رغم التوصل إلى اتفاق نهائي خلال الساعات القليلة الماضية حول تاريخ 25 مارس (آذار) المقبل، كموعد لإجراء الانتخابات البلدية، بعد توافق معظم الأحزاب الممثلة في البرلمان على تأخيرها، فإن جل المراقبين للشأن السياسي لا يتوقعون أن تلتزم جميع الأطراف السياسية بالموعد الجديد، خصوصاً أنه يتزامن مع انطلاق تحركات الأحزاب السياسية، وجلسات التفاوض حول التحالفات الانتخابية المتعلقة بالاستحقاق الرئاسي والبرلماني المرتبط بانتخابات 2019، مما يعني أنه قد تتم التضحية مرة أخرى بالانتخابات البلدية، أو إجراؤها في أفق سنة 2020.ووافقت جل الأحزاب السياسية، خصوصاً تلك التي تهيمن على المشهد السياسي، كحركة النهضة وحزب النداء، على قرار التأجيل على مضض، بعد أن أكدت أنها في قمة استعدادها لخوض الانتخابات البلدية قبل نهاية السنة الحالية. فيما أعلنت 8 أحزاب، معظمها من المعارضة، عن رفضها إجراء الانتخابات البلدية في الموعد السابق، الذي تحدد في 17 من ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وعللت طلب التأجيل بعدم سد الفراغ في الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وعدم المصادقة على قانون الجماعات المحلية، المنظم للتقسيم الإداري للبلديات التونسية. وبخصوص مدى ملاءمة الموعد الجديد لإجراء الانتخابات البلدية بشكل إيجابي، قال سامي بن سلامة، العضو السابق بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات، إنه «من غير الممكن أن نصدق أن الانتخابات البلدية ستجري في 25 من مارس المقبل، لأن هذا أمر غير صحيح، والمنطقي أن تجرى بعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية، أي أنها لن تجري قبل سنة 2020».وأضاف بن سلامة أن ضغط الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة عام 2019، واقتراب آجال الموعدين الانتخابيين، قد يجعل معظم الأحزاب تفضل الإعداد لتلك المحطة الانتخابية، على حساب الانتخابات البلدية التي سيعمل معظم الفائزين فيها بشكل تطوعي.ووفق مصادر من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، فإن قرار التأجيل سوف يكبد تونس مصاريف إضافية، لأن التأخير لمدة 3 أشهر قد يكلف خسائر تقدر بـ5 ملايين دينار تونسي (نحو مليوني دولار) على الأقل، حسب رأيه. وفي هذا الصدد، قال جمال العرفاوي، المحلل السياسي التونسي، لـ«الشرق الأوسط»، إنه «رغم الاهتمام الظاهر بالانتخابات البلدية، فإن عدداً لا يستهان به من الأحزاب التونسية سيسعى إلى تأخير موعدها إلى ما لا نهاية، بهدف ربح فرصة للاستحقاق البرلماني، خصوصاً أن هناك حراكاً داخلياً وخارجياً يشق الحزب الأول (حركة نداء تونس)، وسط حديث عن إمكانية بناء تحالف انتخابي جديد، يضم الأحزاب والتيارات التي انشقت عن الحركة وذلك ضمن رؤية جديدة ورزنامة واضحة».في غضون ذلك، أعلن محمد الناصر، رئيس البرلمان، عن توصل رؤساء الكتل البرلمانية، أمس، إلى توافق حول أسماء المرشحين في الاختصاصات المعنية بسد الشغور في مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات (الأساتذة الجامعيين والقضاة الإداريين)، وهو ما يفتح أبواب رجوع الهيئة إلى سالف نشاطها، وسقوط شرط دعوة المواطنين إلى صناديق الاقتراع، من خلال أمر رئاسي امتنع الباجي قائد السبسي عن إصداره.
مشاركة :