بات الاتحاد الأوروبي يعيش في كابوس؛ بعد الجدل الذي أحدثه استفتاء كتالونيا وسط مخاوف من اشتداد النزعة الانفصالية في أقاليم أوروبية أخرى؛ حيث إن الاتحاد يتخوف من أن يكون منح الإقليم ما يصبو إليه، مقدمة لإذكاء نزعات أخرى في القارة العجوز تطمح للانفصال، بينما كان الاتحاد الأوروبي في مقدمة داعمي انفصال أقاليم عن دول أخرى، مثل: استقلال تيمور الشرقية عام 1999، وانفصال جنوب السودان عام 2011. يوم الأحد الماضي، خرج سكان إقليم كتالونيا؛ للتصويت على استفتاء حول الرغبة في الانفصال عن المملكة الإسبانية، كمقدمة لتشكيل جمهورية مستقلة؛ لكن رفضت مدريد هذا التوجه، وواجهت دعاة الانفصال بقوة وبمباركة من الاتحاد الأوروبي، الذي عارض الاستفتاء، واعتبره غير قانوني. وأثارت معارضة الاتحاد الأوروبي للاستفتاء استغراب العديد من وسائل الإعلام في العالم؛ لكن هناك من يبرر هذا التوجه، خاصة أن الاتحاد لم يستفق بعد من صدمة انسحاب بريطانيا، إضافة إلى أن انسحاب إقليم كتالونيا من إسبانيا إن حدث، سيحفز على حدوث العديد من حالات الانفصال في القارة الأوروبية.وثمة مناطق وأقاليم أوروبية تسعى للانفصال والاستقلال، مثل: إقليم الباسك الذي يتمتع بدرجة عالية من الاستقلالية الذاتية في إسبانيا، كالنظام المالي وتحصيل الضرائب والتعليم والصحة والأمن العام، فالإقليم أضعف اقتصادياً من كتالونيا؛ لكن لديه لغته وقوميته الخاصة. أما في بريطانيا، فإن إسكتلندا تسعى للانفصال، فالحزب «الوطني» الإسكتلندي يطالب بالحكم الذاتي الكامل، وتعززت هذه النزعة مع خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، ما أثار رغبة لدى إسكتلندا لإجراء استفتاء آخر لتقرير المصير، بعد استفتاء أجري كانت نتيجته البقاء مع المملكة المتحدة.ويسعى إقليم الفلاندرز الواقع شمالي بلجيكا، ويتحدث سكانه اللغة الهولندية، إلى الانفصال بجمهورية مستقلة تسمى «الفلمنكية»؛ حيث إن الانفصال يهدد بروكسل كمقر للناتو وللاتحاد الأوروبي.أما بالنسبة لإقليمي لومبارديا وفينيتو، الواقعين في إيطاليا، فإنهما سيجريان استفتاء للانفصال في 22 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، في حين أن جنوب تيرول الواقع شمالي إيطاليا فيسعى للانفصال أيضاً، وقد كان سابقاً ينتمي إلى النمسا والمجر، ويتحدث 70% من سكانه اللغة الألمانية، وتراكم الديون على إيطاليا عزز عندهم النزعة الانفصالية.وفي فرنسا، فإن جزيرة كورسيكا، التي لديها الكثير من السلطات الذاتية، ولغة خاصة بها، وشهدت في السابق عمليات مسلحة شنتها «جبهة التحرير الوطني»، فإنها تستعد للانفصال.أما بافاريا التي تقع ضمن ألمانيا، فإن الاسم الرسمي لها هو «ولاية بافاريا الحرة»؛ إذ تملك اقتصاداً قوياً، وعدد سكان يفوق 13 مليوناً أي أكثر من سكان السويد والبرتغال، وظهرت بوادر الانفصال في كتاب صدر عام 2012 بعنوان «بافاريا تستطيع العيش وحدها». أما جزر فارو، وتتبع الدنمارك، وتتمتع بحكم ذاتي، ومن المتوقع أن تنظم استفتاء لإقرار دستور جديد العام المقبل، من شأنه منحها حق تقرير المصير والاستقلال.
مشاركة :