من أبلغ العبارات التي يجب ان تؤخذ على محمل الجد ويدقق في محتواها جيداً تلك العبارة التي تقول: «نحن مَن يصنع من الحمقى مشاهير» ولو تأملنا كمية المشاهير الذي يحيطون بنا في مجالات تصعب على الحصر لأدركنا أننا ازاء جيل بات متعلقاً بكثير من الحمقى تحت بند ومصطلح «الشهرة». نحن في حاجة ماسة إلى الوقوف بصرامة وقوة تجاه هذا الغثاء المنهمر عبر كثير من وسائل التواصل المتنوعة والمتاحة، وكمية هائلة من تسطيح الوعي، وتمرير الجمل الهابطة والعبارات بالغة السوء حتى باتت تلتصق بألسنة النشء بشكل طبيعي ومن دون تنبه إلى أن يكون التأسيس بهذا السقوط والإسفاف والابتذال. من نوافذ الشهرة المنفلتة ستحضر ثقافة لن تكتشف سيئاتها الا بعد مرور سنوات عديدة وبعد أن تكون سابحة في فضاء المجتمع بهدوء ورتابة، والمنتج الذي يرد ويولد يحظى بمتابعة غير عادية وجماهيرية متزايدة رغم رداءة المحتوى وضعف البضاعة التي تقدمها، وأعلم أن التحدي الذي سيواجهه الوعي العام والمجتمع المتقاطع مع هذا السيل ليس تحدياً في متناول اليد بل في حاجة ماسة إلى متابعة دقيقة وعقوبات صارمة وتوعية مستمرة تستند إلى تعرية الاخطاء والسلوكيات الهابطة. التدني الذي يقدمه من فقدوا وعيهم تحت بند «المشاهير» وعبر المنافذ التي يعبرون من خلالها للمتلقي، عزز نشوء جيل مدمن الألفاظَ السوقية ومروج لغةَ الشوارع، وقدمَنا -مع بالغ الأسف- مجتمعاً هو مزيج من الهبل والسخرية في غير موضعها ولا مكانها. كم من أحمق لاحقته الطوابير المسكينة التي كان ذنبها الوحيد أن ساهمت بجهلها وضمور وعيها في خلق عدد من بالونات الفشل وتلميعها إلى الحد الذي أصبح فيه ذوو السلوكيات المختلة المضطربة والهيئات المضحكة المستفزة هم مشاهير هذا الجيل والحلم الذي يتمنى الجهلة وصغار السن أن يصلوا إليه في سياق عدد المتابعين والملاحقين والمطبلين والمروجين والتافهين. نحن مسؤولون عن صناعة جيل باهتمامات سطحية، واستخفاف عقلي صريح، وتراجع مخيف في القدوة والطموح. المثير أيضاً أن كثيرا من فعاليات الترويح والترويج باتت تتكئ على جلب الرعاع والحمقى المشاهير وتقديمهم للمتلقي والمنتظر الذين يدفع بلا وعي ويلاحق نزولاً عن الفراغ المستفحل وفتنة الشهرة التي باتت تأخذ عقول الصغار قبل الكبار... الاعتقاد أن الحماقة والسلوكيات المنحرفة والألفاظ المائلة هي أسس الشهرة اعتقاد يمشي في الجيل الحالي ببطء ويضعهم في خانات ضيقة وطموحات مخجلة، ويؤخرهم كثيراً عن اللحاق بزمن لا ينتظر الحمقى ولا المتمددين أمام من يسرق جيوبهم وعقولهم في آن بحجة أنه من طوابير المشاهير التي تعتبر أرخص الطوابير في وقتنا الحالي لأن الطابور بات محملاً بحمقى كثر كان رزقهم بأيدي أفراد جعلوا منهم شيئاً من دون أن يعرفوا ان ذلك محزن ومستفز وموجع.
مشاركة :