روسيا وإيران وتركيا تتفق على نشر مراقبين حول منطقة خفض التصعيد في إدلب التي يسيطر على معظمها إسلاميون.العرب [نُشر في 2017/09/16، العدد: 10753، ص(2)]وفد المعارضة: خطوة إلى الأمام وعشر إلى الخلف دمشق - اختتمت الجولة السادسة من محادثات أستانة، الجمعة باتفاق الدول الراعية تركيا وإيران وروسيا على إقامة منطقة خفض تصعيد جديدة في إدلب، سيتولى الثالوث الإشراف عليها ومراقبتها، وفق ما تم الإعلان عنه. وهذه رابعة المناطق لخفض التصعيد في سوريا بعد اتفاقات سابقة شملت الجنوب الغربي والغوطة الشرقية وريف حمص الشمالي. وتثير هذه الاتفاقات مخاوف المعارضة من أن يمهد ذلك لتقسيم سوريا، وإن كان الاتفاق الأخير في أستانة نص في أحد بنوده على الحفاظ على سيادة سوريا ووحدة أراضيها. وأكدت وزارة الخارجية التركية أن روسيا وإيران وتركيا اتفقت على نشر مراقبين حول منطقة خفض التصعيد في إدلب التي يسيطر على معظمها إسلاميون. وذكرت الخارجية التركية في بيان بعد المحادثات في العاصمة الكازاخستانية “المراقبون من الدول الثلاث سينتشرون في نقاط تفتيش ومراقبة في المناطق الآمنة التي تشكل حدود منطقة عدم التصعيد”. وأضاف البيان أن مهمة المراقبين هي منع وقوع اشتباكات بين “قوات النظام (السوري) والمعارضة أو أي انتهاك للهدنة”. وفي وقت سابق قال المفاوض الروسي ألكسندر لافرنتييف إن كلا من روسيا وإيران وتركيا سترسل نحو 500 مراقب إلى إدلب. وتخضع معظم محافظة إدلب، الواقعة في شمال غرب سوريا على الحدود مع تركيا، لسيطرة تحالف هيئة تحرير الشام بقيادة جبهة فتح الشام وقد شهد هذا التحالف العديد من الانشقاقات في الأيام الأخيرة، وسط تكهنات بوقوف تركيا خلف ذلك. وإدلب هي واحدة من أربع مناطق في أنحاء سوريا، وافقت روسيا وإيران وتركيا في مايو على تصنيفها كمناطق عدم تصعيد دعما لاتفاق لوقف إطلاق النار.فلاديمير أحمدوف: المعارضة لن تقبل بدور لإيران في منطقة خفض التصعيد بإدلب ويتساءل البعض كيف يمكن لإيران أن تكون مشاركة في مراقبة وقف إطلاق النار في إدلب، على ضوء موقف الفصائل الذي يعتبر طهران دولة معتدية. ويعتقد هؤلاء أنه ربما لن يكون هناك حضور فعلي لعناصر إيرانية وأن روسيا ستمثل الجانب الإيراني كما هو الحال في الغوطة الشرقية. ويتبنى كبير الباحثين في معهد الاستشراق بموسكو فلاديمير أحمدوف هذه القراءة ويقول لـ”العرب” في هذا الصدد “قضية المراقبة معقدة جدا ولا بد من الأخذ بعين الاعتبار حساسية الموضوع بالنسبة للنظام والمعارضة على حد السواء، فالنظام لا يرحب بوجود عسكري تركي مباشر كوسيلة فصل بينه وبين المعارضة، والأخيرة أيضا لا ترحب بوجود إيراني، ويبقى الخيار الفعلي المطروح والمقبول والمجرب هو الشرطة العسكرية الروسية التي سبق أن استخدمت في مناطق أخرى”. وأوضح أحمدوف أن “روسيا تسعى لاستيعاب هذه الحساسيات والعمل على تلافيها، لذلك الوجود الإيراني والتركي لن يكون في مواقع جديدة غير التي سبق أن وُجدوا فيها، وذلك من باب الحل الوسط”. وحول كيفية التعامل مع جبهة فتح الشام يرى المحلل الروسي أن “الجانب الروسي سيكون منفتحا على دور تركي ما لإبعاد هذا التنظيم أو تفكيكه”. ويستبعد أحمدوف إمكانية اللجوء إلى الحسم العسكري ضد فتح الشام قائلا “أعتقد أن التوجه اليوم هو نحو إيجاد طرق سياسية لتجنب عودة الأوضاع إلى المربع الأول”. ويشكل الاتفاق الذي أعلن عنه الجمعة حول منطقة خفض تصعيد في إدلب خطوة متقدمة وفق البعض لتسوية كبرى ترسم خيوطها روسيا والولايات المتحدة بالتعاون مع القوى الإقليمية. وكانت روسيا أول من اقترح إقامة مناطق خفض تصعيد في سوريا تمهيدا للتسوية السياسية، وقد لاقت الفكرة في البداية دعما من إيران وتركيا وتحفظا من الجانب الأميركي الذي وافق فيما بعد عليها بعد جملة من الضمانات الروسية تضمنت إبعاد إيران وميليشياتها عن الجنوب السوري المحاذي لإسرائيل والأردن. وقالت وزارة الخارجية التركية “يمثل الإعلان عن منطقة عدم التصعيد في إدلب المرحلة الأخيرة من تنفيذ المذكرة التي وقعت في مايو”، مضيفة أن اتفاق مايو ساهم في تراجع العنف بشكل كبير. ويصف منتقدون الخطة بأنها تقسيم فعلي لسوريا لكن الدول الثلاث قالت الجمعة إن المناطق مؤقتة رغم أن تواجدها قد يمتد بعد فترة الستة شهور المتفق عليها. وفي بيان مشترك صدر في أستانة قالت الدول الثلاث “لا تقوض إقامة مناطق عدم التصعيد بأي حال من الأحوال سيادة واستقلال ووحدة وسلامة أراضي الجمهورية العربية السورية”. ويعتقد أن الجولة السادسة هي الأخيرة في بحث مناطق خفض التصعيد، حيث ستخصص الجولة المقبلة المقررة في نهاية أكتوبر لمناقشة جملة من الملفات الأخرى التي تتصل أساسا بمشكلة الأسرى والمعتقلين. وكانت الأمم المتحدة التي تستضيف محادثات سلام منفصلة في جنيف قد حثت المشاركين في أستانة على التركيز على تثبيت وقف إطلاق النار وعلى الجانب الإنساني وتحاشي الخوض في الأمور السياسية.
مشاركة :