مسيحيو الشرق في معرض توثيقي بفرنسا

  • 9/27/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

معهد العالم العربي في باريس معرض كبير لمقتنيات تؤرخ لألفي سنة من التاريخ المسيحي في الشرق. وهذا المعرض الذي يستمر حتى الرابع عشر من يناير/كانون الثاني يتيح للزوار الاطلاع على اغراض ليتورجية ونسخ من الإنجيل وأيقونات. والطرح الذي يقدّمه هذا المعرض يذهب أبعد من شعور الأقليات بالقلق والاضطهاد الذي يدفعها إلى الهجرة، بل هو يحاول أن "يعيد قراءة المسألة بشكل أفضل"، بحسب ما يقول المونسنيور باسكال غولنيتش المدير العام لجمعية "لوفر دوريان" الشريكة في المعرض. ويضيف "المسيحيون في الشرق ليسوا فقط أولئك المساكين المضطهدين، وليسوا فقط المهاجرين، وأولئك الذين يلقون الحماية من الغرب"، مشددا على أن المسيحية في الشرق "مكوّن حضاري في العالم العربي". ويذكّر المعرض زواره أن المسيحية ظهرت في الشرق، في القدس، ثم انطلقت منه إلى العالم. في القرون الأولى بعد المسيح، واجه المسيحيون أولى حوادث الاضطهاد، واضطروا إلى ممارسة طقوسهم في أماكن مغلقة. ويؤرخ المعرض لهذه المرحلة عارضا لوحات جدارية قديمة كانت تزيّن دور عبادة في سوريا في القرن الثالث للميلاد. وتعرض للمرة الأولى في أوروبا فيما هي محفوظة في جامعة يال الاميركية. وإضافة إلى الأعمال والمقتنيات التي قدّمتها مؤسسات غربية كبيرة، حصل معهد العالم العربي على مقتنيات من الطوائف المشرقية نفسها، منها نسخة ملوّنة من الإنجيل تعود إلى القرن السادس، هرّبتها إلى بيروت بطريركية السريان الأرثوذكس لحمايتها. ومن المعروضات أيضا أيقونة تصوّر رقاد مريم العذراء وكأس فضيّة مذهّبة وفرمان عثماني ومجسم خشبي لكنيسة القيامة، مما يؤرخ للمسيحية في الشرق بتنوّع جماعاتها بين الروم والأقباط والكلدان الأشوريين والسريان والأرمن والموارنة. في القرن السابع للميلاد انتشر الإسلام في الشرق، لكنه لم يوجّه ضربة إلى الوجود المسيحي في تلك البلاد. وتقول إلودي بوفار إحدى المسؤولين عن المعرض "نحاول أن نظهر أن اعتبار المسيحيين أهل ذمّة لم يحل دون مشاركتهم في الحياة السياسية". تفاعل ثقافي ويقابل المعرض بين أزمنة الاضطهاد من جهة، وأزمنة "التفاعل الثقافي" بين المسلمين والمسيحيين من جهة أخرى، ومن بين المعروضات ما يشهد على هذا الحوار بين جماعات الشرق، ومن ذلك زجاجة مزيّنة بمشاهد من الحياة في الأديرة، على الطريقة الإسلامية. وتعود هذه الزجاجة إلى القرن الثالث عشر في سوريا. في أواخر القرن التاسع عشر ومطالع القرن العشرين كان المسيحيون في طليعة النهضة المشرقية والحركة القومية العربية. لكنهم اليوم "يشعرون أن التاريخ يعيد نفسه" تجاههم كما تقول بوفار. ويقول غولنيتش "يقال إن الناس الذين غادروا لن يعودوا أبدا، أنا حذر في التعامل مع هذا النوع من التنبؤات" رغم النزف الكبير في عدد المسيحيين في السنوات الماضية، ولاسيما في سوريا والعراق. لكنه يشدد على أن المشكلة ليست "مشكلة مسيحيين" بل هي "أزمة شاملة في العالم العربي الذي ينبغي أن يتقدّم نحو الحداثة والمواطنة والحرية الدينية". ويقول "إذا كان المسيحيون يغادرون العراق، فهذه مأساة للكنيسة لكنها أيضا مأساة للعراق الذي سيفقد فئة متعلّمة قادرة على التوسّط بين الجماعات المختلفة، ولديها صلات بالعالم".

مشاركة :