المؤشرات تدل على أن السعودية اليوم ليست السعودية أمس ولن تكون هي في الغد، فالمشاريع التي أعلنت عنها الحكومة خلال الفترة الماضية تحتاج إلى اصطفاف شقّي المجتمع، الرجال والنساء على حد سواء في البناء والتنمية وفي إدارة تلك المشاريع، خاصة بعد أن وصلت نسبة المتعلمين في السعودية إلى 95 بالمئة وهي نسبة عظيمة، والنساء مثل الرجال في التعليم ولا فرق بينهما. وشدد الزهراني على أن المرأة نصف المجتمع ومن حقها أن تتطلع إلى تأدية دور مهم في مستقبل بلادها، ولهذا جاءت هذه القرارات في صالح المرأة، من أجل منحها الفرصة كاملة للمساهمة بشكل فعال في المستقبل الاجتماعي والاقتصادي الجديد للسعودية. وترى الكاتبة آمنة الذروي أن قرار الملك سلمان جاء بعد طول انتظار وجهود جبارة بذلت من قبل الناشطات السعوديات لكسر الحظر الذي كان مفروضا على قيادة المرأة للسيارة.الكثير من السعوديات عبرّن بصوت مرتفع عن فرحتهن بالقرار الذي سيتيح لهن الأخذ بزمام أمورهن بأنفسهن ويفتح لهن آفاقا أوسع لبناء مستقبلهن وقالت الذروي لـ”العرب” “قضية قيادة المرأة السعودية من القضايا المتجددة التي لم تتخذ بشأنها أي قرارات جريئة في السابق رغم كثرة المطالبات بهذا الحق الشرعي ومنذ سنوات طويلة، ولكن الفضل الكبير يعود إلى الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد محمد بن سلمان اللذين حسما الأمر بمواقفهما المغايرة تجاه المرأة وإسهامهما الكبير في تمكين النساء من القيادة، وإتاحة الفرصة لهن لتقاسم إحساس الجلوس وراء عجلة القيادة أسوة ببقية نساء العالم”. وأوضحت “رغم أن قيادة السيارة من جملة الحقوق البسيطة التي كان من المفترض أن تتمتع بها المرأة السعودية مثل بقية بنات جنسها في دول العالم، إلا أن رجال الدين وشيوخ القبائل انتزعوا منها هذا الحق بتعلات واهية وحللوا وحرموا كيفما شاؤوا من أجل إحكام الحظر على قيادة المرأة”. وتابعت “المجتمع السعودي بلا مبالغة ذكوري فوق العادة، فقد اعتاد أن تسير المرأة في الخلف وعلى طريقته، ولكن الزمن تغير وأصبح من حق المرأة في العهد الجديد أن تسير في الأمام وتختار ما يناسبها وما لا يناسبها”. وختمت الذروي بقولها “القيادة بالنسبة للمرأة السعودية ليست وجاهة اجتماعية، بقدر ما هي قضية عملية حتمتها الحياة العصرية، بل هي حاجة ملحة فرضها الواقع الحالي للمرأة السعودية التي أصبحت تقوم بأدوار ريادية داخل وسطها الأسري وفي المجتمع ككل، ويحدوها طموح لأن تشق طريقها من دون عقبات تفرض عليها أحيانا أن تتخلى عن أبسط حقوقها الشرعية”. وتصف الأخصائية الاجتماعية حصة العمار قرار السماح للمرأة بالقيادة بالخطوة الكبرى التي طالما انتظرها المجتمع السعودي وراقبها العالم عن كثب. وقالت العمار لـ”العرب” “لقد كانت ردود فعل المجتمع السعودي إيجابية بشكل لم يكن أحد يتوقعه، وكذلك جاء الترحيب من العالم الخارجي بهذا القرار التاريخي”. وأضافت “أبارك للمرأة السعودية والمجتمع السعودي بهذا القرار المفصلي الذي أمر به ملكنا سلمان ملك الحزم والعزم وهندسة ولي عهدنا الشاب الطموح محمد بن سلمان، إنه قرار طالما انتظرناه طويلا طويلا...". وتابعت “هناك أياد خفية كانت تعبث وتدعم خلايا التشدد لدينا لإثارة اللغط وتخويف المجتمع وترهيبه بتبعات السماح للمرأة بالقيادة وذلك لمصالح غالبا شخصية، ولو فكرنا في الفرق بين قيادة المرأة لمركبتها بنفسها بأمان وبين تواجد سائق أجنبي يلازمها ويعرف أسرارها وربما يستغلها ماديا لمعرفته مدى حاجتها للمواصلات لأدركنا القيمة الكبيرة لهذا القرار الصائب من جميع النواحي”. وختمت العمار بقولها “يكفي ما كانت تعانيه المرأة السعودية من تحكم السائق الأجنبي، فمن أرادت القيادة بنفسها فلها ذلك ومن تتحفظ أو لا يرغب ولي أمرها فلهم كامل الحرية فيما يريدون”. وعبرت الكثير من السعوديات وبصوت مرتفع عن فرحتهن بالقرار الذي سيتيح لهن الأخذ بزمام أمورهن بأنفسهن ويفتح لهن آفاقا أوسع لبناء مستقبلهن والإسهام في تنمية مجتمعهن واقتصاد بلادهن. وقالت راوية معلا الأحمدي (ربة بيت) “الفرحة لا تسعني، لقد أنصف الملك سلمان المرأة والقادم إن شاء الله أحلى، سيبقى يوم 26 سبتمبر 2017 يوما تاريخيا في حياة المرأة السعودية”. وأضافت الأحمدي لـ”العرب”، “لم يكن المجتمع السعودي يتقبل فكرة قيادة المرأة للسيارة بسبب بعض الحلقات المتشددة والمحافظة، إلا أن ذلك لم يثن جهود الناشطات السعوديات اللاتي أخذن على عاتقهن المطالبة بهذا الحق منذ سنة 1990، وقمن بمسيرات معروفة، فتوجت جهودهن بهذا القرار الصائب”. ووجهت الأحمدي في خاتمة حديثها شكرها الخاص للنساء اللاتي ناضلن في تسعينات القرن الماضي من أجل إحقاق حق المرأة السعودية في القيادة.مسافة الألف ميل تبدأ بخطوة إنهاء معاناة المواصلات وعلقت فاطمة البهيجان عن القرار بقولها “المفاجأة كانت غير متوقعة، وفرحتي عارمة وأعجز عن وصفها بمجرد كلمات، خاصة لأن المطالبات بحق المرأة في القيادة خضن منذ التسعينات من القرن العشرين معركة طويلة ومتجددة من أجل كسر خط المعارضة المحافظ، كما ساهمت عضوات الشورى في طرح القضية على طاولة مجلس الشورى، والحمد لله توجت جهودهن الجبارة بالنجاح ويبقى الفضل الكبير للملك سلمان الذي انتصر للمرأة”. ولا توجد في السعودية أي وسائل نقل عام تقريبا، مما يجعل المرأة بحاجة إلى سائق ليقلها إلى العمل، وقد تتخلى الكثيرات عن طموحهن المهني بسبب انعدام المواصلات العامة. وعبرت فاطمة الدوسري (موظفة) عن فرحتها بقرار السماح للمرأة بالقيادة، الذي ترى أنه سيريح جميع نساء السعودية من المعاناة اليومية بسبب السائقين المبتزين وأهوائهم. وأشارت جيل حميل (طالبة) إلى أن قرار السماح للمرأة بالقيادة قد تزامن مع رؤية 2030 الهادفة إلى تشجيع المشاركة الكاملة للمرأة في سوق العمل وتنمية مواهبها وتمكينها من مواكبة التغيرات العالمية التي تقتضي بأن تكون أكثر فعالية داخل مجتمعها ومحركة أساسية للدورة الاقتصادية. وقالت حميل “رغم تأخر هذا القرار إلا أنه أتى ليتيح للسعودية تحقيق العديد من المنافع الاجتماعية والاقتصادية، ويمنحنا الفرصة لنثبت جدارتنا وقدراتنا الحقيقية بما يخدم المصلحة العامة في المجتمع السعودي”. وعدّدت منى الأحمدي (ربة بيت) العديد من الأسباب التي تجعل المرأة في أمس الحاجة إلى قيادة سيارتها بنفسها قائلة “أحب أن أشير إلى أنني من المؤيدين جدا لقيادة المرأة للسيارة، لأن الاعتماد على السائقين له مخاطر أخلاقية وأمنية واقتصادية في مجتمعنا أكبر من مخاطر قيادة المرأة للسيارة”. وأضافت الأحمدي “قيادة المرأة ضرورة وليست ترفا، خاصة في أوقات الشدة والأزمات، ولكن للأسف فبالرغم من أنه حق شرعي إلا أنه قوبل بالرفض من البعض بسبب العادات والتقاليد وفتاوى التحريم. لكن الحمد لله ملكنا سلمان ملك الخير سمح لنا بالقيادة وأنا سعيدة جدا بهذا القرار التاريخي الذي طال أمده، وأنا على ثقة تامة بأن المرأة السعودية قادرة على تحمل هذه المسؤولية على قدر الوعي الذي تملكه”. وشددت شادن الخالدي (طالبة) على أن القيادة ضرورية بالنسبة للمرأة السعودية مفندة الآراء التي تقول إنها وجاهة اجتماعية. وقالت الخالدي لـ”العرب”، “القرار يصب في المصلحة العامة من جميع الجوانب وعلى رأسها الجانبان الاقتصادي والاجتماعي. فمن كان يتخذ من أحقية المرأة في القيادة سلاحا فتاكا للمهاجمة وإثارة الفتن أصبح الآن فارغ اليدين”. وأضافت “التطورات التي تحدث في المملكة العربية السعودية مؤخرا وعلى رأسها هذا القرار دليل قاطع على أننا نسير في الطريق الصحيح.. فهنيئا لنا بهذا البلد”. أما سعاد الحميدان الشمري (ربة بيت)، فلم يترك قرار السماح بقيادة المرأة وقعا كبيرا في نفسيتها، لأنه لن يغير الكثير في مجرى حياتها، خاصة بعد أن كبر أبناؤها ولم يعودوا في حاجة لإيصالهم إلى المدرسة، كما أنها لا تعمل ومرتاحة من المعاناة اليومية لوسائل النقل. وقالت الشمري “لست موظفة لأحتاج السيارة للذهاب إلى العمل أو لإيصال الأولاد إلى المدارس، ولكني أعتقد أن مثل هذا القرار سيأخذ وقتا طويلا ليدخل حيز التنفيذ في كافة أنحاء المملكة، فهناك الكثير من المناطق الذكورية ترفض قيادة المرأة وليس من السهل عليها تقبل مثل هذا الأمر”. وتبدو الشمري محقة فالأزواج والآباء المحافظون سيحاولون منع زوجاتهم وبناتهم من القيادة. ولذلك فالأهم من حق القيادة هو تمكين المرأة من الوصاية على نفسها. صحافية تونسية مقيمة في لندن
مشاركة :