عون: لبنان لن يسمح بتوطين اللاجئين أو النازحين - خارجيات

  • 9/22/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

لم يكن عادياً أن تأتي أوّل إطلالة لرئيس لبناني من على منبر الأمم المتحدة منذ العام 2013 على وهج نبرةٍ دولية عالية جداً حيال «حزب الله» عبّر عنها بدايةً الرئيس الأميركي دونالد ترامب ثم رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماري وسفيرها في بيروت هيوغو شورتر. ورغم أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ركّز في إطلالته أمس على الموقف اللبناني من مجمل القضايا الدولية والإقليمية وملف النازحين السوريين وضرورة العمل على عودتهم الآمنة الى مناطق مستقرة في بلدهم، اضافة الى التهديدات الاسرائيلية للبنان مع الدعوة الى جعله مركزاً دولياً لحوار الحضارات والثقافات والأديان، فإنه نأى عن الظهور في موقع الردّ المباشر على ترامب سواء في ما خص موقفه من «حزب الله» أو من ملفّ النازحين الذي تعاطتْ معه بيروت على أنه دعوة لـ «إعادة توطينهم» في أقرب الدول المجاورة لسورية. ولم يكن ممكناً، حسب دوائر سياسية في بيروت، القفز فوق دلالات التصويب العنيف الأميركي - البريطاني على «حزب الله» الذي اعتبرتْ ماي انه «يزيد من الصراع في الشرق الأوسط»، فيما كان سفيرها لدى لبنان يقول إن «الجناح العسكري لـ(حزب الله) يُعتبر مؤسسة إرهابية، وهم ليسوا منفصلين عن جناحه السياسي ولهذا لا نتواصل معهم»، ومشدداً على أنّ «الجيش اللبناني ليس بحاجة لمساعدة لا من (حزب الله) ولا من النظام السوري، ونحن نعلم ذلــــك لأنّنا نعمل عن قرب معه». وفي رأي هذه الدوائر ان ثمة مناخاً دولياً يتعاطى مع «حزب الله» على أنه سيكون «الهدف التالي» بعد الانتهاء من «داعش» في سورية والعراق، وأن إضعافه سيكون «الممرّ» للجم النفوذ الإيراني المتمدد في المنطقة، في ضوء تقارير عن تفاهم روسي - أميركي على إخراج الميليشات الأجنبية من سورية بالتوازي مع الحل السياسي. وإذا كان عون تفادى المشاركة في حفل الاستقبال التقليدي الذي أقامه ترامب على شرف الرؤساء المشاركين في افتتاح دورة الجمعية العمومية للامم المتحدة في نيويورك مساء الثلاثاء الماضي «لأسباب لوجستية» كما وصفها مستشاره الإعلامي جان عزيز، إلا أن الدوائر السياسية وضعتْ هذا «التغّيب» في سياق «رسالة اعتراض» ضمنية على مواقف الرئيس الأميركي حيال «حزب الله»، شريكه في التحالف السياسي الذي أوصله الى سدة الرئاسة، رغم اعتبار مصادر على خصومة مع الحزب أن لا مصلحة للبنان الرسمي بأن يدير ظهره للولايات المتحدة والمجتمع الدولي. وفي كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أكد عون أن الجيش اللبناني «حقق انتصاراً كبيراً على التنظيمات الارهابية وأنهى وجودها العسكري في لبنان». وبعد أن تحدث عن «الأعباء التي يتحملها لبنان جراء الحرب في سورية وتفوق قدرته»، شدد على أن «هناك حاجة ملحة لتنظيم عودة النازحين إلى وطنهم»، مشيراً إلى أن «الادعاء بأنهم لم يكونوا آمنين فهذه حجة غير مقبولة، 85 في المئة من ​الاراضي السورية​ في عهدة الدولة، وإذا كانت الدولة تقوم بمصالحات مع ​المجموعات المسلحة​، وتترك للمقاتلين حرية الخيار بين البقاء أو الرحيل، فكيف لها مع نازحين هربوا من الحرب»؟ وأكد أنه «على ​الامم المتحدة​ مساعدتهم على العودة الى وطنهم بدل مساعدتهم على البقاء في مخيمات لا يوجد فيها الحد الادنى من مقومات الحياة الكريمة»، مشدداً على أن لبنان لن يسمح بالتوطين لا للاجئين ولا للنازحين، في إشارة الفلسطينيين والسوريين. وفيما يعود الرئيس اللبناني اليوم إلى بيروت استعداداً للتوجه الى باريس الاثنين المقبل للقاء الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، فإن من الصعب الفصل بين تطورات المشهد الاقليمي - الدولي وبين المسار الذي سيسلكه الواقع اللبناني المتشابك على أكثر من مستوى مع الملفات الساخنة في المنطقة ولعبة «ترسيم النفوذ» فيها. ومن هنا فإنه لا يمكن عزْل الحِراك المستجدّ حول الانتخابات النيابية في لبنان وموعدها عن الحسابات الكبرى لـ «حزب الله» الذي يُنتظر ان تتعاظم الضغوط الخارجية عليه في الطريق الى التسوية في سورية، رغم ما يحرص على إظهار أنه انتصار للمحور الإيراني في المنطقة. وترى مصادر مطلعة في هذا السياق ان «حزب الله» الذي يَعتبر الانتخابات النيابية المحدَّدة في مايو 2018 محطة استراتيجية نحو توظيف موازين القوى المختلّة لمصلحته في السلطة، بدا من خلال اقتراح رئيس البرلمان نبيه بري بتقصير ولاية مجلس النواب وإجراء الانتخابات قبل 31 ديسمبر المقبل وكأنّه رسم «دائرة خيارات» تراوح بين تثبيت موعد انتخابات 2018 خشية محاولة تطييرها مجدداً لاعتبارات لوجستية (مثل البطاقة البيومترية) او الضغط لإجرائها أوائل الربيع بما يتيح له الإسراع في «استثمار» ما يراه تفوّقاً له ولمحوره قبل حصول اي مفاجآت. وفي الحالتين هو نجح عبر إمساك بري بـ «المفتاح المالي» لإنجاز البطاقة البيومترية (رَهَن بدء العمل بها بإقرار تمويلها في جلسة تشريعية لن تُعقد قبل أوائل الشهر المقبل) في شقّ الطريق أمام «مقايضة ثمينة» لن يقبل بأقلّ منها رغم «جبهة الرفض» لها من فريق عون ورئيس الحكومة سعد الحريري عنوانها «التسجيل المسبق» للناخبين الراغبين في الاقتراع في أماكن سكنهم (وليس في مكان القيد)، بما يَخدم رغبة الحزب في الإمساك بالكتلة الناخبة الموالية له وعدم تعريضها لـ «التسرُّب»، علماً ان بعض المواكبين لهذا الملف يرون ان «حزب الله» يفضّل انتخابات بلا بطاقة بيومترية ولا إمكان الاقتراع خارج مكان السكن.

مشاركة :