ارتكبنا خطأ تاريخياً فادحاً حين توسعنا في زراعة القمح، وبعد أن استنزفنا مخزوننا الأرضي من المياه بدأنا تدريجياً في الحدّ من زراعته، ولكننا لم نتوقف عن زراعة الأعلاف الخضراء التي تستنزف كميات من المياه أكثر من التي يستنزفها القمح، وهي مع الأسف لا غنى عنها في تغذية الأبقار وإنتاج الألبان، ويقال الآن إنّ هيئة الخبراء في مجلس الوزراء تدرس إيقاف زراعة الأعلاف الخضراء تدريجياً على مدى السنوات الثلاث المقبلة حتى إيقافها تماماً والاعتماد على الاستيراد من الخارج وتوفير مصادر بديلة محلياً، وأسارع وأقول إنّ الاستيراد من الخارج ليس البديل فتكلفة شحن الأعلاف نظراً لحجمها عالية جداً وهي أعلى من تكلفة شحن الحبوب كالشعير والذرة، وهذا يعني أننا لو اعتمدنا على هذا البديل إفلاس مزارع الألبان لأنّ تكلفة إنتاجها ستكون أعلى من سعر المستورد منها، أمّا البدائل المحلية، فلنصرف النظر عن المراعي فقد قضى الرعي الجائر عليها، ويبقى بديل واحد ولا بديل غيره، وهو زراعة أعلاف تقاوم الملوحة أو حتى تروى بماء البحر، وأذكر أنّ وزير البترول والمعادن المهندس على النعيمي صرّح عند تأسيس جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية بأنّه ستجرى تجارب على زراعة القمح من مياه البحر الأحمر، ولا أدري ماذا تمّ إنجازه في هذا الصدد؟ ولكنّ العقول التي استقدمناها لهذه الجامعة قادرة على ذلك، وهي بالتالي قادرة على استنباط أصناف من الأعلاف تقاوم الملوحة.
مشاركة :