علينا أن نعترف أن ثمة أزمة للثقة لم يقترب منها كثيرون. أزمة ثقة في كل الاتجاهات السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وأزمة ثقه شعبية جماهيرية. لذا علينا أن نجسر الهـوة بين المختلفين، وأن نضع قواعد للحوار المنشود لتغيير الواقع السياسي وبناء عراق جديد بعدما دمّر الاحتلال الأميركي كل ما كان صالحاً فيه. والعراق الجديد هو دولة الحق والقانون والتعددية والديموقراطية الحقيقية لا الدموية. دولة لا تقصي رأياً ولا تحتكر سلطة ولا تفكر بأختزال السلطة في فكرة أو نظرية أو حزب واحد، وتقبل التنوع في الفكر والتنظير، وبالتالي نحن هنا بصدد تنظيم عملية التغيير السياسي الجديد الذي يجب أن يكون عادلاً تعددياً أساسه قبول حكم الشعب في صندوق الشعب، لا صندوق مفوضية انتخاب السياسيين المفصل على مقاساتهم حصراً. علينا أن نسمي الأشياء بمسمياتها، لكن علينا أيضاً أن نعترف بأننا نمارس مغامرة لم نعتد عليها، فنحن جميعاً ننشد الديموقراطية لكننا لسنا جميعاً ديموقراطيين. نريد ثقافة التعددية، لكن أغلبنا لم يعتمد إلا على ثقافته، وهنا تكمن المغامرة المميتة لأن لا ديموقراطية من دون ديموقراطيين. علينا أن نرسي ثقافة سياسية جديدة نحتاج إلى تدعيمها ورسم قواعدها زمناً كي نعتاد عليها ونألفها، وزمناً كي تترسخ في قواعد سلوكنا، وهي أيضاً مغامرة كبرى بعد الاحتكار الذي جرى بشمولية الحكم والقيادة وفرض سلوكيات الفوضى العارمة في كل شيء. علينا أن نمارس فعل قبول الآخر طالما أننا جميعاً تحت سقف الوطن الواحد. لا شروط على الحوار الذي يتم بين المختلفين لا بين المتفقين، لأن حوار المتفقين نوع من التسامر. نحن مختلفون وهذه هي طبيعة الأشياء لذلك اقترح التالي كقواعد في هذه الورقة التي أطرحها حول مشروع مستقبل العراق الذي تبدو بوادر الشؤم والريبة في آفاقه. -يجب أن نجتمع لإقامة دولة الحق بالقانون والديموقراطية وتداول السلطة وإرساء حقوق الإنسان وقبول التعددية وعدم رفض أي لون من ألوان الطيف العراقي. - الاحتكام للحوار فقط. - إقامة الحد على العنف. -الحفاظ على ميراث الأجيال السابقة واللاحقة. - التاريخ الصحيح هو تاريخ تصحيح الأخطاء لا تاريخ الهدم ثم البناء. المطلوب منا أن نتعالى على ممارسة السلطة وعلى الجراح حيثما وجدت وأن نطوي صفحة آلام الماضي. -لا سلطة لأحد على أحد في تحقيق النجاح السياسي وصولاً إلى النجاح المجتمعي والاقتصادي. -علينا أن لا نتكتل كي نفرض رأينا، بل نجتمع كي نتقاسم الرأي. -إرساء قواعد قبول التعددية في ثقافات وطننا والإثنيات كثقافة ووجود، وهي جزء لا يتجزأ من متنوعات العراق وثرائه عبر التاريخ. مثال للتعدديه والتسامح، فنحن أديان وطوائف وقوميات وأقوام منذ عمق التاريخ، ولذا بقدر انتمائنا إلى وطن واحد علينا أن نقول إن عروبتنا عروبة تاريخ وقضايا وانتماء وليست عروبة عنصرية. ولأننا متعددون نرفض أي مشروع تقسيم أو دولة دينية أو طائفية أو شوفينية أو إثنية أو أي مسمى آخر، لذلك نرفض أي وصايا أو تدخل خارجي خارج إطار الديبلوماسية والبروتوكولات العامه للعلاقات الدولية. لقد أثبتت الوقائع الماضية أن الاعتداء على السيادة مسَّ الجميع وألحَق الضرر الفادح بالعراق وشعبه وثرواته وتراثه وتاريخه وماضيه وحاضره وأخّر مستقبله.
مشاركة :