ظهر هوشيار زيباري، عضو المجلس الأعلى للاستفتاء في إقليم كردستان في فيديو تم تداوله بكثافة عبر تطبيق الwhats app وهو يطمئن العرب أنه في حال تم الانفصال لن تحدث أي إجراءات أو سياسات تهدد وجود وأمان العرب في الإقليم مؤكداً أنهم يختلفون عن ما سماهم بقادة "الميليشيات". ورغم تطمينات المسؤول الكردي إلا أن القلق والتوتر ما زال يسيطر على بعض العراقيين العرب الموجودين في الإقليم، يتساءلون ماذا بعد الاستفتاء؟ وهل من الممكن أن يتحول الصراع من سياسي إلى اجتماعي؟تخوفات من الغد مالك حسين، مهندس من بغداد ومقيم في أربيل، لم يدع زوجته وطفلته التي تبلغ عاماً واحداً إلى القدوم معه إلى أربيل خوفاً على سلامتهما وفضل أن يبقيا في الولايات المتحدة حتى تتضح الصورة الأمنية أكثر. يخشى حسين أن تنتقل "حرب الزعماء الكلامية" كما يسميها إلى الشارع، إذ يقول "نحن نخاف من التوتر الذي سيحدث بعد الاستفتاء ومن أياد خارجية قد تزرع الفتنة ما بين الأكراد والعرب في الإقليم وتنتهي لا سمح الله بحرب أهلية"، ثم يصمت لوهلة ليكمل حديثه "أتمنى ألا ينتهي المطاف بصراعات بين الأكراد والعرب فنحن أهل عشنا وتربينا وأكلنا سوياً". أما مايا، القادمة من بغداد، فتعتقد أن هناك عنصرية أزلية بين بعض الأكراد والعرب، حيث أن بعض الأكراد يظنون أن العرب كلهم صدام أو داعش، مايا التي رفضت ذكر اسمها الحقيقي نظراً لحساسية الموضوع، تكمل"أنا لا أعمم طبعاً فنحن رأينا الكثير من الخير من الشعب الكردي ولكن هناك بكل شعب أناس متخلفون وعنصريون وعقولهم ضعيفة ونحن نخاف من ردة فعل هؤلاء ونخشى أن تتفجر أحقادهم في وجه ناس بريئين لا علاقة لهم بالموضوع". وشددت مايا أنهم متخوفون جداً من البلبلة التي قد تحدث بعد الاستفتاء، و تشرح ذلك قائلة "في حال لم يحصل الاستفتاء نخاف أن تتأجج العنصرية والأحقاد تجاه العرب وإن حصل الاستفتاء نخاف من ردة فعل بغداد والدول المجاورة"، وتحسباً لأي طارئ تحصلت على تأشيرات لمغادرة البلد صحبة عائلتها في حال حدثت أي أعمال عنف. قلق مايا يشاركها فيها حسام ع، الذي يعيش مع عائلته في أربيل، فبالرغم من أن الوضع في كردستان طبيعي جداً إلا هناك "مخاوف من ما بعد الاستفتاء من رد فعل بعض الأشخاص الذين قد يفقدون السيطرة على أعصابهم في حال تعرض بعض الأكراد لمضايقات في بغداد"، ليختم حسام كلامه بالقول "نتمنى أن لا يحصل أي شيء، لأنني في أربيل وكردستان وجدت الأمان والاستقرار الذي لم أجده في بلدي ومدينتي".هل يتجه البلد إلى نزاع قومي؟ بعد سقوط نظام صدام حسين شهد إقليم كردستان موجات نزوح كبيرة من طرف العرب، حيث أشار موقع روداو في تقرير له أعده عام 2016 أن 80% تقريباً من مشتري المنازل في أربيل هم من العرب. ويعود ذلك إلى أن الوضع الأمني والاقتصادي في الإقليم وتحديداً في أربيل أفضل من كل مناطق العراق الأخرى وإلى انعدام النزاعات العرقية والطائفية. ويرى الكاتب والباحث حارث الحسن أن التوتر السياسي الناتج عن موضوع الاستفتاء والتصعيد بين أربيل وبغداد وبين الإقليم والدول المجاورة قد "عمّق المخاوف المتبادلة بين الجماعات الإثنية المختلفة لا سيما في مناطق مثل كركوك متعددة الإثنيات ووضعها السياسي والإداري غير محسوم لحد الآن". ويضيف لهاف بوست عربي: "هناك تحذير دولي ومن جهات عديدة من المضي أكثر باتجاه التصعيد، لحد الآن هذا التصعيد قابل للاحتواء سياسياً ولكن عندما ينفلت الوضع، فقد يصل إلى حد الاقتتال والصراع بين المكونات الاجتماعية المختلفة". ويؤكد حسن أنه من غير الوصول إلى حل توافقي لتخفيف التصعيد بين الجانبين، والذهاب إلى المفاوضات فقد تتكرر الاعتداءات التي حصلت في كركوك وتأخذ بعداً أكبر"إذا تم إجراء الاستفتاء وظهر أن هناك أغلبية في كركوك تريد الانضمام لإقليم كردستان، أكيد هذا سيكون سبباً آخر للتوتر بين المكونات واحتمال اندلاع صراع بينهم".توترات كركوك وقد شهدت كركوك في الأيام الماضية اشتباكات عنيفة بعد أن قامت مجموعة مسلحة بالاعتداء على أحد المقرات التركمانية مما تسبب بسقوط ضحايا، هذه المدينة التي تعتبر واحدة من المناطق المتنازع عليها بين حكومة الإقليم والحكومة العراقية في بغداد، خصص الدستور العراقي المادة 140 لمعالجتها عبر ثلاث مراحل هي التطبيع والإحصاء وثم الاستفتاء، لكن حتى الآن لم يتمكن الطرفان من التوصل إلى حل نهائي للخلاف. التخوفات من مرحلة ما بعد الاستفتاء جعلت عمليات بيع السلاح في المدن العراقية المحيطة بإقليم أربيل الكردي والتي تقطنها عشائر تركمانية ترتفع بشكل كبير خلال الأسابيع القليلة الماضية التي تلت موافقة برلمان الإقليم على إجراء استفتاء الانفصال كما ذكرت صحيفة "" التركية. وأكدت الصحيفة أن أفراداً من العشائر التركمانية المقيمة في مدن كركوك وتلعفر بدأت بمغادرة منازلها باتجاه الحدود التركية، فيما قرر آخرون البقاء وشراء السلاح للدفاع عن أنفسهم في حال اندلعت مواجهات على خلفية الاستفتاء. وبخصوص هذه التحركات أكد الدبلوماسي ومستشار وزارة الخارجية السابق أونور أويمان للصحيفة، أنه ينبغي على الحكومة والمعارضة التركية إنشاء خلية لإدارة الأزمة في أسرع وقت، مضيفاً أن تركيا وشعبها هم أكثر المتضررين من إجراء الاستفتاء، مشيراً لمساعي بعض الدول بعد الحرب العالمية الأولى وتحديداً بريطانيا للسيطرة على حقول النفط في كركوك من خلال دعم وإنشاء دولة كردية في المنطقة حسب زعمه. وكانت الحكومة التركية قد هددت باستخدام القوة واتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لوقف إجراء الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان العراق والمزمع إقامته في 25 أيلول 2017، إلا أن مسعود برزاني رئيس الإقليم تمسك بإجرائه في موعده رغم كل التحذيرات التي وجهتها بغداد وعواصم أخرى.
مشاركة :