ليست أول مرة، ولن تكون الأخيرة حتمًا، السقوط المتسارع للإعلام القطري بفضل كبير لقياداته الذين يواصلون تدمير صورته محليًّا وإقليميًّا وعالميًّا. ولعل أقرب الشواهد على ذلك ما حدث في الحلقة الساخنة التي نظمتها الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان في جنيف بمقرها مساء الاثنين، وذلك على هامش الدورة الـ 36 للمجلس، بعنوان: "الإعلام والإرهاب في الشرق الأوسط.. ودور قطر وأذرعها الإعلامية في نشر الكراهية والعنف في المنطقة" استكمالاً لمسار تحذيرات دولية سابقة من دور الإعلام المموَّل من قطر في تكريس الكراهية بين الشعوب. (قناة الجزيرة) بحضورها الأسود في التحريض والتأجيج كانت نجمة الحلقة بمشاركة قناة الكوثر في لندن، التي شاركتها إدانات الإرهاب وتمويله في قطر وانطلاقًا منها. وضمن الحلقة انهمرت الانتقادات الحادة لتتفق من قِبل المشاركين على مسؤولية قناة الجزيرة والإعلام المموَّل من حكومة قطر عن التحريض على العنف والإرهاب. وأجمع المشاركون على أن الجزيرة تدعم بكل قوتها وقواعدها السياسية عبر الحكومة القطرية الإرهاب في الشرق الأوسط والعالم. فمن جهته، قال الدكتور أحمد الهاملي، مؤسس ورئيس الفيدرالية العربية: "لم يعد مقبولاً أن تُترك وسائل الإعلام، بما فيها الوسائل الممولة من قطر مثل الجزيرة، دون حساب بعد كل ما تفعله بالمنطقة". وقال إن الفيدرالية، بوصفها هيئة حقوقية عربية، تضم قرابة 40 منظمة عربية "تشجع دائمًا حرية الرأي والتعبير، ولكن بما لا يخل بمسؤوليات وسائل الإعلام في الحفاظ على الأمن والسلم الوطنيَّيْن". مضيفًا: "إذا كانت الحرية الإعلامية حقًّا فإن من حق الشعوب والأفراد ألا يتعرضوا لخطر الإرهاب والعنف الذي تحرِّض عليه الجزيرة". مشيرًا إلى أن قوانين الدول الغربية التي يُعرف عنها حرصها على حرية الإعلام والتعبير لا تسمح أبدًا بالتحريض على العنف أو الكراهية أو القتل. هذا، فيما أشار الإعلامي والكاتب عبد العزيز الخميس في مداخلته إلى أن "القضية مهمة؛ لأن العمليات الإرهابية تتم بدعم إعلامي يحرض على العنف". وأضاف بأن كثيرًا من الجماعات الإرهابية لها علاقات مع جهات إعلامية مدعومة من قطر، مثل قناتَي الجزيرة من الدوحة، والكوثر من لندن". واستطرد الخميس ضاربًا مثالاً بعلاقة الجزيرة بأسامة بن لادن، زعيم تنظيم القاعدة الراحل: "كانت الجزيرة تطلب مني عندما أشارك بمداخلات معهم أن أقرن اسم ابن لادن بوصف الشيخ". وعبَّر الخميس عن اعتقاده بأن الهدف كان "إضفاء القدسية على شخصية ابن لادن". وضرب مثالاً آخر باستضافة الجزيرة أبا محمد الجولاني، زعيم جبهة النصرة الإرهابية. هذا، فيما حذرت بيجه فاتيني، الباحثة والمعارضة الإيرانية، من خطورة ترك الإعلام يشجع على الإرهاب. ونبهت إلى أن بعض وسائل الإعلام - ومنها الجزيرة - تنشر تصريحات ومواقف الإرهابيين دون أن تفندها أو تبيِّن مواطن ضعفها وخطورتها. من جانبه، استشهد السفير اليمني السابق علي عبدالله البجيري بتأثير تجربة قناة الجزيرة على بلاده، وقال: "الجزيرة ما هي إلا بوق للإرهاب، ولم تعد هناك حاجة للتدليل على ذلك". وأضاف بأن هذه القناة "لا تقدم سوى السلبيات والعنف، ولا تعرض أي إيجابيات". يُذكر أن الدول المقاطعة لقطر وضعت ثلاثة عشر اشتراطًا، يجب على قطر تنفيذها قبل الجلوس على طاولة المفاوضات، منها إغلاق قناة الجزيرة بصفتها صوت الفتنة، والجسر الممدود بين منظمات إرهابية؛ ما نتج منه دخول قناة الجزيرة في قفص الاتهام ذاته لناحية دعم الإرهاب وتأجيج الكراهية.
مشاركة :