منذ بدايات الحضارة البشرية وهو ما يتعدى آلاف السنين كان للمرأة دورا ومكانة مثل ملكة مصر (حتشبسوت) والتي شهد عدها الخير والازدهار ولها الفضل في إعادة تشكيل الحضارة الفرعونية بعد الغزو الهكسوسي ولحقها بعد ذلك ملكات كثيرات توالين على حكم مصر الفرعونية وظهر عدة ملكات في حضارات مختلفة حتى العرب فكانت حاكمة سبأ الملكة بلقيس في اليمن وبعدها بقرون حكمت العرب الملكة زنوبيا والتي حولت دولة الأنباط من إمارة تبيعه للدولة الرومانية إلى منافس ومقارع ووصلت جيوشها العربية إلى مصر مما استنفر الرومان لإسقاطها بالقوة وانهار العرب حتى ظهور الإسلام وكان لأمهات المؤمنين -رضي الله عنهن- مكانة وفضل في نشر الإسلام وأذهلت السيدة خديجة المورخين والمستشرقين بقوتها وصلابتها في وجه أعداء النبي عليه السلام في حصار الشعب. حتى في الزمن القريب كان للمرأة مكانة كبيرة بدليل حكم السيدة فاطمة السبهان لحائل وكان الملك عبدالعزيز يفتخر بشقيقته الأميرة نورة كثيرا وكذلك زوجته -والدة خادم الحرمين- كان لها دور اجتماعي فاضل وبابها مفتوح لكل النساء من فقيرة وغنية ومن بسيطة وسيدة، رحمهم الله جميعا. بعد ذلك مع بداية الصحوة بدأت تظهر أفكار غريبة ومتخلفة حضاريا في مجتمعنا وتعقدت مع الزمن بحيث انعكست على عدم تطور القوانين وبيئة العمل ومفاهيم المجتمع في التحفظ ضد أي تغير أو تطور، وأصبح البعض يجاهر بخرافات تمس عقل المرأة وتكوينها وهو لا يرى عالمة الكيمياء السيدة (كوري) والأحياء (بربرا مكلينتك) و(كريستينا فالهارد) وفي الاقتصاد (اليانور أوستروم) وانظر إلى من يدير النظام النقدي الأميركي وكبرى شركات العالم مثل (Pepsi, IBM) وفي كتاب السيدة (ليندا روتنبرغ) ذكرت بأن 65 % من الاستثمارات الجريئة هي لنساء. كارثة إذا مجتمع سيطرة عليه الخرافات وحسرت نموه وتطوره، هنا تفرض القيادة الإصلاح حتى لو لم يطلبه المجتمع أو قاومه كما فعل الملك المؤسس -رحمه الله- عندما عارضه البعض في إدخال التقنية وتحديث الدولة وعلى ذلك سارت المملكة وهو أن التنمية هى الأساس والتي تستدعي تحديث القوانين، يكفي أن أذكر أنه بين عام 2009 و2012 تضاعف عدد السعوديات في القطاع الخاص 400 %، هذا التضاعف لا يمكن أن يكون نتيجة نمو اقتصادي بل تغير في التشريعات والهيكلة التي انعكست على اقتصادنا. الدول تنمو برقي مستوى أفرادها التعليمي كمؤشر لرأس المال البشري والمعيار الآخر هو متوسط الأعمار الذي يعكس مستوى الوعي البيئي والصحي والتغذية في الدولة والثالث هو متوسط الدخل الذي يقدم صورة لنشاط الاقتصادي والازدهار، ويظهر هذا كله إذا عمل المجتمع بكل طاقته وقرار قيادة المرأة مهم لكن أهميته المعنوية أكبر والرسالة خلف القرار هي بأن المملكة بقيادة خادم الحرمين وولي عهده -حفظهما الله- ماضية في تحقيق الرؤية التي تهدف لتنويع مصادر الدخل عبر تحقيق التنوع الاقتصادي ورفع مستوى النوعي للبيئة التنظيمية والاقتصادية في المملكة بخلق بيئة تنافسية لجذب الاستثمارات والعقول والأفكار وهو ما يتطلب تعزيز حقوق المرأة كجزء من إصلاح كبير نعيشه الآن من تعزيز للشفافية ومحاربة للفساد -تم التشهير بوزير مؤخرا- ورفع كفاءة الإنفاق كل اليوم المملكة تظهر معنى (الرؤية) ونشعر بأن الغد أجمل والوطن اتسع أكثر للأم و المرأة صانعة الحضارة.
مشاركة :