تعتزم الحكومة المغربية إطلاق أول جلسة حوار مع الاتحادات العمالية (النقابات) في التاسع من شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وذلك بعد اتفاق الطرفين على أن تصبح المفاوضات بينهما دورية، وأن تعقد في دورتين خلال شهري سبتمبر (أيلول) وأبريل (نيسان) من كل عام.وعقد سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، مساء أول من أمس بمقر إقامته في الرباط أول اجتماع مع ممثلي الاتحادات العمالية الأكثر تمثيلية في جلسة تمهيدية، سبقت إطلاق جولات الحوار الاجتماعي.وقال العثماني أمس خلال اجتماع الحكومة: إن حكومته «ملتزمة برفع مستوى الحوار والتواصل مع مختلف الفاعلين الاجتماعيين والاقتصاديين إلى مستوى الشراكة والتعاون، رغم الظروف الصعبة دوليا وإقليميا»، مضيفا أن جولات الحوار التي انطلقت هذا الأسبوع «كانت إيجابية، وما هي إلا البداية».كما وعد رئيس الحكومة المغربية بـ«معالجة مختلف قضايا البلاد بمنطق الشراكة وتجاوز الصعوبات»، مبرزا أن الحكومة «تعاملت بأعلى درجات المسؤولية خلال الأشهر الأربعة الأولى الماضية».وكان العثماني قد أعلن مباشرة بعد تعيينه اعتزامه إطلاق حوار مع النقابات، الذي ظل يراوح مكانه في عهد سلفه عبد الإله ابن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية؛ وذلك بسبب خلافه مع زعماء النقابات بشأن ترتيب الأولويات. فبينما كانت النقابات تطالب الحكومة برفع أجور الموظفين، كان ابن كيران يرى أن من أولويات حكومته الاهتمام بالفئات الفقيرة التي لا تملك أي دخل قار، أو دخل محدود، بينما الموظفون في المغرب يتمتعون، كما ظل يردد، بأعلى معدل رواتب في المنطقة. ولذلك؛ ظلت النقابات تؤاخذ الحكومة السابقة على تجميد الحوار الاجتماعي لمدة 5 سنوات.وطالب النعم ميارة، الكاتب العام (الأمين العام) لنقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، الذراع النقابية لحزب الاستقلال، الحكومة خلال الاجتماع الذي عقده العثماني مع ممثلي النقابات بـ«إرساء آلية واضحة للتفاوض تمر عبر جدولة قارة، مع تحديد الأولويات في لقاء تمهيدي». كما طالب بدعم القدرات التدبيرية للنقابات الأكثر تمثيلية، وترسيخ وجودها عبر رفع التضييق عن ممارسة الحق النقابي، وإرجاع الثقة إلى مؤسسة الحوار الاجتماعي، وإعادة الاعتبار من خلال ذلك إلى المؤسسات النقابية، كممثل نزيه لصوت الطبقة العاملة بالمغرب، وكداعم لاقتصاد وطني قوي يضمن مناصب شغل قارة ويؤمّن السلم الاجتماعي»، حسب قوله.وتشبثت نقابة حزب الاستقلال بمطلب تنفيذ اتفاق 26 أبريل 2011، الذي كان يقضي بتوظيف عدد من الشباب الجامعيين في عهد الحكومة التي كان يرأسها عباس الفاسي، الأمين العام السابق لحزب الاستقلال.وكانت الحكومة المغربية قد وعدت بتطوير التشاور والحوار مع كل الاتحادات العمالية، وتعهدت بمراجعة مدونة (قانون) الشغل لملاءمة مقتضياتها مع معايير العمل الدولية، وتطوير قوانين الشغل لضمان العمل اللائق لكل الفئات، وتنافسية المقاولة المغربية، وتيسير استفادة الفئات الفقيرة من فرص العمل، ومواكبة المهاجرين في وضعية قانونية من أجل تيسير إدماجهم المهني.كما وعدت بإقرار القانون التنظيمي المتعلق بشروط وإجراءات ممارسة حق الإضراب، وإعداد القانون المتعلق بالنقابات المهنية، وغيرها من الإجراءات التي تطالب بها النقابات.واستبق رئيس الحكومة لقاءه بالنقابات بعقد لقاء تشاوري مع رجال الأعمال، حيث التقى ممثلين عن «الاتحاد العام لمقاولات المغرب» الذي ترأسه مريم بنصالح شقرون.وذكر بيان لرئاسة الحكومة، أن اللقاء يندرج في إطار مذكرة التفاهم الموقعة بين الحكومة والاتحاد العام لمقاولات المغرب سنة 2012، وخصص لاستطلاع آراء ومواقف ممثلي رجال الأعمال حول تطور الاقتصاد الوطني والإصلاحات، التي يجب مباشرتها على مختلف المستويات في أفق تعزيز إنتاج الثروات وخلق مناصب الشغل.وناقش اللقاء مواضيع تتعلق بآليات مأسسة الحوار وتعزيز مناخ الأعمال والإصلاح الضريبي والتكوين المهني، والرفع من تنافسية المقاولة الوطنية ومعالجة القطاع غير المهيكل وشروط الاستفادة من الصفقات العمومية والحماية الاجتماعي. واتفق الجانبان على إحداث مجموعات عمل مشتركة مكلفة تعميق دراسة مختلف المقترحات، وتطويرها قصد توفير شروط تفعيلها، وذلك بالموازاة مع مسلسل الحوار الاجتماعي الذي ستشارك فيه الاتحادات العمالية.
مشاركة :