تعاملت المنصات الإعلامية مع هجوم لاس فيغاس الدامي الذي راح ضحيته 59 قتيلا وأكثر من 500 جريح، في حصيلة قابلة للارتفاع، على أنه ليس إرهابيا، ولم تثر المسألة تساؤلات الكثيرين، فالأمر واضح، فبمجرد الكشف عن هوية القاتل التزمت المنصات الإعلامية الأمريكية خصيصا والعالمية عموما الصمت التام. وراحت تحلل كيف تمكن القاتل من الاستحواذ على الأسلحة، وكم بلغ عدد ضحايا الهجوم، متغاضية عن ديانة منفذ الهجوم، أو لون بشرته، أو أصوله. دراسة نُشرت في جامعة جورجيا، أثبتت أنّ الإعلام يتعاطى مع الهجمات الإرهابيّة بطريقة مختلفة تمامًا، في حال كان منفّذها مسلمًا، أو حتّى من أصول عربيّة أو إفريقية. القاتل هذه المرة أمريكي أبيض يدعي ستيفن بادوك لا يحمل اسمه أو لقبه أي إشارة لأصول عربية لا من بعيد ولا من قريب، وبالتالي تم التعامل مع الحادث على أنه حادث أليم فقط بدون إضافة “إرهابي” للعمل. وما زاد الطينة بلة هو نشر بعض الصحف الإخبارية صورة للقاتل، إذ سبب لون بشرته البيضاء الناصعة خيبة أمل لكونها لم تكن سمراء أو سوداء. وهنا بدأت التساؤلات هل سيقوم الإعلام الأمريكي بصبغه بطينة المختل عقليا مثلا أم سيجدون طريقة لإلقاء اللوم على المسلمين، وإغلاق المساجد ووضع كاميرات مراقبة أمام الطرق المؤدية للمراكز الإسلامية. وبينما هم منشغلون بإيجاد حلول، تنفس المسلمون في جميع أنحاء العالم الصعداء وهم يتابعون عبر وسائل الإعلام المتنوعة تطورات المجزرة الأكثر دموية في تاريخ الولايات المتحدة، إذ لم يضطروا هذه المرة إلى تبرير براءة الإسلام من مثل هذه الأفعال والتأكيد على سلمية الدين الحنيف. للمزيد:من هو ستيفان بادوك منفذ اعتداء لاس فيغاس؟ مدى نجاح سياسة ترامب تجاه المسلمين عندما وقع الرئيس الأمريكي أمرا تنفيذيا يقضي بحظر مواطنين سبع دول ذات أغلبية مسلمة من الدخول إلى الولايات المتحدة، ادعى حينها أنه بهدف حماية المواطنين الأمريكيين الأبرياء من الإسلاميين المتطرفين القتلة. وقال ترامب حرفيا للصحافيين في البنتاغون، في يناير الماضي أثناء مراسم توقيع القرار:“لا نريدهم هنا”. وبعد حوالي ثمانية أشهر فقط من توليه منصبه، قُتل المزيد من المواطنين الأمريكيين في هجمات من قبل رجال أمريكيين بيض لا علاقة لهم بالإسلام. إليكم سلسلة الهجمات “الإرهابية” التي وقعت في الولايات المتحدة من قبل منفذين غير مسلمين دون إنكار خطر تنظيم ما يسمى “الدولة الإسلامية” في جميع أرجاء العالم.هجمات العام 2017 في الولايات المتحدة الأمريكيةليلة الأحد الماضي، فتح رجل أبيض يبلغ من العمر 64 عاما النار على حشد من الجماهير وصل عددهم إلى أكثر من 22 ألف شخص في مهرجان موسيقى الريف في لاس فيغاس، مما أسفر عن مقتل أكثر من 58 شخصا وإصابة أكثر من 500 آخرين.وفي آب / أغسطس، قام نازي أبيض يبلغ من العمر 20 عاما من أوهايو بدهس حشد من المتظاهرين المناهضين للعنصرية في شارلوتسفيل بولاية فرجينيا، ما أسفر عن مقتل امرأة وإصابة ما لا يقل عن 19 آخرين.وفي يونيو / حزيران، أطلق رجل أبيض يبلغ من العمر 66 عاما من إلينوي النار على أعضاء الكونغرس الجمهوري خلال ممارسة البيسبول، ما أدى إلى إصابة عدد كبير من الأشخاص بجروح خطيرة، من بينهم ستيف سكاليس من لويزيانا، وهو عضو في مجلس النواب.في مارس 2017، سافر رجل أبيض يبلغ من العمر 28 عاما من بالتيمور إلى مدينة نيويورك بهدف واضح هو قتل الرجال السود. وطُعن تيموثى كوجمان البالغ من العمر 66 عاما حتى الموت، واتهمته سلطات ولاية نيويورك بالإرهاب.في مايو / أيار، بدأ رجل أبيض يبلغ من العمر 35 عاما من ولاية أوريغون يدعى جيريمي جوزيف كريستيان مضايقات المراهقين المسلمين على متن قطار في بورتلاند، وقال لهم “نحن بحاجة إلى الأميركيين هنا!”. في الواقع، بين عامي 2001 و2015، قتل مزيد من الأميركيين على يد “متطرفين يمينيين” محليين أكثر من “الإرهابيين الإسلاميين“، وفقا لدراسة أجرتها نيو أميركا، وهي مركز أبحاث غير حزبي في واشنطن العاصمةالمتطرفون من المسلمين عادة ما يكونوا مواطنين أمريكيين في أول خطاب للرئيس الأمريكي أمام الكونغرس ادعى ترامب أن “الغالبية العظمى من المدانين بارتكاب جرائم إرهابية منذ 11 سبتمبر جاءوا من خارج بلادنا” إلا أنه لم تثبت الأدلة أن منفذ واحد من منفذي هذه الهجمات التي نفذت باسم الإسلام جاء من الدول التي حظرها ترامب من الدخول لبلاده، بل الواقع أن البلد الذي يوجد فيه أكبر عدد من الإرهابيين الذين نفذوا هجمات ناجحة داخل الولايات المتحدة هي الولايات المتحدة الأمريكية نفسها. للمزيد:بالفيديو..الرعب يخيم على لاس فيغاس عقب عملية إطلاق نار عشوائي أخطر الهجمات الدامية التي عرفتها الولايات المتحدة
مشاركة :