من الجميل أن تجمع الشخصية الواحدة حزم المسؤول وإحساس الإنسان، ومن أوتي ذلك كان ناجحاً بجميع المقاييس، ولقد اخترت الجانب الإنساني لأنني لم أحتك البتة معه في مجال عمله، ولعل غيري قد كتب ما تيسر له عن جوانب أدائه الوظيفي. ففي الجانب الإنساني لم يكن له من راتبه شيء، حيث كان يوزعه على المحتاجين، وكذلك كان يقوم بتوزيع مكافأته السنوية على العاملين حسب مقتضيات تشجيعهم، حيث كانت له مصادر دخله الأخرى الخاصة التي استغنى بها عن الراتب والمكافأة السنوية، الأمر الذي انعكس على قوة أدائه وقوة شخصيته في أداء مهمته، فضلاً عن كرمه وسخاء يده. وقد كان لإبراهيم عبدالله محمد شاهين الغانم من العمل الخيري نصيب كبير تشهد له مخيمات السوريين النازحين في الأردن، وشهد له المنكوبون في اليمن والسودان، وتشهد له المساجد والمشاريع الخيرية في الكويت وخارجها التي كان يبنيها خارج الكويت عن طريق جمعية النجاة الخيرية بشكل عام، وبشكل خاص من خلال فيصل سعود المقهوي رحمه الله وابن عمه المعين له على أعمال الخير شاهين سالم الغانم وصديق عمره الوفي محمد جاسم النشمي، وغيرهم ممن لا أعلمهم، الله بهم عليم بصير. أما اللمسة الاجتماعية في شخصيته فهي مملوءة بالمشاعر الجياشة، فهو لا يخرج من بيته إلا بعد تقبيل رأس والدته طيبة أحمد العبدالله الصقر شقيقة المحسن الإنسان يوسف أحمد الصقر رحمه الله وابنة المحسن الإنسان أحمد العبدالله الصقر رحمه الله، ولا يدخل إلى البيت إلا كذلك، وعندما دخلت المستشفى الأميري لمدة شهر كامل ذات مرة شهد الجناح تظاهرة اجتماعية من حيث بدئه اليومي بزيارة والدته والاطمئنان عليها ثم الاطمئنان على كل خالاته نزيلات الجناح، وقد كُن والدات لكثير من العائلات الكويتية الكريمة، ثم يستقبل زائري والدته أو بقية المريضات في غرفة استراحة الجناح بكامل الضيافة العربية ويؤدي معهم صلاتي المغرب والعشاء ثم ينصرف راشداً إلى بيته، حيث لم يكن يذهب إلى البيت أصلاً، إذ كان يخرج من الدوام في الجمارك بعد صلاة العصر إلى المستشفى مباشرة، فانقطع في تلك الفترة عن الديوانيات المعتادة له. كما أنه حتى آخر حياته لم ينسَ أن يتعهد أصدقاء والده رحمه الله بالوصل والتعهد لمن احتاج منهم، في لمسة وفاء ليست غريبة عليه. أما على الصعيد الوطني، فله مواقفه التي تذكر بالفخر تجاه مقاطعة البضائع الإسرائيلية والشركات المرتبطة بإسرائيل، وبالمقابل، تسهيل كل ما كان يحفظ مصلحة الكويت وأمنها في الحروب الإقليمية المختلفة، ولم يسلم من الاعتقال إبان الاحتلال العراقي البغيض ومن كان متواجداً في بيته حين مداهمة بيته وهما جاسم خليفة الجاسم وابن أخته حمد سعود البرجس. ولم يؤثر أي ظرف في عطائه الكبير وتواصله الاجتماعي والإنساني الكبيرين وشهوده صلاة الجمعة في مسجد المطير، حيث كان يلتقي على هامشها أحبابه الكثيرين من أهل الكويت. رحمك الله يا أبا عبدالله، فقد كنت مثالاً للكرم والشعور بالمحتاجين ممن تعرفهم ولا تعرفهم، وقد تركت ذِكراً طيباً عند أهل الكويت، فضلاً عما قدمت لنفسك من أعمال الخير بما أحسن الظن بربي سبحانه وتعالى أنك ستلقاه أمامك بإذن الله ورحمته ووعده الجميل للمحسنين، وسنلتقيك بإذن الله تعالى ورحمته وكل المحسنين. د. عبد المحسن الجارالله الخرافيajkharafi@yahoo.comwww.ajkharafi.com
مشاركة :