تقف الدوحة أمام عدد محدود من الخيارات للتغلب على أزمة نقص السيولة التي تنتاب اقتصادها جراء المقاطعة المفروضة عليها من قبل الدول الداعية لمكافحة الإرهاب، جميعها خيارات مُرة، ما بين اللجوء إلى مواصلة تسييل أصولها، أو الاتجاه إلى سوق الدين العالمي بفوائد مرتفعة، نظراً لخفض تصنيفها الائتماني، وعدم التأكد من اقتصادها. في ضريبة تدفعها قطر باهظة، نتيجة سياسات قادتها العدائية تجاه دول المنطقة. وسحبت الدوحة جزءاً كبيراً من أموال صندوقها السيادي، وكذلك استنزفت الكثير من احتياطاتها النقدية من العملة الأجنبية، ضمن محاولاتها لدعم البنوك المحلية في مواجهة عمليات التخارج وهروب الاستثمارات والودائع. كما قامت بعمليات تسييل وتخارج، ولعل عمليات بنك كريدي سويس السويسري، وشركة النفط الروسية العملاقة روسنفت، وأيضاً بيع الصندوق السيادي القطري لحصته في تيفاني للمجوهرات، من أبرز الوقائع والقرارات القطرية للتغلب على أزمة نقص السيولة. مخاطر حتى الخيارات المطروحة أمام الدوحة للتعامل مع نقص السيولة وتعويضها، تحفها العديد من الإشكاليات، رغم اعتبارها إجراءات مسكنة للأزمة التي يعاني منها الاقتصاد القطري، من بين تلك الإشكاليات، وجود عقبات أمام لجوء قطر إلى الاقتراض من الخارج، انطلاقاً من أن هنالك حالة رفض لدى الكثيرين لإقراضها، انطلاقاً من الغموض الذي يلف اقتصادها، حسبما يؤكد رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية، الدكتور رشاد عبده، في تصريحات لـ «البيان»، شدد خلالها على أن التوقعات السلبية لأداء الاقتصاد القطري، تجعل هنالك تخوفاً واضحاً من التعامل معه. ويعتبر عبده، أن الدوحة تقوم باختبار العديد من الأدوات الاقتصادية لتعويض نقص السيولة، سواء السعي في مسألة الاقتراض، أو مواصلة عمليات التسييل التي تقوم بها، وذلك مرتبط بطول فترة المقاطعة ومدتها، وإذا ما التزمت قطر بموقفها الرافض للمطالب، فإنها مرشحة للمزيد من الخسائر المتزايدة. ويفرز خفض التصنيف الائتماني للاقتصاد القطري، العديد من العقبات، إذ يرفع ذلك سعر الفائدة على عمليات الإقراض، على اعتبار ما يحيط بالاقتصاد القطري من حالة عدم تأكد، وحالة غموض واضحة. ويشدد الخبير الاقتصادي المصري، على أن الدوحة سحبت جزءاً كبيراً لا يستهان به من أموال الصناديق السيادية، كما سحبت جزءاً كبيراً من الاحتياطي النقدي بالعملة الأجنبية، لأن هنالك الكثيرين من الأفراد والشركات ممن سحبوا استثماراتهم وودائعهم للخارج، في ظل حالة عدم اليقين الراهنة. أصول ويشير عميد مركز البحوث الاقتصادية، رئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية السادات، الدكتور عبد المطلب عبد الحميد، إلى أن الدوحة من الواضح أنها سوف تلجأ لمواصلة خيار تسييل الأصول، لا سيما أن اقتصادها كان يتمتع بالعديد من الأصول في العديد من الدول، وبالتالي، تعتمد على «فك» تلك الأصول للتغلب المؤقت على نقص السيولة الذي تعاني منه في الوقت الراهن على المستوى القريب، ذلك على حساب خيار اللجوء لسوق الدين العالمي، لا سيما أن كلفة فوائد الدين سوف تكون مرتفعة، مع خفض التصنيف الائتماني للدوحة. ويوضح، في تصريحات لـ «البيان»، أن أزمة نقص السيولة، من الأزمات الصعبة التي تواجه القطريين في الوقت الراهن، والتي سوف تجبرهم على الجلوس على طاولة المفاوضات، ومحاولة تغيير السياسات، من أجل التغلب على آثار المقاطعة في الاقتصاد القطري، وهي الآثار السلبية التي تعاني منها القطاعات الاقتصادية كافة، والتي ستكون دافعاً قوياً للدوحة للتخلي عن سياساتها، إذا ما أرادت حل المشكلة التي يعاني منها اقتصادها. 30 ملياراً وقدرت وكالة موديز للتصنيف الائتماني، حجم الأموال التي خرجت من النظام المصرفي القطري بنحو 30 مليار دولار، وقامت الحكومة القطرية بدعم اقتصادها بـ 38 مليار دولار. ويعتقد الخبير الاقتصادي، مدحت نافع، أن الاقتراض مع ارتفاع معدل المخاطر نسبياً، سوف ينعكس على زيادة أسعار الفائدة وأدوات الدين. معتبراً في السياق ذاته، أن الأزمة الحقيقية التي تواجهها قطر، تتمثل في «تكلفة الفرصة البديلة»، إذ إنه قبل المقاطعة كان يمكن للدوحة تمويل توفير احتياجاتها بتكلفة أقل مما هي عليه الآن، وبعد المقاطعة، وغلق المجال الجوي والبري، زادت التكلفة بصورة كبيرة جداً. ويوضح، في تصريحات لـ«البيان»، أن البديل السريع بالنسبة لقطر في الوقت الراهن، يرتبط بإصدار أدوات دين، مع مواصلة الاعتماد على كل من إيران وتركيا. في خط متوازٍ مع مخاطر تهدد النظام المصرفي بسبب سحب الودائع.
مشاركة :