أزمة خدم قوية في آخر سنتين، نتيجة منع باب الاستقدام من دول، وتباشرت النساء بفتح دول أخرى، واكتشاف جنسيات مفاجئة جديدة من الخدم لم تكن بالحسبان تقوم بالجزارة، وغلاء مكاتب الاستقدام، وانتظار أشهر طويلة للحصول على خادمة أو سائق، وبورصة أسعار مجنونة للتنازل وكأنهم غنائم تستحق ذلك. حتى إن المهندس أثناء تصميمه للمنزل الجديد يضع من ضمن الغرف غرفة للخادمة والسائق كركن أساسي من أركان المنزل، إن ذلك يدعوا إلى النظر بتروي إلى أسباب تمسكنا بالخدم وبقوة مع كل المخاطر وكل التكاليف، فمجرد إعلان عن خادمة أو سائق للتنازل لا تمر ساعات حتى يتم بيعهم لأعلى سعر في السوق، وهم في النهاية خادمة وسائق وليس مبتكرا أو مهندسًا، إن الحرص على الخدم في بيوتنا لم يأتِ من فراغ. فطبيعة حياتنا جعلت المنزل يدور محوره فقط على الأم، وبقية أفراده عالة يحتاجون من يخدمهم. إضافة إلى أن الزوجة والأم السعودية تتحمل من الأحمال الكبيرة والواجبات التي تفوق غيرها، من النساء من الدول العربية والأجنبية، وتلعب عدة أدوار، بالإضافة إلى الوظيفة في حال كونها عاملة في البيت وتربية الأبناء مسؤوليتها وحدها، وهذا لا يوجد في المجتمعات الأخرى التي يتحمل فيها الزوجان كلاهما مسؤولية الأسرة والتربية، فبداية بالزوج الذي تتحمل الزوجة مسؤوليته كاملة، وذلك لأن الأزواج السعوديين يتميزون عن رجال العالم بأنهم يعيشون ببيوتهم مثل الملوك، ويعتبَرونضيوفًا يحتاجون إلى الخدمة الدقيقة بكل تفاصيلها، من أكل وملابس وتهيئة غرفة وجلسة فندقية، حتى القهوة والشاي تصب وتقدم لهم، وخفض صوت الأطفال إذا دخلوا، ويتغير نظام البيت كاملا في حال وجودهم، ويقتصر دورهم على الصرف وتوفير المال وهذه الأخيرة قد تكون أحيانًا بمساعده من الزوجة إذا كانت ذا مال، وليست كثيرة هذه العناية أبدا على الرجل الذي يستحق، وتجد منه زوجته مساعدة وشعورا بالعرفان وعدم تلقيها منه نكبات وصبره عليها عند مرضها أو بلوغها أرذل العمر، وقليل من يمد يده ليعاون زوجته أو بناته، وحتى لو مد يده مرة فلا يكررها لكي لا تتعود زوجته ويخرب البريستيج، ويكون خروفًا عند زوجته وخادمًا في بيته، مع أن النبي عليه الصلاة والسلام كان في خدمة أهله مادام في البيت مع وجود خدم في بيته، لكن للأسف تناسوا هذه السُّنة، ولم يطبقوا منه إلا سنة التعدد التي يعتبرونها عملًا خيريًّا جليلًا، وسنة نبوية مؤكدة لكي يكونوا أصحاب النبي في الجنة، ولا ننسى أيضًا وجود زوجات عصبيات كسالى لا يحببن العمل. وتظن إحداهن أن وجود الخادمة هو الترفيه بذاته، أما الأبناء والبنات فهم تربوا علىالاتكالية وتعايشوا مع الخدم بحيث يصعب على أحدهم أن يحمل كوب قهوته إذا انتهى منه إلى المطبخ وغسله، فيتركه في مكانه حتى تأتي أمه لتحمله، ولا يفكر في تنظيف مكان جلوسه بعد قيامه ليتركه نظيفًا كما كان، بل إن كثيرا من البنات يخجل من أن يخبر صاحباتهن بأنها تنظف الصحون أو تمسح البلاط، وترى أنه من العيب ذكر ذلك، لأنهن سيعتبرونها فتاة غير مدللة، والأبناء أيضًا يخجلون من أنيشاهدههم أحد الجيران وهم يكنسون ويغسلون فناء البيت، والمجتمع أيضًا فرض على كثير من الزوجات أن يستعنَّ بخادمة، ففي كل جلسة أو اجتماع يكون محور الحديث عن الخدم ويستغربون أن يجدوا بيتًا بدونها، ويقولون إنها شر لا بد منه!! معترفين أنها شر ومع ذلك يتفاخرون بوجود أكبر عدد من الشرور في بيتهم! بل تستحي المرأة التي لا يوجد عندها خادمة أن يعرف أحد بذلك، وإذا سُئلت لماذا لا تستقدم خادمة مثل غيرها، تأتي بالأعذار التي لا يقبلونها، لأنها بنظرهم مسكينة وتشقي نفسها وتوفر المال لزوجها الذي سيبحث عن زوجة غير مشغولة في التنظيف تتفرغ له، فتخاف الضعيفة وتطلب من زوجها خادمة غريبة تعيش بينهم ليل نهار خوفًا من تحقق كلام صويحباتها. والخادمة أحيانا هادمة، فكثير من الأسر تضررت من وجود خادمة مجهولة الهوية ولا تحمل أي سيرة ذاتية، وغير مدربة تعيش معهم لمدة عامين، تشاركهم كل تفاصيل حياتهم، فيوكلون لها الإشراف على الأطفال وهي لم تربِ أبناءها، ويصرفون على تكاليف استقدامها مع رواتبها أكثر من مصاريفهم الشخصية، ولو وفروا المبالغ التي تصرف على الخدم واستثمروها في تعليم أولادهم أو تأمين مستقبلهم، أو جمع المبلغ لرحلة سنوية عائلية جميلة لكان أفضل لهم، وهم يقدرون أن يستغنوا عنها وليسوا بحاجة فعليه لها، لكن لا يريدون أن يكونوا أقل من غيرهم، بل بعض الأسر الصغيرة حالتها المادية بسيطة جدا وتعيش في شقة ويضغطون على أنفسهم حتى يجلبوا خادمة لأنهم تعودوا عليها، وحتى يكونوا مثل غيرهم. فأصبحنا مجتمعًا لا يخدم نفسه. فتعود الكل على الاتكالية والكسل حتى لحقتنا في الشارع، فنرمي زبالة وأوراقًاومخلفات السيارة بالطريق لأنه يوجد عامل النظافة سيجري وراءنا ليلتقطها، بل حتى في تقرير لإحدى الدول الأوروبية التي غزاها الشعب السعودي، ذكرت أن الخليجيين فيهم من الفوضى والاتكالية الشيء الكثير، فهم يظنون أن المال كافٍليجعل العالم يستقبلونهم ويخدمونهم. ولعلي أعطيكم بعض مما عندي في موضوع الخدم: - إذا كنتي أيتها الزوجة في بداية حياتك الزوجية وعدد أسرتك قليل فانزعيموضوع الخادمة من رأسك ومارسي دورك بمساعدة من زوجك وأطفالك، وإذا كانوا كبارًا فكل واحد يخدم نفسه. - إذا كنتم أسرة مبتدئة فربوا أطفالكم على الترتيب وتنظيم حاجاتهم. وزعوا الأدوار بترتيب غرفة الجلوس والأماكن المستخدمة اليومية، حتى يبقى للأم الأعمال الرئيسية ولا تنضغط بالأعمال الروتينية. - توفير الأجهزة الحديثة لن ينهي مشكلة ترتيب البيت مالم يشعر كل واحد أنه ينتمي للبيت وعضو فعال فيه. - لا بد من معاونة الزوج زوجته في البيت، ولا يظن أنه مشلول لا يتحرك فيه إلا لسانه للطلبات.. فليحمد الله على نعمة الحركة. - حتى لو كنتِ موظفة إن ساعدك زوجك وأبناؤك مع قليل من التنظيم وجدولة أعمالك فستنجحين .. - تذكري أن غالبية الأسر مع كبر بيوتها وكثرة مجالسها إلا أن قلوبهم ضيقة فلا يجتمعون إلا بالاستراحات والمطاعم، فلا تقلقي من ناحية الضيوف. - تذكري أيضًا أن وجود خادمة في المنزل من أبسط حقوقك التي يجب أن يوفرها زوجك في حال حاجتك الفعلية من ضغط الأعمال المنزلية أو مرض، وحسب مقدرته المادية، أما استقدامها لمجاراة القريبات والرفيقات فلن يجني منه إلا خسارة تربية أبنائك وانعدام الراحة والاستقلالية في حياتك وأسرتك. - الاحتياج للخادمة ليس منه ضرر إذا كانت تأتي ساعات محددة في الأسبوع في حال احتياجها الحقيقي، واعتبارها موظفه تؤدي عملًا معينًا وتذهب، ومكاتب الاستقدام يجب أن تسهم في تأجير خَدم ومربيات باليومية، تأخذهم الأسر وقت حاجتهم بدلا من إقامتهم عامين كاملين عند الأسر التي في الغالب تحتاجهم بفترات متقطعة، حيث لا يوجد في أي مجتمع خارجي غير الخليج مَن يُسكن الخادمة عامين في منزله دون تحديد ساعات إذا انتهت منها تذهب إلى منزلها. ريم علي رابط الخبر بصحيفة الوئام: هل نستطيع أن نعيش بلا خَدَم؟
مشاركة :