ماذا حدث حينما التقى عمرو موسى، وزير خارجية مصر في التسعينات، نظيره الإسرائيلي أرييل شارون لأول مرة في تل أبيب؟. كانت الصحف العربية والغربية تترقب لقاء الرجلين. هل سيتصافحان؟ هل سيلتقطان صورة معاً تبثها وسائل الإعلام؟. في مذكراته «كِتَابِيَهْ» الصادرة عن «دار الشروق» قبل نحو أسبوع، يَحكي «موسى» عن زيارة لتل أبيب لحضور مؤتمر دعاه إليه رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، شيمون بيريز، حول افتتاح مركز «بيريز للسلام»، فاستجاب للدعوة، كان هذا في العام 1997. بعدها بعامين (1999)، دعاه مرة أخرى لإلقاء محاضرة فيه، قبّل الوزير المصري، الدعوة، وسافر إلى إسرائيل، تحديدا في 11 يناير، وقضى هناك 11 ساعة. خلال تلك الزيارة، وبعد إلقاء المحاضرة، التقى «موسى»، بـ«شارون»، وزير خارجية إسرائيل في حكومة نتنياهو، بالتزامن مع جدل دار في الصحافة حول إمكانية اللقاء به، وإمكانية مصافحته من عدمه على خلفية آرائه المتطرفة التي كان يهاجم فيها الفلسطينيين، واتهامهم بعدم الجدية والتعاون، بجانب قوله الشهير: «لا أريد من أحد أن يُطالب إسرائيل باستئناف المفاوضات». حدث اللقاء في مقر وزارة الخارجية الإسرائيلية، تحدث «شارون»، وفق «موسى»، عن الماضي، وردد عن الحاضر والمستقبل مقولات لا فائدة منها، وبعد انتهاء اللقاء، طلب الصحفيون من الوزير المصري التقاط صور تذكارية وهو يُصافح «شارون»، فرد مازحاً: «إنني لا أحب المصافحة أمام الكاميرات مثل شارون»، في إشارة إلى تجنب الوزير الإسرائيلي مصافحة ياسر عرفات في إحدى المناسبات. بعد فترة قصيرة من اللقاء الأول، التقى الرجلان في مدينة شتوتجارت الألمانية، وكان الوزير الإسرائيلي يتحدث عن القدس، ووفق «موسى»، فإنه ذكر معلومات مغلوطة، وطلب الوزير المصري من الحاضرين أن يراجعوا تاريخ القدس بدلاً من كلام شارون، فعلق الأخير: «يبدو أنك لم تقرأ كثيراً عن القدس. سأبعث إليك بكتب عن تاريخها»، فرد «موسى» بأنه لن يقرأها، فعاود «شارون» القول: «على أية حال سيكون لنا لقاء آخر»، فقال: «هذا إذا اُنتخبت»، فقال الوزير الإسرائيلي: «سأُنتخب وأكون وزيراً للخارجية»، فعاود «موسى»: «عندما تصبح الوزير المقبل للخارجية سنرى».
مشاركة :