ما يفسده العالم.. يصلحه الحُب‎

  • 10/6/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أن تختار شريكاً لحياتك أو (رفيق درب) كما يسمونه، ليست دائماً بفكرة سهلة، أنت تختار شخصاً لتبدأ معه عُمر جديد وطريق طويل ملِيء بالعقبات والصعوبات كان من الأسهل والأضمن لك أن تبدأ فيه مستقلاً بذاتك، بدلاً من أن تبدأ فيه مع شخص غريب غامض ذي طباع مختلفة يشاركك فيه، فمن الممكن أن يكون طريقكم معاكساً لا يوجد فيه أي نقطة تقابل؛ اثنان اسماً يعيشان معاً لكن كل منهما يسير بمفرده، فيعاني كل منكم الآلام التضحيات والوحدة، أو من الممكن أن يتعب طرف ولا يستطيع الاستمرار ويقرر العودة ويتركك وحيداً في المنتصف دون عناء النظر بما بنيتموه من خطط وآمال من المفترض أنكم تقاسمتموها معاً؛ لذلك وإن أردت، فعليك أن تختار من هو جديرٌ حقاً بالسير معك، من يستحق أن تضحي من أجله، من يتحمل ويمسك بيدك، وإن سقطت ألف مرة، من يجعلك تضحك من أعماق قلبك وبكلمة طيبة منه يهون عليك عناء الطريق، من تتكئ عليه حين تتعب ويتقبلك في كل تقلباتك وانكساراتك وإنهزاماتك فتجد معه المودة والرحمة والراحة والسكينة، من يكون لك وطناً تلجأ إليه ويصبح جيشك إن خذلتك الدنيا، ودرعك الذي تحتمي خلفه في كل معاركك. أخبرني أبي ذات يوم، اختاري من يحبك وليس من تحبينه لأنه سيكون قادراً على أن يجعلك تحبينه، وأخبرتني أمي أن الحب ليس كل شيء، وأنه يجب عليّ أن أفكر بمنطق وعقل، ولكن عندما أحببت أخبروني واتفقا على أن الحب وحده لا يكفي، وأن هناك أموراً كثيرة معقدة لم أستوعبها بعد أكثر أهمية يجب أن أراعيها حين أختار، ولكني لم أستطع أن أمنع فضولي تجاه هذا الغريب، وقررت أن أجازف لأني أؤمن دائماً بأن الحب والإيمان بمن تحب هما الأهم، وأن هناك أشخاصاً يستحقون هذا الحب وهذه المجازفة. الحب هو الجنون بعينه؛ لأنك بكامل إرادتك تقع في مصيدة أحدهم وتدخل في متاهات كثيرة باسم الحب بعد أن كنت قد اتخذت قرار الابتعاد عنه خوفاً وتفادياً لأي خسائر، ولكن أتى هذا الغريب واقتحم حياتك فجأة، وأعاد إليك الحياة وثقتك بنفسك وبمن حولك، بعبوره وطيفه الهادئ تسلل هو بخفة شديدة، وبعد أن كانت حياتك رتيبة، أتى هو؛ ذلك الضوء لينير لك عتمة الطرقات ويأخذ بيدك لتسيروا معاً، ويفتح كل الأبواب الُمغلقة بداخلك ليملأها بتفاصيل حياته وثرثرته وروحِه المبهجة. الحب ليس أعمى، كما يقولون، أو أنه يجعلك لا ترى أي نواقص وعيوب في الطرف الآخر، كل ما في الأمر أنك تحاول أن تصنع من عيوب وسيئات من تحب أزهاراً لتنمو مع كل قطرة حب تمنحها له، فقط لأنه استحق، أنت تؤمن به وتؤمن بأنه الأفضل، إيمانك هذا يعطيه القوة والثقة ليؤمن بذاته.. من يحبك بصدق سترى نفسك في عينيه جميلاً لأنه يراك هكذا، سيشجعك دائماً حتى في انتصاراتك الصغيرة التافهة ويمسك بيدك ليمنحك كل ما لديه من حب وعطاء، يقبلك برقة كأنك طفلهُ الصغير فيُشعرك بنقائك وجمالك ولا ينتظر أي مقابل، فتتحول حينها من شخص ملِيء بالتشوهات لشخص ملِيء بالحيوية، فقط لأن هنالك شخصاً واحداً آمن بك واحتواك بكل أخطائك وخصك لنفسه، ستشعر، بل تتيقن، أنك استثنائي وفريد ووحدك في قلبه وعالمه ولا أحد غيرك، من يحبك هو من يريدك أن تكون أنت بذاتك لا أن تكون شخصاً آخر، كل ما يريده هو أن يرمم هذه الروح التي أفسدها قُبح وبشاعة العالم. الحب يصنع المعجزات وباستطاعته أن يُجمل كل قبيح، ويُحوّله إلى جنةٍ على الأرض، سترى فيه جمالاً مختلفاً حتى وإن كان بين الظلام القاتم، كل ما تحتاجه هو أن تجد من يحبك بصدق، ويتقبلك بكل سيئاتك؛ لأنه الوحيد الذي سينجح بإصلاحها دون أن يُحدث لك أي ضرر أو خسائر في روحك.. وأنا ممتنة كثيراً لهذا الغريب الجميل. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

مشاركة :