الزمن مرّ، وأصبح هذا الاختراع أوروبيا اليوم، وبات يسوّق بشكل اعتيادي ويمكنك أن تشتريه، وتشبك نفسك في السيستم بإرادتك الحرة، مقابل مبالغ بسيطة يمكن دفعها بالتقسيط حتى، دون أن تشعر بعبئها.العرب إبراهيم الجبين [نُشر في 2017/09/22، العدد: 10759، ص(24)] شاهدت قبل أسابيع تقريرا تلفزيونيا لافتا يتحدث عن أولئك الأشخاص الذين قرروا التحول إلى حوامل رقمية في ألمانيا. يعني هذا ألفي شخص اختاروا الاحتفاظ بكل ملفاتهم الإلكترونية ليس على شكل أقراص مضغوطة وفلاشات وهاردات، ولكن بصورة كبسولة تحت الجلد يحملونها معهم أينما راحوا وجاءوا. ويصور التقرير حالة رجل قرر الانتقال من الأعمال العادية غير المربحة إلى العمل في تسويق وبيع الكبسولات التي يجري زرعها في المعصم، وتمكنك ليس فقط من الاحتفاظ بملفاتك الهامة، بل أيضا بالاستغناء عن الكثير من الأدوات التي لا لزوم لها بعد الآن، مثل مفتاح البيت والسيارة والمكتب وغيره، فبمجرد أن تقترب من الباب ينفتح لك تلقائيا بعد أن يتعرف على الكود الموجود في كبسولتك، كما يمكنك أن تلتقط أي واي فاي من حولك، وتخزن أو ترسل وتشبك نفسك فيه. هذا ليس كل شيء، فحين بحثت في أصل هذه العملية التي يدور حولها حديث الآن، وجدت أن ألمانيا ذاتها، كانت في العام 2012 قد رفضت تسجيل براءة اختراع لشاب عربي تقدم بالفكرة ذاتها، ولكن من أجل ملاحقة ومراقبة الإرهابيين. وقد أطلقت الصحف الشعبية على ابتكار الشاب العربي حينها اسم "الشريحة القاتلة"، وقالت شبكة فوكس نيوز الأميركية إن المخترع صنع نموذجين من هذه الشريحة، النموذج الأول عبارة عن جهاز صغير جدا لنظام تحديد المواقع العالمي “جي بي إس”، يوضع في كبسولة داخل شريحة تزرع تحت جلد الشخص الذي نريد ملاحقته وتتبعه. أما النموذج الثاني فهو مصنوع بطريقة تتيح للسلطات الأمنية توجيه أوامر عن بعد للشريحة بإفراز مادة سمية لقتل حامل الشريحة في حال قررت العدالة أن حياته تشكل تهديدا للأبرياء. ونقلت “فوكس نيوز” عن المخترع العربي قوله إن شريحته “معدّة بوجه خاص لتعقب الإرهابيين والمجرمين والهاربين من العدالة، كما أنها مفيدة في التعامل مع المهاجرين غير الشرعيين والعمال المنزليين". حينها علقت ستيفاني كروغر المتحدثة باسم المكتب الألماني لبراءات الاختراع والعلامات التجارية إن هذا الاختراع "قد" يمثل انتهاكا لقانون براءات الاختراع الألماني الذي لا يسمح بالاختراعات التي تشكل تعديا على النظام العام والأخلاق. لكن الزمن مرّ، وأصبح هذا الاختراع أوروبيا اليوم، وبات يسوّق بشكل اعتيادي ويمكنك أن تشتريه، وتشبك نفسك في السيستم بإرادتك الحرة، مقابل مبالغ بسيطة يمكن دفعها بالتقسيط حتى، دون أن تشعر بعبئها، عليك فقط أن تتجنب التحول إلى نموذج طريد. ويمكن للقارئ الكريم تخيّل كيف تعمل هذه الكبسولة فيما لو طبقت في عالمنا العربي. إبراهيم الجبين
مشاركة :