تونس تطارد الفرص الأفريقية لإنقاذ اقتصادها المنهكشكل مؤتمر “لقاءات أفريقيا 2017“ الذي اختتمت فعالياته أمس في تونس منصة تعلق عليها الحكومة التونسية آمالا كبيرة لجذب اهتمام المستثمرين الأفارقة، في ظل مساعيها لرسم حضور جديد لها في أسواق القارة بهدف إنقاذ اقتصادها المتعثر.العرب رياض بوعزة [نُشر في 2017/10/07، العدد: 10774، ص(10)]منصة لاستكشاف أسواق أفريقيا تونس – اعتبر خبراء مؤتمر “لقاءات أفريقيا 2017”، الذي اختتمت فعالياته أمس، فرصة مهمة لتونس لاستكشاف الفرص الاقتصادية في القارة باعتباره ثاني حدث اقتصادي كبير تنظمه في غضون عام. وأكد الخبير الاقتصادي أنيس القاسمي في حديث لـ“العرب” أن السوق الأفريقية باتت إحدى أهم الحلول لتونس حاليا من أجل وضع قدم للخروج من الأزمة الاقتصادية المتفاقمة إذ هناك الملايين من المستهلكين في القارة يمكن الاستفادة منهم. وقال إن “ما يهم تونس اليوم هو كيف يمكن أن تقلص من العجز التجاري الذي بلغ مستويات غير مسبوقة وإعادة قيمة الدينار إلى مستواه المعهود”، مشيرا إلى أن غزو الأسواق الأفريقية يتطلب إرادة سياسية بالأساس ومن ثم البدء في تفعيل الدبلوماسية الاقتصادية. وما تزال تونس تطارد شبح صعود العجز التجاري، الذي بلغ حاليا نحو 10 مليارات دينار (4.3 مليار دولار)، أي ما يعادل نحو 6.6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، بحسب بيانات حديثة للبنك المركزي. وأكد رئيس الحكومة يوسف الشاهد في كلمة خلال افتتاح المؤتمر أن بلاده تعول كثيرا على “لقاءات أفريقيا” لتطوير التعاون في كافة المجالات مع الدول الأفريقية، بما يعزز من فرص الخروج من الأزمة الاقتصادية المتفاقمة. وقال الشاهد الخميس، “إننا نؤكد على التوجه الأفريقي الذي انطلقت خلاله الحكومة بإعادة الدبلوماسية تجاه الدول الأفريقية، وإيجاد إطارات تعاون وتطوير مشتركة”.يوسف الشاهد: "لقاءات أفريقيا" يفتح الطريق أمامنا لعقد شراكات جديدة في عدة مجالات وأوضح أن المؤتمر، الذي شارك فيه على مدار يومين أكثر من 450 رجل أعمال ومسؤولا من أفريقيا وفرنسا، سيفتح الطريق أمام بلاده لعقد شراكات جديدة في عدة مجالات من بينها تكنولوجيا المعلومات والاتصال والزراعة والتدريب المهني والصحة وغيرها. ويقول القاسمي إن توسع تونس في أفريقيا يبقى ضعيفا لعدة أسباب رغم وجود فائض تجاري بأكثر من مليار دينار (450 مليون دولار) لصالح تونس. وتتمثل عوامل الضعف في نقص التغطية الدبلوماسية في القارة وكذلك الربط الجوي، بحسب الخبير، الذي يرى أنه لا بد من دعم تواجد الخطوط التونسية في دول أفريقيا بأسرع وقت ممكن. ويبلغ عدد السفارات التونسية في أفريقيا التي تضم 54 بلدا، 10 سفارات فقط، بعد أن تم فتح سفارتين في نوفمبر الماضي، في كل من كينيا وبوركينا فاسو. ويتمثل العامل الآخر في ضعف تواجد البنوك التونسية في القارة حيث أن الظروف الراهنة تحتّم على تونس تركيز فروع لها في دول أفريقيا خاصة أن المغرب يقوم بالاستحواذ على البنوك الأفريقية، وهو ما يسهّل الصادرات والمعاملات التجارية للرباط مع القارة. وقال رئيس الوزراء الفرنسي إدوار فيليب، الذي نظمت بلاده دورة العام الماضي، في المؤتمر إن “تونس أمام تحد كبير يتمثل في القيام بإصلاحات اقتصادية عميقة من شأنها أن تمكّن من تجاوز مختلف الصعوبات القائمة وتحقيق التنمية الاقتصادية المستهدفة”.أنيس القاسمي: الوصول لأفريقيا يتطلب إرادة سياسية وتفعيل الدبلوماسية الاقتصادية وأشار فيليب أمام رجال الأعمال إلى أن تونس تسعى لتوظيف كل طاقاتها لاستكشاف آفاق جديدة لاقتصادها لا سيما في أفريقيا بالنظر إلى ما توفره القارة من إمكانيات وفرص تعاون وشراكة واعدة. وأكد أن فرنسا وكافة الدول الأوروبية ستولي ملف التعاون مع أفريقيا ما يستحقه من اهتمام وخاصة مع تونس، التي تعد من أبرز الشركاء الاقتصاديين للاتحاد الأوروبي. وبحث المشاركون في اليوم الأول من المؤتمر ضمن مجموعة من الورشات مواضيع تتعلق بصناعة الطائرات والسيارات والاقتصاد الرقمي والزراعة والقطاع اللوجستي وتنظيم العمل الجمركي. ولم تعد تونس تركز بشكل كامل على شركائها التقليديين مثل الاتحاد الأوروبي بعد أن حركت دبلوماسيتها الاقتصادية في جميع الاتجاهات إذ شملت عدة دول بينها روسيا والصين وإندونيسيا وغيرها. وبدأ المسؤولون التونسيون منذ العام الماضي، تنفيذ زيارات ومشاركات على مستوى القارة، مركزة على الجانب الاقتصادي لتعزيز مستوى النمو المتراجع. وأدى الشاهد في أبريل الماضي، زيارة إلى كل من مالي والنيجر وبوركينا فاسو، في إطار جولة أفريقية لتعزيز علاقات التعاون الاقتصادي والاستثمار في مجالات، من بينها السكن والصحة والبنية التحتية. ولا يتجاوز حجم التجارة التونسية مع دول القارة نحو 5 بالمئة من حجم المبادلات التجارية، بينما تبلغ أكثر من 50 بالمئة مع دول أوروبا. ويتوقّع أن تعلن السوق المشتركة لدول شرق وجنوب أفريقيا (الكوميسا) خلال مؤتمرها في وقت لاحق هذا الشهر دخول تونس للسوق بشكل رسمي، بعد أن تقدّمت بطلب للمجموعة مطلع هذا العام للانضمام إليها. وتعد كوميسا، واحدة من أبرز الأسواق المشتركة في العالم حيث تضم 19 بلدا من دول شرق أفريقيا بتعداد سكان يبلغ قرابة 480 مليون نسمة. وتنص الاتفاقية الإطارية للمجموعة على تحرير أسعار المنتوجات الزراعية والصناعية والخدمات والتكنولوجيا والنقل والصحة وغيرها من القطاعات الاستراتيجية بين الدول الأعضاء.
مشاركة :