سائقو غزة يتحدون الموت على الطرقات لإرواء ظمأ العطاش!

  • 8/26/2014
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

يدرك محمد الخطيب انه يجازف بحياته كلما جلس وراء المقود ليجوب الطرقات وينقل مياه الشرب الى اللاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة. وسبق ان شهد محمد البالغ 23 عاما حربين اسرائيليتين، في 2008-2009 وفي 2012. لكنه لم يشهد على الاطلاق هذا القدر الهائل من العنف والقصف والموت، على ما يقول. ويقر السائق في مرآب مصنع تحلية مياه البحر الصغير «ما ان أجلس وراء المقود، حتى أشعر بالخوف وتتوتر أعصابي»، فيما سمع دوي القصف الاسرائيلي من بعيد. وينقل الخطيب حمولة قيمة. فقد باتت 90% من مياه الصنابير غير صالحة للشرب في غزة، وباتت مياه البحر المحلاة موردا اساسيا لسكان غزة ولا سيما اللاجئين. لكن بالرغم من الطلب يشهد المصنع صعوبات في العمل. فالسائقون لا يتحمسون للقيادة على الطرقات نظرا لأن سيارات النقل تشكل اهدافا للطيران الاسرائيلي. وبدا الخطيب منهكا نتيجة عمله وتوتر اعصابه. وتابع «احيانا اتجه الى منزل لتسليم (المياه) فاجده مدمرا». ويضيف «على غرار عائلة متى... كنت اذهب باستمرار لملء خزان المياه في منزلهم. في احد الايام ذهبت، ولم يعد هناك منزل». ولا تهدد الضربات عمله اليومي فحسب. فقد قتل ثلاثة من اصدقائه واصيب عدد منهم. ويقيم ثمانية من افراد عائلته في منزله في شمال غزة عادة، لكنهم باتوا حاليا 30 شخصا. وقال صاحب المصنع حسام حنيف مبتسما «محمد طيب القلب». واوضح «في اثناء خدمته، ان سمعت زوجته دوي القصف تتصل به فورا وتقول له (عد الى المنزل)، وهذا ما يفعله». واضاف «احد العاملين لدي لم يات الى العمل الا يوما واحدا منذ بدء الحرب، فعائلته تخاف عليه كثيرا وتمنعه من الخروج». في اخر طريق رملية تسلكها الدواب يبدو مصنع حنيف متواضعا جدا، يشبه مستودعا. وتأتي الشاحنات كل صباح لتعبئة المياه ثم تنطلق لتجول على المدارس والمنازل في شمال ووسط قطاع غزة. وهي تسلك الطرقات التي باتت مليئة بالحفر واحيانا غير صالحة للمرور بعد سقوط قذائف عليها. وقدرت منظمة اوكسفام الخيرية ان ثلث سكان غزة البالغ عددهم 1,8 مليون باتوا محرومين من مياه الشرب. في الاحياء الاكثر دمارا في غزة، على غرار منطقة الشجاعية، لا تجري المياه في الصنابير اكثر من ساعة او اثنتين يوميا. ويساعد ابن صاحب المصنع، طالب المعلوماتية البالغ 24 عاما، والده منذ بدء الحرب. وروى محمود حنيف «في البداية لم تكن لدي مشاكل كبيرة. لكن عندما دخلت الدبابات والجنود (الى قطاع غزة) بدأ الناس ينزحون وهنا تعقدت الامور». واوضح «بدأ الناس يستوقفونني في وسط الطريق ويقولون (ارجوك، طفلي يريد ان يشرب) ويحاولون اخذ الماء من مؤخرة الشاحنة». وسحب هاتفه المحمول من جيب بنطاله وعرض تسجيل فيديو لحادثة اثرت فيه، حيث شهد قصفا في احدى جولاته. وقال «الخوف. الموت. هذا ما شعرت به». وليس المصنع نفسه في مأمن، وقال والد محمود « سقطت قذيفة على بعد 100 متر من هنا». واضاف «لكن علينا مواصلة العمل. صحيح اننا شركة لكننا نقوم كذلك بمهمة انسانية».

مشاركة :