أكد الكاتب المصري صبحي موسى، أنه دائم الرجوع إلى التاريخ، «للتعرف على الأحداث، وماذا ستكون عليه الأحوال مستقبلاً». وقال موسي في حوار مع «الراي»، انه «يجب على الثقافة أن تعمل على انقاذ الدولة، وليس البحث عن مخرج لعدد كبير من الموظفين لديها». وعن رواية «نقطة نظام»، أحدث مواليده، أوضح الكاتب: «تتناول فكرة النظام في حد ذاته ويوجد للنظام ظاهر وباطن، وهي تحاول ان ترصد الشكل الظاهري للنظام من خلال الحكومة بتفريعاتها، مثل جهاز الشرطة او جهاز الامن إو رجال البرلمان، وكل التجليات التي تقوم عليها فكرة الدولة». وتابع أن «النموذج الذي قام باختياره لتمثيل هذا الجيل، هو فكرة القرية بشكلها الصغير او القرية بمفهومها الاشمل وهو العالم». وهذا نص الحوار مع الشاعر موسي: • هل يمكن ان نقول ان الرواية هي تأريخ لفترة ما قبل الثورة؟ - لا تشغلني فكرة التوقع، ولكن هناك ظروفاً ضاغطة اثناء عصر الرئيس الاسبق محمد حسني مبارك، بدأت منذ عام 2005 جعلت من فكرة التغير واضحة وصريحة وتحديدا منذ مجيء محمد البرادعي الى مصر وانشاء الجمعية الوطنية من اجل التغيير، واطاحة الحرس القديم مثل كمال الشاذلي والتخلص منه وصعود أحمد عز ومجموعته، وكثير من الاحداث التي كنت اتأملها في ذلك الحين، وان الكثير من الناس تبحث عن فكرة الخلاص او المخلص. • تغير الاسم من «نقطة نظام» إلى «قلب نظام» الى «نقطة نظام»... لماذا؟ - كان اسم الرواية في البداية حدث في مثل قرية مجهول، وتم تغيره لكي لا يشتبك مع برنامج «حدث في مثل هذا اليوم»، واصبح اسمها بعد ذلك «قلب نظام». • متى بدأت كتابة «نقطة نظام»... وما الدافع وراء كتابتها؟ - قمت بكتابتها في 2010، ماعدا اخر فصلين تم الانتهاء منهما بعد حدوث ثورة 25 يناير. ولم توجد لدي اي ملامح محددة، الا في اخر فصلين وان جميع الاحداث تؤول الى ان الجماهير خرجت الى الشارع وتنتهى بكلمة: الشعب يريد اسقاط النظام. • هل تعبر هذه الرواية عن سيرتك الذاتية؟ ولماذا تم اختيار محافظة الدلتا تحديداً؟ - انا من احدى محافظات الدلتا، والقرية التي تحدثت عنها بالفعل كانت حقيقة وكان هناك جزء من السيرة بنيت عليه احداث اعرفها جيدا، وعاصرتها مثل الصراع وتجار السلاح والمخدرات التي كانت متواجدة بالقرية وكثيرا من الاحداث بالفعل بها جانب من السيرة، ولكن تم الانتهاء من الواقع الى الفنتزيا او التجريد، ولا استطيع القول انها سيرة ذاتية كاملة او عمل افتراضي كامل هو عمل يناسب كل الاماكن. • هل تتدخل دور النشر بفرض قيود على الكاتب، او التدخل في النص؟ - هناك كتاب كبار، يتم حذف صفحات بالكامل من اعمالهم، ولكن انا شخصياً لم اتعرض لهذا الموقف مع اي ناشر. وهناك حالة من الارتياب في طريقة تناولي للموضوعات. وكتابتي - عادة - مكثفة وليس لدي مطولات. ولا اكتب في التابو الجنسي، فدائما اكتب في التابو الديني او التابو السياسي فالناشرون يرون هذه الموضوعات شائكة وجريئة بعض الشيء. • ولكن هل من موقف من الناشرين في أي وقت؟ - حدث مرة وحيدة في رواية «اساطير رجل الثلاثاء»، فقد طلب الناشر مني تغيير اسماء اشخاص بعينهم لان الرواية كانت قائمة على معلوماتية واضحة، وتم التغيير بالفعل. وفي النهاية قرر عدم نشر هذه الرواية لانها كانت تتحدث عن اسامة بن لادن، ولكن تم نشرها من خلال دار الكتاب المصرية بعد ذلك بالاسماء الحقيقية، كما هي. • يرى البعض ان كتابتك عبارة عن خليط من الخيال والشعر والتاريخ والسياسة واوجاع الناس... كيف تفسر ذلك؟ - اي كاتب يكتب من خلال النشأة الاساسية الخاصة به، وفي فترة معينة يتكون الانسان ذهنيا وتحديد نظرته للعالم من حوله، ومن خلال دراستي لعالم الاجتماع جعلتني ابنا لهذا العلم وهاو جدا لفكرة التاريخ وهو يعتبر العقل الباطن لنا. وترجم هذا من خلال كتاباتي بداية من «صمت الكهنة» و«حمامة بيضا» وكانت تتحدث عن العلاقة بين المثقف والسلطة، ولماذا لا ينفصل المثقف عن السلطة. • كنت مديرا للنشر ولوحظ في السنوات الاخيرة وجود غزارة في الانتاج الادبي... هل كانت الوظيفة تمنعك عن الابداع؟ - لم امسك اي منصب ابدا، ولكن بعد الثورة توليت منصب مديرا للنشر، داخل هيئة قصور الثقافة لمدة عامين، وتم انجاز عدد كبير من الانتاج والنشر. وبعد ذلك توليت عضو مجلس تحرير مجلة الثقافة، وبعد ذلك انتخبت لرئيس تحرير المجلة لمدة عام. وانتدبت الى المجلس الاعلى للثقافة. وافادني هذا الوضع جدا لاني تفرغت لمشروعي الخاص، وانتجت رواية «الموريسكي» وبعدها «نقطة نظام». • ما هو الجديد الذي تعمل عليه هذه الفترة؟ - اعمل على مشروع كبير جدا منذ عام ونصف العام، وأمل ان يظهر بشكل جيد وهو يتحدث على المسألة القبطية في مصر، وعن الازمة الموجودة لدى الاتجاهين - المسلمين والمسيحيين - فالمسلمون يجهلون أهمية المسألة القبطية في مصر، والمسيحيون خائفون ان يعلنوا عن ما لديهم، وقد يكون لديهم حق في ذلك لانهم اقلية ولكن في النهاية الغالبية مكتفية بنفسها. • ما رأيك في الثقافة الجماهيرية؟ هل تحتاج الى رصاصة الرحمة... وهل هناك أمل؟ - المفروض ان الهئية العامة لقصور الثقافة، كانت اعظم جهاز تم اختراعه لرفع مستوى الفكر والثقافة في الشارع وتشكيله وفقا لما تريده الدولة، وكان يسمى في الستينات بالجامعة الاهلية، وبعد ذلك سمي جهاز الثقافة الجماهيرية. ولا يعرف كيف يتم التعامل معه ولا كيف التخلص منه لانه يحوي 19 الف موظف اليوم، و550 موقعا على مستوى الجمهورية، وإن لم تحسن الدولة او الوزارة استخدمها ستحدث طفرة ثقافية كبيرة جدا في البلد ككل. ولكن لا توجد خطة للثقافة والدولة اليوم، ولا ترى الثقافة، الا من خلال المنظومة الدينية واعادة السيطرة على الخطاب الديني الذي تشتت في نهايات عصر مبارك وتحول الى جماعات متصارعة بعد الثورة، ولكن خارج اطار منظومة الدولة. فيجب ان نقول «نقطة نظام» ونضع نقطة ومن اول السطر، فيجب ان نعيد صياغة الدولة ثقافيا والخطاب الديني يعد جزءا واحدا من الخطاب الثقافي والخطاب الثقافي اكبر واشمل وسيظل مأزوما ومعطلا فى الشارع طالما لم يتم حل ازمة 10ملايين من البطالة ونسب تضخم عالية جدا اكثر من 40 في المئة ولا خطاب ثقافيا غير خطاب الازمة. • وماذا عن دور قصور الثقافة؟ - كان يمكن لقصور الثقافة بوصفها احد الاجهزة العملاقة الضاربة في الجذور في المجتمع المصري ان تلعب دورا في مواجهة الفكر الديني المتشدد ولكن حتى الان لايقدر أحد هذه التركة التي ورثناها. • ما الدور الذي يجب ان تقوم به وزارة الثقافة للارتقاء بالمستوى الثقافي والادبي بين الناس؟. - وزارة الثقافة اليوم هي المسؤولة عن ادارة شؤون الموظفين في قطاعات وزارة الثقافة... انا لا احتاج فقط الى وزارة الثقافة. نحتاج إلى المجموعة الثقافية على غرار المجموعة الاقتصادية، ويجب ان تتحد وزارة الثقافة مع وزارة الشباب والقوة العاملة والتعليم والازهر والاعلام، لإنقاذ المجتمع من الانهيار، سواء على المستوى الثقافي او الافكار الارهابية والجمود الفكري ومعاداة كل ما هو جديد وأزمة انهيار الاخلاق. وأري أنه لا يجب فصل الخطاب الديني عن الخطاب الثقافي العام، ويجب ان يدرس التعليم الاساسي لكل المواطنين... في شكل متساوٍ يدرسون المواد واللغات نفسها، وتاتي التخصصات بعد ذلك. فلا بد من استرجاع الانشطة الثقافية في المدارس مثل الرسم الشعر والموسيقى، وإعادة المنظومة مرة اخرى.
مشاركة :