تطغى على عملية اختيار الفائز المعايير العلمية وليست الأدبية نظرا لطبيعة تكوين الأكاديمية السويدية كمؤسسة علمية.العرب محمد حياوي [نُشر في 2017/10/07، العدد: 10774، ص(17)] على الرغم من إنّنا نتفق من حيث المبدأ، على أنّ معايير الجودة في الأدب والحكم عليها نسبية، وخاضعة لعوامل عدّة غير الجودة نفسها في الكثير من الأحيان، لكن ما زالت جائزة نوبل للأدب تثير الكثير من الأسئلة سنوياً في مثل هذا الوقت، وبغض النظر عن اقتناعنا بحقيقتها وأهميتها من عدمه، لا بدّ أن نتساءل، كيف تحدد لجنة تحكيم جائزة نوبل من هو أفضل كاتب؟ ومن بين الملايين من الترشيحات من قرّاء وناشرين وأكاديميات واتحادات كتّاب في العالم، تختار الأكاديمية السويدية كاتباً واحداً فقط ليحصل على الجائزة، وقد حصل عليها، كما أصبح معروفاً هذا العام، الكاتب البريطاني كازو إيشيغورو الذي يُعدّ واحداً من المحظوظين القلائل، إذ شكل فوزه مفاجأة بالنسبة للكثيرين، لأن اسمه لم يظهر حتى على قائمة المراهنات، والتي عادة ما تكون على علم جيد بالمتنافسين الأقرب إلى الفوز. وعلى الرغم من ذلك، تلقى الجائزة، سنويا الكثير من الانتقادات والاستهجان وردود الأفعال السلبية، نتيجة لغرابة الترشيحات وطبيعة الفائزين بها، وطغيان الدوافع السياسية على قراراتها، ناهيك عن غمطها لحقّ المرأة الأديبة عالمياً، إذ لم تفز بها منذ تأسيسها في العام 1901 سوى أربع عشرة امرأة. وغالبا ما تذهب الجائزة إلى مؤلفين غير معروفين، كما حدث في السبعينات من القرن الماضي عندما مُنحت لكاتبين سويديين غير معروفين عالمياً، في الوقت الذي كان على اللائحة في العام نفسه كتّاب كبار من امثال غراهام غرين وفلاديمير نابوكوف وغيرهما. أيضاً أثار منح الجائزة لبوب ديلان في العام الماضي الكثير من الاستهجان والانتقادات. كل هذا المعطيات تدفعنا إلى التساؤل عمن يحدد فعلا أسماء المرشحين للجائزة أو الفائز بها في نهاية المطاف؟ وفي الواقع فأن الأمر يبدو مناطاً لأعضاء الأكاديمية السويدية الثمانية عشر من الأكاديميين والكتّاب والمتخصصين باللغة والأدب. وفي كل عام تقوم لجنة نوبل، التي تتألف من أربعة إلى خمسة أعضاء من الأكاديمية السويدية، بإرسال حوالي 700 رسالة لترشيح أدباء مقترحين، وهذه الرسائل الـ700 عادة ما تسفر عن 350 من الخلاصات بعد التمحيص واستبعاد الترشيحات غير الجديّة، خصوصاً تلك الواردة من العالم الثالث، ثم يصار إلى اختصار القائمة إلى 200 أسم خلال أشهر الصيف، لتبدأ بعد ذلك اللجنة بدراسة أعمال المرشحين. وغالباً ما تطغى على تلك العملية المعايير العلمية وليست الأدبية نظرا لطبيعة تكوين الأكاديمية السويدية كمؤسسة علمية بالدرجة الأساس، وفي أبريل من كل عام تُختصر القائمة إلى عشرين أسماً فقط، يجري اختصارهم إلى خمسة فقط في شهر مايو، قبل أن تجتمع اللجنة في شهر سبتمبر مرّة أخرى لتحدد المرشح الأوفر حظاً للفوز بالجائزة الشهيرة، وبحلول منتصف أكتوبر، يتعيّن عليهم الاتفاق على أسم الفائز النهائي، الذي يحتاج إلى عشرة أصوات من أصل ثمانية عشر من أصوات الأعضاء. ويبلغ متوسط أعمار الفائزين بالجائزة حوالي 66 عاماً، وأصغر الفائزين بها كان روديارد كيبلنغ وكان عمره 41 عاماً عندما حصل على الجائزة في العام 1907، اما أكبر فائز فكان دوريس ليسنغ التي حصلت عليها وهي في سن 88 عاما. وقد رفض الجائزة أديبين عالميين هما كل من بوريس باسترناك الروسي في العام 1958، وجان بول سارتر الفرنسي في العام 1964. والملاحظ أن الجائزة، وحسب لوائحها المعدّلة بعد العام 1974، لا تمنح للأدباء المتوفين، وبالتالي فأن أغلب الكتّاب الذين يقضون سنوات طويلة على لائحة الانتظار لا يحصلوا عليها بسبب رحيلهم، ومن هؤلاء، ليف تولستوي ومارسيل بروست وفرجينا وولف، الذين ترشحوا للجائزة عدّة مرّات ولم يحصلوا عليها بسبب وفاتهم. كاتب عراقيمحمد حياوي
مشاركة :