ترددت في الآونة الأخيرة، وبصورة لافتة في بعض الأحيان، توقعات عن عودة التعافي إلى أسواق النفط، وقد اقتصر التباين على التوقيت فقط. واستشهد خبراء الطاقة على صحة تلك التوقعات، بما شهدته أسعار الخام من ارتفاع لافت، وعودة منصات الحفر في الولايات المتحدة إلى العمل بوتيرة أسرع، إضافة إلى مصافي ساحل الخليج في ذلك البلد. ويقول تعليق بقلم د. كنت مورس، في موقع أويل برايس النفطي، إن تقديراته المتعلقة بعودة التعافي إلى الأسواق الأميركية بعد موجة الأعاصير الأخيرة تحققت، لكن بصورة أسرع مما كان يتوقع. ووفق التعليق، فإن سعر نفط غرب تكساس الوسيط تجاوز الخمسين دولاراً لأول مرة منذ أكثر من خمسة أسابيع. وفي حقيقة الأمر، ارتفع سعر البرميل بنسبة 6.1 في المئة خلال ثلاثة أيام فقط. وفي غضون ذلك، اقترب سعر برميل برنت من 56 دولاراً. وهي مستويات كان المعلق أشار إليها قبل حوالي شهرين. ويقول المعلق إن «هذا الارتفاع ينطلق من قواعد أسعار متدنية، لكن حين بلغنا نهاية الدورة كانت الأسعار عند مستوياتها الحالية، ويبدو أن هذا يشير إلى أن هذا التوجه الجديد قد يبشر بقرب ديناميكية تسعير إجمالية أعلى». من جهة أخرى، تساءل موقع أويل برايس عما إذا كانت روسيا بحاجة حقاً إلى اتفاق خفض إنتاج النفط الذي أقرَّته منظمة أوبك؟ مشيراً إلى التنسيق الذي كان قائماً بين «أوبك» ودول من خارجها، بغية خفض الإنتاج النفطي منذ عام 2001. وقال إن هذه الوحدة الواضحة في وجه الهبوط المستمر في أسعار النفط لا تخفي وجود أجندات مختلفة لدى المنظمة وروسيا حول الإنتاج والتوسع وحصص الأسواق العالمية. وخفض تقرير شهري صدر عن «أوبك» الأسبوع الماضي توقعاتها لنمو الإمداد الروسي بنحو 70000 برميل يومياً في العام المقبل، وتفضي تلك التقديرات إلى تحقيق نمو بنحو 30000 برميل في اليوم خلال السنة الحالية عندما تتوقع «أوبك» تحقيق روسيا لمتوسط إنتاج يصل إلى 11.12 مليون برميل في اليوم. ووفق التعليق، فإن روسيا، وهي من الدول التي من خارج «أوبك»، انضمت إلى اتفاق خفض الإنتاج، وكان معدل إنتاجها في الربع الأخير من العام الماضي هو الأعلى في فترة ما بعد الاتحاد السوفياتي، فيما ارتفع إنتاجها محسوبا على أساس سنوي في العام الماضي من 10.72 ملايين برميل يومياً في 2015 إلى 10.96 ملايين برميل. وأضاف أن روسيا قررت عدم التخلي عن خططها الرامية إلى استكشاف النفط بالمناطق القطبية الشمالية، أو عن سعيها إلى تحسين حصتها السوقية في أكبر دولتين مستوردتين للنفط، وهما: الهند والصين. ووفق تعليق أويل برايس، فإن تطوير روسيا لمواردها من الدائرة القطبية الشمالية يشكل واحدة من أبرز الأولويات في سياستها المتعلقة بالطاقة في الأجل المتوسط، وربما حتى في الأجل الطويل. ورغم العقوبات الغربية المفروضة على موسكو، والتي تحظر تصدير بضائع يمكن أن تساعد أكبر شركات النفط الروسية على تطوير مشاريع الأوفشور بالمنطقة القطبية، فإن تلك الشركات تستمر في عمليات استكشاف النفط بوتيرة ثابتة. وبعيداً عن النطاق الروسي، يضيف التعليق: تتعين الإشارة إلى أن أسعار النفط تتحدد ليس عبر ما يحدث في أميركا الشمالية أو أوروبا الغربية، بل نتيجة التطورات على صعيد عالمي. وأبلغت وكالة الطاقة الدولية في باريس وإدارة معلومات الطاقة بالولايات المتحدة في الآونة الأخيرة عن أن التوازن بين العرض والطلب يجب أن يتحقق في الربع الأول من العام المقبل، وهو موعد مبكر جداً عما كان متوقعاً في فترة سابقة. ويسهم هبوط إنتاج فنزويلا السريع من النفط، والذي يواكبه الضغط المتزايد على إنتاج ليبيا ونيجيريا والمكسيك، في تغيير الصورة التي سادت الأسواق العالمية خلال السنوات القليلة الماضية، كما يبعث على الأمل بعودة التعافي إلى قطاع الطاقة، المعروف بكثرة التقلب.
مشاركة :