واحدة، وهذا أمر أظهر سوء نيّة نظام الدوحة، وأحبط أي مخطط للجلوس والبحث عن مخرج». وأوضح العوضي أن السياسة القطرية المتخبّطة والضبابية تجلّت من خلال هذا الفعل، والتصريحات المباشرة تشير إلى مدى ارتباك القرار السياسي في أروقة الحكم الداخلي بقطر، واصفاً إياها بالسياسة التي لا تملك خياراتها، في إشارة إلى وجود أيدٍ خفية داخلية تقود المشهد، وتعمل على تزييف الوقائع، لافتاً في الوقت نفسه إلى تدخلات خارجية تدير دفّة الآلة الإعلامية، بما يشير إلى جماعة الإخوان، والأثر الواضح لهم على هذا الصعيد. وأضاف: «قطر تحاصر نفسها، ولا يمكن لدولة تبحث عن حلّ وتسعى للوصول إليه أن تستمر بهذا التعنّت، وبأفعالها هذه تشير إلى وجود تخبّط سياسي داخليّ، يعمل يوماً بعد آخر على تأزيم الأمر أكثر». وحول وجود انقسامات سياسية في الداخل القطري، أوضح العوضي أن كل أزمة تخلق انقسامات، وقطر ليست استثناء، والمسألة لا تتعلق بانقسامات حكومية فحسب، بل تعدّتها لتصل إلى الشارع والشعب، مشيراً إلى أن قطر متضررة من تعنتها هذا، مضيفاً أن «قطر تراهن على عنصر الوقت، وتتخوف من نفاده»، لافتاً إلى وجود تقارير اقتصادية تشير إلى تراجع واضح في الواقع الاقتصادي الداخلي للدولة، وهذا أمر له آثار سلبية على السوق والشعب في آن معاً. بدوره، تحدّث خالد الهيل عن تاريخ تنظيم الحمدين، مستعرضاً خطّه السياسي منذ عام 1989، واصفاً إياه بالتنظيم الذي يسيّطر على مفاصل الدولة وسياساتها، ويصنع مجموعات ضغط خاصة به، فضلاً عن بنائه آلة إعلامية دعائية لتمرير سياساته التي استطاع من خلالها إيصال فحوى مخططاته، والمتمثلة في قناة «الجزيرة». وأوضح الهيل أن نظام الحمدين تسبب في الكثير من المشكلات مع دول الخليج منذ تأسيس مجلس التعاون الخليجي وحتى الآن، مشيراً إلى أنها مشكلات أسهمت في تشويه سمعة قطر، وإخراجها من منظومتها العربية، وحاضنتها الخليجية إلى حواضن ومجالات جيوسياسية أخرى، في إشارة إلى إيران وتركيا. وقال: «لا أعتقد أن تميم سيجلس مع قادة الخليج على طاولة حوار واحدة»، مضيفاً أن النظام القطري فقد الثقة داخلياً وخارجياً، حيث بدأ الشعب القطري يفقد الأمل في حكمة النظام، ومدى قوته في محاولة إعادة الأمور إلى نصابها مع دول مجلس التعاون، وبات من المستبعد أن يصل إلى حلّ في هذه الأزمة، لاسيما أن ما حصل الجمعة قبل الماضية أزّم الموقف أكثر. واستبعد الهيل إمكانية حدوث عصيان مدني في قطر، واستخدام النظام ورقة التدخل الخارجي، لكنه رجّح تغيير نظام الحكم في قطر، قائلاً: «لا نسعى إلى تغيير منظومة حكم آل ثاني، بل نسعى إلى إصلاحها من خلال وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وإذا أراد تميم بن حمد أن يحكم الدولة فعليه اتخاذ إجراءات تحمي مصالح المواطنين، وليس مصالح الحمدين». وحول احتمالية الانشقاق السياسي في الداخل، أوضح الهيل أن هذه الأمور في بدايتها، موضحاً أنه من الآن وحتى أشهر مقبلة فإن أموراً كثيرة ستتغير ضد النظام.
مشاركة :