عارف الزوكا سياسي جنوبي يقرر المضي مع صالح حتى النهاية بقلم: صالح البيضاني

  • 9/16/2017
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

التكوين النفسي والثقافي للسياسي عارف الزوكا وأبناء منطقته يتأسس على ما وجدوه في حزب المؤتمر الشعبي العام الذي اعتبروه طريقهم الأمثل للتمرد ومواجهة الخصوم.العرب صالح البيضاني [نُشر في 2017/09/16، العدد: 10753، ص(12)]عارف الزوكا مهندس سياسات حزب المؤتمر وخليفة هادي على رئاسته صنعاء- سياسي جنوبي ربطته علاقة وثيقة بالرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، وصعد نجمه بشكل عكسي مع أفول نجم صالح، حيث كان دوره التنظيمي والسياسي يتسع كلما زادت المساحة الفارغة حول الرئيس مع كل معركة جديدة كان يخوضها في مواجهة خصومه المحليين والإقليميين. ينحدر عارف عوض الزوكا من محافظة شبوة جنوب اليمن التي ولد فيها سنة 1964 وينتمي لمنطقة قبلية عرفت برفضها لسياسات الحزب الاشتراكي اليمني الذي حكم جنوب اليمن قبل الوحدة، حيث خاضت تلك القبائل مواجهة اجتماعية شرسة مع الدولة نتيجة رفضها لمحاولات نزع جموحها القبلي لصالح القيم الاشتراكية الأممية التي كانت تتبناها الحكومة آنذاك. وهو ما يفسّر جانبا من التكوين النفسي والثقافي لعارف الزوكا الذي وجد كغيره من أبناء منطقته في الوحدة اليمنية التي قامت في العام 1990 ملاذا للخلاص من سطوة الحزب اليساري الصارم، حيث انضم العديد من شيوخ القبائل وأبنائهم لحزب المؤتمر الشعبي العام الذي وجدوا أنه طريقهم الأمثل للتمرد وربما الانتقام من شركاء الوحدة الاشتراكيين باعتبارها الفرصة المواتية لاستعادة وهج وقيم القبلية من خلال الالتحاق بحزب يغلب عليه الطابع المشيخي والقبلي. مسيرة حزبية حافلة كان الشيخ القبلي الزوكا أحد أوائل من انضموا مبكرا لقافلة حزب المؤتمر في محافظة شبوة وواحدا من أعضاء المؤتمر الأول للحزب، بل إنه تبوّأ منصب نائب رئيس فرع المؤتمر الشعبي العام بمحافظة شبوة منذ العام 1990 وحتى اندلاع حرب صيف 1994 بين شركاء الوحدة والتي انحاز فيها إلى جانب حزب المؤتمر في مواجهة الحزب الاشتراكي، ليحصل على ترقية حزبية مع نهاية الحرب وضعته على رأس قيادة حزب المؤتمر في شبوة حتى العام 1999 عندما قرر الانتقال إلى صنعاء ليكون بالقرب من مركز القرار السياسي والحزبي. تعمقت علاقة الزوكا بحزب المؤتمر فأصبح يجمع بين منصبين حزبيين رفيعين في حزب صالح، فإلى جانب رئاسته لفرع المؤتمر في محافظته الأمّ تولى رئاسة دائرة الإدارة والخدمات بالأمانة العامة في العام 1999، وهي دائرة ذات طابع شعبي مكنته من الاقتراب من قواعد المؤتمر وقياداته الوسطية، وفي العام 2003 تخلّى عن رئاسته لفرع الحزب في شبوة ليتم تعيينه رئيسا لدائرة هامة هي دائرة المنظمات الجماهيرية بالأمانة العامة، وهو الموقع الذي كان يشرف على تعزيز نفوذ المؤتمر في المنظمات والجمعيات والنقابات التي كانت حتى ذلك الوقت حكرا على الإخوان والأحزاب اليسارية. استطاع الزوكا إحداث اختراق غير مسبوق لصالح حزبه قبل أن يتم انتخابه في العام 2005 عضوا في اللجنة العامة للمؤتمر ليختفي عن رادار الفاعلية التنظيمية لثلاثة أعوام بعد أن تمّ تعيينه محافظا لمحافظة مأرب قبل أن يعود للواجهة مجددا من خلال تعيينه رئيسا لدائرة الشباب والطلاب بالأمانة العامة للمؤتمر وهو المنصب الذي استمرّ فيه منذ العام 2008 حتى العام 2012، وهي الفترة التي شهدت ارتفاع وتيرة الصراع بين حزب المؤتمر وأحزاب المعارضة ممثلة باللقاء المشترك وصولا إلى الاحتجاجات التي شهدتها المدن اليمنية والمطالبة بإسقاط نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح. صعود في أوقات حرجة بالرغم من تقلّد الزوكا لعدد من المناصب التنظيمية وتكليفه ببعض المناصب الحكومية مثل تعيينه وكيلا لمحافظة إب بين عامي 2003 و2004 ووكيلا أول لأمانة العاصمة صنعاء للفترة 2004-2005 ورئاسته لأندية رياضية مثل نادي التلال الرياضي بعدن، إلا أنه ظل قياديا من الصف الثاني سواء في الحزب أو الدولة حتى تصاعدت الاحتجاجات ضد الرئيس السابق وتخلّى الكثير من المحيطين بصالح عنه في مراحل مختلفة.مساهمة الزوكا بشكل أو بآخر في الدفع بالأمور إلى حافة الصدام يوازيها دوره المهم في منع انزلاق شركاء الانقلاب إلى مواجهة مسلحة من خلال لقاءاته مع العديد من قيادات الجماعة الحوثية من أجل احتواء الموقف في المقابل أبدى الزوكا تمسكه بالولاء لصالح، ما جعل العلاقة بين الاثنين تتصاعد بشكل مطّرد مع تضييق الخناق على الأول، وهنا بدأ رصيد عارف الزوكا بالارتفاع سريعا ليتبوّأ مناصب مهمة بداية من تعيينه أميناً عاماً مساعداً للمؤتمر الشعبي العام لقطاع التعليم والشباب والطلاب في مايو 2012 ووزيراً للشباب والرياضة في العام 2011، وصولا إلى اختياره أميناً عاماً للمؤتمر الشعبي العام من قبل الدورة الاستثنائية للجنة الدائمة للمؤتمر الشعبي العام المنعقدة في نوفمبر 2014، أي بعد الانقلاب الحوثي واحتدام الصراع بين صالح والرئيس عبدربه منصور هادي حول قيادة حزب المؤتمر، حيث لم يفكر الزوكا طويلا قبل أن يحسم موقفه بالانحياز مجددا لصالح الرئيس السابق علي عبدالله صالح ليتمّ تعيينه حينها في منصب الرجل الثاني في المؤتمر (جناح صالح) وهو ما جعله في مواجهة مباشرة ومفتوحة مع الجناح الآخر الذي يقوده الرئيس هادي. مع مطلع العام 2011 تعمقت ثقة صالح بالزوكا الذي كان رهانه على الرئيس السابق وصوابية مواقفه وقراراته أمرا باديا للعيان. وساهمت حالة الثقة التي سادت العلاقة بين الرجلين في ظلّ أجواء فقد فيها صالح ثقته بمعظم المقربين منه والذين كانوا يتقافزون باستمرار من مركبه الذي كانوا يرون أنه قد بدأ يغرق جزئيا، ساهمت تلك العلاقة الاستثنائية بين الرجلين في إسناد صالح للعديد من الملفات الحساسة للزوكا وخصوصا كل ما يتصل بالعمل التنظيمي والسياسي لحزب المؤتمر الذي بات الورقة الأخيرة التي كان ولازال صالح شديد التشبث بها. وقف الزوكا إلى جانب صالح وظهر إلى جواره في الكثير من المرات على منصة السبعين التي حولها إلى منصة لاستعراض القوة الشعبية أمام مناوئيه السياسيين، ونجا الزوكا من حادث جامع الرئاسة في يونيو 2011 والذي أصاب العديد من المقربين من صالح، ولكنه لم ينج من حملات التشهير والاتهامات المستعرة التي وجهت له من قبل وسائل إعلام أحزاب المعارضة في ذلك التوقيت شديد السخونة والحساسية. وكان نقل السلطة إلى الرئيس هادي في مطلع العام 2012 كفيلا بحدوث موجة نزوح ثانية من قيادات حزب المؤتمر لتتخندق بجانب الرئيس الجديد، لكن الزوكا لم يكن أحدها، بل تعزّزت علاقته بصالح حتى أنه بات أحد القيادات في المؤتمر التي أوكلت إليها مهمة التحشيد لصالح الرئيس السابق عندما احتدمت خلافاته مع الرئيس هادي حول قيادة حزب المؤتمر، وانتهى الصراع في نهاية 2014 بعقد صالح لاجتماع استثنائي لقيادات حزبه صعد بموجبه الزوكا لمنصب الأمين العام للحزب بدلا عن الرئيس هادي نفسه الذي كان يشغل هذا المنصب. وعقب وصول الرئيس هادي إلى عدن متمكنا من تجاوز الحصار الذي ضربه الحوثيون على منزله في صنعاء في فبراير 2015 وبعد ذلك بشهور عندما أعلن عن انطلاق عمليات عاصفة الحزم، شهد حزب المؤتمر موجة نزوح غير مسبوقة وصلت إلى الدائرة الضيقة المحيطة بصالح والذين قرّر العديد منهم التخلّي عن الرئيس السابق ومغادرة اليمن، غير أن الزوكا لم يكن بين من اتخذوا هذا القرار كما كان متوقّعا، وفي هذه المرحلة تحديدا بدا أن الرجل بات يقوم بممارسة دور إضافي تجاوز حدود المهام التنظيمية والسياسية الاعتيادية، حيث قاد خلال تلك المرحلة المفاوضات السياسية ممثلا عن صالح وحزب المؤتمر أمام الحوثيين وحتى في مشاورات السلام الخارجية بين الشرعية والانقلابيين. إطفائي الحرائق مع الحوثيين يصف الكثير من المتابعين لتفاصيل المشهد اليمني الزوكا بأحد أكبر مهندسي سياسة حزب المؤتمر الموالي لصالح والمشرف الأهم على الملفات الأكثر حساسية في الحزب، وهو الدور الذي اتضحت ملامحه منذ إشراف الرجل على فريق حزبه في مؤتمر الحوار الوطني الشامل في العام 2013 وهو ما مكّنه لاحقا من لعب دور محوري في التقريب بين الحوثيين والرئيس السابق وصولا إلى توقيع اتفاق الشراكة بين الطرفين في يوليو من العام 2016، كما ينسب إليه القيام بدور مهم في إطفاء الحرائق التي تشب بين فينة وأخرى بين شركاء الانقلاب.حادث جامع الرئاسة الذي كاد يتسبب في مقتل صالح في يونيو 2011 والذي أصاب العديد من المقربين منه، تمكن الزوكا من النجاة منه، ولكنه لم ينج من حملات التشهير والاتهامات المستعرة التي وجهت له وفي ظل التداعيات المتسارعة التي جاءت عقب الحرب وانطلاق عمليات عاصفة الحزم ومن ثم عاصفة الأمل في العام 2015 عكست تصريحات عارف الزوكا الكثير من المواقف الحقيقية لعلي عبدالله صالح الذي أجبر على التواري عن الإعلام والاجتماعات الحزبية والعامة نتيجة شعوره بأنه مستهدف أكثر من أيّ وقت مضى، ليوكل الكثير من أعباء قيادة الحزب للأمين العام الذي رأس بعد ذلك فريق حزب المؤتمر إلى مشاورات السلام في جنيف والكويت والمفاوضات السرية المتواصلة التي شهدتها العاصمة العمانية مسقط. برز دور الزوكا مجددا وبقوة على إثر الخلافات بين صالح والحوثيين والتي وصلت إلى درجة الاقتتال في شوارع صنعاء نتيجة تصاعد حالة التوتر والاحتقان السياسي واستياء الحوثيين من إصرار صالح وحزبه على تنظيم مهرجان حاشد في ميدان السبعين بصنعاء في الـ24 من أغسطس الماضي بمناسبة الذكرى الخامسة والثلاثين لتأسيس المؤتمر، وهو الحشد الذي اعتبر تصويتا شعبيا ضد الحوثيين واستعراضا للقوة من قبل صالح. اعتلى الزوكا منصّة المهرجان ليلقي كلمة حزب المؤتمر موجها انتقادات غير مسبوقة للحوثيين وطريقة إدارتهم للدولة ورفضهم للشراكة وانتهاجهم لسياسة الإقصاء المتعمد بحق حليفهم. إضافة إلى إعلان الزوكا نيابة عن المؤتمر عن رفض محاولات الحوثيين تعديل المناهج الدراسية، كما ظهر في فعاليات أخرى متحدثا عن فساد الحوثيين ونهبهم لخزينة الدولة وممارساتهم ضد الوزراء من حزب صالح في حكومة الانقلاب وهي كلها أمور ساهمت في تأزيم الوضع وصولا إلى مقتل نائب رئيس دائرة العلاقات في حزب المؤتمر خالد الرضي برصاص مسلحين حوثيين، وما تلا ذلك من تداعيات خطيرة هددت بتفجير الوضع العسكري في العاصمة صنعاء. ومثلما ساهم الزوكا بشكل أو بآخر في الدفع بالأمور إلى حافة الصدام كان له دور مهم في منع انزلاق شركاء الانقلاب إلى مواجهة مسلحة من خلال قيامه بدور الإطفائي ولقاءاته مع العديد من قيادات الجماعة الحوثية من أجل احتواء الموقف وهو الأمر الذي يبدو أنه نجح بشكل جزئي حتى الآن وأجّل موعد المواجهة التي تقول الشواهد إنها باتت حتمية في ظل وصول حالة الثقة بين الطرفين إلى أدنى مستوياتها ورغبة قيادات راديكالية حوثية في إزاحة صالح وحزبه والاستحواذ على السلطة في المناطق الخاضعة لسيطرة الانقلاب.

مشاركة :