مسرح العبث

  • 9/23/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

بعد الحرب العالمية الثانية ونتائجها التي جعلت النظام السائد في أوروبا عرضة للانهيار، برز أدب العبث واللامعقول، للتعبير عن لا معقولية الوضع الإنساني، وعن مأزق الفرد وعزلته، وانفصام الروابط الإنسانية، في المجتمع الأوروبي. وقد كان لفلسفة العبث التي طرحها (ألبير كامو) من خلال روايته (أسطورة سيزيف) أثرها الكبير في بعض كتّاب المسرح، وقد كان صمويل بيكيت من أوائل المسرحيين الذين تبنوا هذه الرؤية.قدم رواد مسرح العبث نمطاً جديداً من الدراما المتمردة على الواقع، فجددوا في شكل المسرحية ومضمونها؛ حيث إن غياب المعنى الحقيقي للواقع جعل كتّاب مسرح اللامعقول من أمثال: بيكيت ويونسكو وارتوادموف وجان جينيه وغيرهم، يرفضون عالم الحروب والمنافسات الدموية وأوهام المجد الكاذب وشحوب الروح والعقل وانسحاق فردية الإنسان في مواجهة المؤسسات القوية.كما تخلى كتّاب مسرح العبث عن الشكل الدرامي السابق وسعوا إلى رسم الشخصيات مجردة من الأبعاد المعروفة، فهم بذلك تخَلوا عن (الإنسان النموذج) البطل، وعن القيم الثابتة، والاكتفاء بتصور (شخص) لا شخصية له، يواجه موقفاً عارضاً، لا يعيش أي (زمن)؛ لأن مفهوم (الزمن) إذا ارتبط بشخصيات يقتضي التسليم بوجود (تاريخ) ومستقبل مملوء بالتوقعات التي يمكن بالمنطق والعلم التنبؤ بها، وتدور معظم الشخصيات العبثية في دائرة مفرغة ولا تتطور إلا عن طريق تكثيف الموقف الدرامي، وهي غالباً ما تتسم بالروح التشاؤمية وبالقلق الروحي والانغلاق الذاتي.

مشاركة :