مركل لولاية رابعة والقوميون يدخلون البرلمان بقوة

  • 9/25/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

فاز المحافظون الألمان بالانتخابات التشريعية اليوم (الأحد)، إلا أن الدخول التاريخي لليمين القومي والشعبوي إلى مجلس النواب عكر كثيراً فرحة انتصار أنغيلا مركل بولاية رابعة. ومع أن الحزبين المحافظين الحليفين «الاتحاد المسيحي الديموقراطي»، و«الاتحاد المسيحي الاجتماعي»، حلا في الطليعة وجمعا ما بين 32.5 و33.5 في المئة، فإن هذه النتيجة لهما تعتبر الأدنى تاريخياً (33.8 في المئة في العام 2009). وفي المرتبة الثانية المتوقعة حل «الحزب الاشتراكي الديموقراطي» جامعاً ما بين 20 و21 في المئة في أسوأ نتيجة له منذ العام 1945، وذلك بحسب استطلاعات الرأي لدى الخروج من مكاتب الاقتراع من إعداد شبكتي «أي آر دي» و«زد دي أف». وأقرت مركل مساء اليوم بأنها كانت تتوقع الحصول على «نتائج أفضل»، واعتبرت أن دخول القوميين المتشددين البرلمان يعتبر «تحدياً جديداً». وبات يعود اليوم إلى مركل تسلم المستشارية للمرة الرابعة وتشكيل الحكومة الجديدة مع شركاء آخرين غير «الحزب الاشتراكي الديموقراطي» الذي سارع إلى التأكيد بعد صدور هذه النتائج الأولية، أنه قرر الانتقال إلى المعارضة بعد أن حكم مع مركل خلال السنوات الأربع الماضية. وبات من المرجح أن تسعى مركل إلى التحالف مع «الحزب الليبرالي الديموقراطي» ومع حزب «الخضر» لتشكيل أكثرية. إلا أن النتيجة التاريخية التي حققها حزب «البديل لألمانيا» اليميني القومي الشعبوي المتشدد جامعاً 13 في المئة من الأصوات وحالاً في المركز الثالث، عكرت كثيراً على مركل وعلى المحافظين فرحتهم بالبقاء في السلطة. وهي المرة الأولى التي يدخل فيها هذا الحزب إلى البرلمان وهو معروف بمواقفه المناهضة للهجرة وللإسلام وللاتحاد الأوروبي. وبعدما فشل في دخول مجلس النواب خلال الانتخابات الأخيرة في 2013، فإنه اليوم يتفوق على اليسار الراديكالي (دي لينكي 9 في المئة) وعلى الليبراليين (حوالى 10 في المئة) وعلى الخضر (حوالى 9 في المئة). وفي الوقت الذي كانت فيه المستشارة مركل تركز في حملتها الانتخابية على ضرورة الحفاظ على الازدهار الاقتصادي الذي تنعم فيه البلاد، كان حزب «البديل لألمانيا» يشن عليها الهجمات العنيفة، ويشيد بسياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانعزالية، وبتصويت البريطانيين لصالح «بريكزيت». ويتهم القوميون مركل بـ «الخيانة» لفتحها أبواب البلاد في 2015 أمام مئات الآلاف من طالبي اللجوء وغالبيتهم من المسلمين. وبات اليوم على المستشارة أن تبرر أمام حلفائها من «الاتحاد المسيحي الاجتماعي» في مقاطعة بافاريا، وأمام الشريحة المحافظة في حزبها «الاتحاد المسيحي الديموقراطي»، مواقفها الشديدة الوسطية وانفتاحها الكبير على المهاجرين. وتمكن حزب «البديل لألمانيا» من قضم أصوات من المحافظين على رغم تطرف بعض قياداته ودعوتهم الألمان إلى أن يكونوا فخورين بأعمال جنودهم خلال الحرب العالمية الثانية، وهو أمر لم يحصل سابقاً في بلد تقوم هويته الأساسية على نبذ النازية ونبذ التطرف. ولم يتردد وزير الخارجية زيغمار غابرييل في القول حتى قبل موعد الانتخابات، إن دخول حزب «البديل لألمانيا» إلى «بوندستاغ» (البرلمان) سيسجل عودة النازيين إلى ألمانيا «للمرة الأولى منذ أكثر من 70 عاماً». ومع حصول اليسار الراديكالي (دي لينكي) على حوالى 9 في المئة فهذا يعني أن حوالى ربع الناخبين اختاروا التطرف. وهذه الظاهرة التي اقتحمت دولاً أوروبية عدة تبدو للمرة الأولى واضحة اليوم في ألمانيا. أما الخاسر الأكبر في نهاية اليوم الانتخابي الطويل في ألمانيا فهو من دون منازع الرئيس السابق للبرلمان الأوروبي والزعيم الحالي لـ «الحزب الاشتراكي الديموقراطي» مارتن شولتز الذي قاد حزبه إلى الهزيمة الرابعة على التوالي بمواجهة مركل التي تبدو كأنها لا تقهر. وفشل «الحزب الاشتراكي الديموقراطي» في تقديم نموذج للتغيير ولم يستفد كثيراً من دخوله الحكومة مع مركل منذ العام 2013. فهو يركز على شعارات حول العدالة الاجتماعية في حين أن البلاد تعيش نمواً كبيراً ونسبة بطالة من الأدنى في تاريخها. حتى أن مستقبل شولتز السياسي على رأس الحزب بات مهدداً بعد أن كان مطلع العام الحالي يحمل الآمال الكثيرة لمناصري هذا الحزب. وبإزاء هذه النتائج، وإثر موقف الحزب «الاشتراكي الديموقراطي» لجهة رفضه الاستمرار في الحكم، لن تكون مهمة مركل سهلة في تشكيل ائتلاف حكومي جديد. والخيار الأسهل كان إبقاء الائتلاف مع «الاشتراكيين الديموقراطيين»، ومع غياب هذا الخيار تتجه الأمور نحو ائتلاف جديد يضم «الحزب الليبرالي» و«الخضر». إلا أن الخلافات بين «الليبراليين» و«الخضر» حول مستقبل الديزل أو الهجرة لن تسهل الأمور نحو تشكيل هذا الائتلاف. ويمكن أن تتواصل المحادثات لتشكيل الائتلاف الجديد حتى نهاية العام الحالي، ولن تصبح مركل مستشارة للمرة الرابعة إلا بعد نجاحها في تشكيل ائتلاف جديد. وسيكون على هذا الائتلاف الجديد تحمل مسؤوليات كبيرة إزاء إصلاح منطقة اليورو، ومستقبل العلاقات بين ضفتي الأطلسي، ومسألة العقوبات على روسيا.

مشاركة :