المصالحة الفلسطينية.. من المستحيل إلى الممكن

  • 10/12/2017
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

حلمي موسىوصل وفدا فتح وحماس إلى القاهرة لبدء حوارات مكثفة تحت رعاية المخابرات العامة المصرية، للتمهيد للحوار الوطني العام، بحضور مختلف الفصائل لإعلان انتهاء الانقسام وتحقيق المصالحة. ورغم إعلانات سابقة من الطرفين بأن المطلوب هو تنفيذ اتفاق القاهرة الموقع في العام 2011 وليس التفاوض بشأنه، إلا أن الإشارات كثيرة حول فتح الاتفاق ذاته للتفاوض بدعوى أنه بات قديماً ولا يستجيب لمتطلبات الواقع القائم. واضح أن ما جرى في غزة من تسليم عدد من الوزارات لحكومة الوفاق برئاسة رامي الحمد الله، عزز الآمال بقرب إنهاء الانقسام وأظهر عزماً على تجاوز العقبات الكثيرة التي تعترض ذلك. ويبدو أن حماس الرئاسة المصرية والظروف الصعبة التي تعانيها القضية الفلسطينية أقنعت كلاً من قيادتي حماس وفتح بضرورة تقديم تنازلات لتحقيق المصالحة هذه المرة. ومع ذلك ظل التفاؤل الحذر سيد الموقف على الصعيد الشعبي الفلسطيني نتيجة التجارب السابقة التي لم تؤت أكُلها.ويمكن القول إن جانباً من التفاؤل القائم هذه المرة يعود إلى تجنب الطرفين إطلاق الاتهامات، وسعي كل منهما للظهور بمظهر من يسهل تحقيق المصالحة. وقد أعربت قيادات فتحاوية وحمساوية أكثر من مرة أن تحقيق المصالحة هذه المرة قرار استراتيجي أملته الظروف والحاجة الوطنية، وأن المساعي أكثر جدية من أي وقت مضى. ومع ذلك تختفي خلف هذا التقدير تلميحات حول قراءات متباينة للظروف والمعطيات، بعضها يرى أن ما قاد إلى هذه الجولة انسداد الأفق أمام الطرفين جراء الانقسام، ورغبة كل منهما في إحداث اختراق.ولا ريب في أن حكم حماس لقطاع غزة لم يكن ناجحاً على أقل تقدير، ليس لجهة العجز عن فرض السيطرة وإنما جراء الفشل في إخراج القطاع من دائرة الحصار، ومنع تدهور أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية. وقد ربحت حماس من وجودها في الحكم تعزيزاً لقوتها العسكرية، ونفوذاً أوسع في الدائرة المحيطة، بها لكنها خسرت القدرة على حماية حاضنتها الشعبية من الفقر. ولا أقل أهمية من ذلك واقع أن برنامجها السياسي الرافض للتسوية والمستند إلى المقاومة لا يجد حاضنة إقليمية أو دولية قريبة. وهنا برز مأزق حماس.وفي الجهة الأخرى، ورغم بعض الإنجازات الدبلوماسية للسلطة الفلسطينية في المحافل الدولية، فإن الهدف الأساس من تشكيلها، وهو التقدم نحو بناء الدولة الفلسطينية، لم يتحقق، سواء بسبب الانقسام، أو جراء مصاعب مواجهة المشروع النقيض للدولة وهو الاستيطان. ورغم كثرة الكلام الأمريكي عن «صفقة القرن» يصعب الحديث عن تقدم فعلي باتجاه تحقيق تسوية إقليمية لحل المسألة الفلسطينية في ظل سيادة اليمين «الإسرائيلي». وربما أن كلام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن تعنت رئيس حكومة الكيان، بنيامين نتنياهو، إحدى الإشارات الدالة على الوجهة. ويرى كثيرون أنه حتى إذا صدقت نوايا ترامب وإدارته لتحقيق التسوية فإن نتنياهو وائتلافه اليميني قادر على عرقلتها. ومؤكد أن هذا أظهر مأزق السلطة التي لا تريد أن ترى نفسها تخضع لإملاءات الاحتلال في الابتعاد عن الحل السياسي والتوجه نحو الحل الاقتصادي. في كل حال، يبدو أن حوار القاهرة بين فتح وحماس سيواجه أولاً وقبل أي شيء، سؤالاً حول الهدف منه. فعدا عن الرغبة في إنهاء الانقسام هناك ضرورة للاتفاق على الآليات. وكان اتفاق القاهرة حدد هذه الآليات في بنود مفصلة. ومن المحتمل أن هذه المسألة ستظهر أول خلاف جدي بين الطرفين. إذ أعلن مسؤول فتحاوي كبير، وفق ما نشرت بعض الصحف، أن «ملفات المصالحة كثيرة وكبيرة، وهذا تطلب تشكيل لجنة خاصة لدراسة الاتفاقات الموقعة، والتغيرات التي طرأت على هذه الملفات». وقال إن «اتفاق العام 2011 بات قديماً، وتبعته تغييرات كثيرة يجب أخذها في الاعتبار، والاتفاق عليها، وإضافتها إلى الاتفاق الأصلي». ورد قيادي في حماس بأن «هناك اتفاقات موقعة، ولسنا في حاجة إلى التفاوض من نقطة الصفر»، و«لدينا أوراق موقعة وواضحة، ونحن نتوجه بعقول وقلوب مفتوحة للبحث في تطبيقها». ورغم أن مأزق الحركتين، الممثلتين لمشروعي التسوية والمقاومة، وهو أيضا مأزق كل الحركة الوطنية الفلسطينية إلا أنه يصعب الحديث عن ارتقاء الطرفين النافذين لمستوى الحكمة المطلوبة. وهناك من لا يزال يعتبر أن المشكلة أيضاً تكمن في غياب المعنى الحقيقي لمبدأ الشراكة. إذ لم يدفع وعي جميع الأطراف الفلسطينية بأن قضيتهم لا تزال تقع في دائرة التحرر الوطني إلى بلورة تجسيدات مدركة لمعنى الشراكة والدعم المتبادل لتحقيق الهدف المرجو، وهو كنس الاحتلال. ويرى كثيرون أن نجاح عملية تسليم عدد من الوزارات لحكومة الوفاق، وتأجيل تسليم أخريات بينها الداخلية والمالية، يظهر بعض الخلافات من جهة وعدم النية في التوقف بسببها من جهة أخرى.ومعلوم أن هناك خلافات واضحة بين الطرفين بشأن الوزارات والأجهزة الأمنية، والوظائف الحكومية، والمعابر، وتشكيل الحكومة والانتخابات. ويضاف إلى ذلك خلاف جوهري ليس بارزاً حتى اللحظة وهو سلاح المقاومة ومسألة انضمام حماس والحركات الإسلامية إلى إطار منظمة التحرير. ولا ينبغي التوقف عند الخلافات الداخلية بشأن هدف الحوار، إذ يسهل إيجاد حلول لذلك إذا توفرت النوايا الحسنة. وهنا تظهر العوائق الخارجية التي لا يمكن تجاهلها. فالإدارة الأمريكية ومعها العديد من الجهات الدولية تحاول عبر المصالحة فتح طريق للتسوية عن طريق إلزام حماس بتبني شروط الرباعية الدولية وهي «نبذ الإرهاب، والاعتراف «بإسرائيل»، والاعتراف بالاتفاقات الموقعة بين «إسرائيل» والفلسطينيين». وهذا ما رفضته حماس وما قد يحول دون مشاركتها رسمياً في حكومة الوحدة الوطنية المقرر أن تنتج عن الحوارات. ويبقى الدور «الإسرائيلي» في العرقلة، وهو ما تجلى في تصريحات القادة الصهاينة. إذ رفض نتنياهو أي مصالحة فلسطينية من دون الاعتراف ب«إسرائيل»، وحل كتائب القسام، وقال إن حكومته لن تقبل «بمصالحة كاذبة حيث الطرف الفلسطيني يتصالح على حساب وجودنا». كما أن وزير دفاعه أفيجدور ليبرمان لم يخرج عن خط التهديدات العسكرية، فيما طالب وزير التعليم نفتالي بينت بوقف التحويلات المالية. وجلي أن العقبات كبيرة لكن إذا توفرت الإرادة، والصبر، والرعاية الجادة فإن تحويل المصالحة إلى واقع أمر واقع.. ممكن.واضح أن ما جرى في غزة من تسليم عدد من الوزارات لحكومة الوفاق برئاسة رامي الحمد الله، عزز الآمال بقرب إنهاء الانقسام وأظهر عزماً على تجاوز العقبات الكثيرة التي تعترض ذلك. ويبدو أن حماس الرئاسة المصرية والظروف الصعبة التي تعانيها القضية الفلسطينية أقنعت كلاً من قيادتي حماس وفتح بضرورة تقديم تنازلات لتحقيق المصالحة هذه المرة. ومع ذلك ظل التفاؤل الحذر سيد الموقف على الصعيد الشعبي الفلسطيني نتيجة التجارب السابقة التي لم تؤت أكُلها.ويمكن القول إن جانباً من التفاؤل القائم هذه المرة يعود إلى تجنب الطرفين إطلاق الاتهامات، وسعي كل منهما للظهور بمظهر من يسهل تحقيق المصالحة. وقد أعربت قيادات فتحاوية وحمساوية أكثر من مرة أن تحقيق المصالحة هذه المرة قرار استراتيجي أملته الظروف والحاجة الوطنية، وأن المساعي أكثر جدية من أي وقت مضى. ومع ذلك تختفي خلف هذا التقدير تلميحات حول قراءات متباينة للظروف والمعطيات، بعضها يرى أن ما قاد إلى هذه الجولة انسداد الأفق أمام الطرفين جراء الانقسام، ورغبة كل منهما في إحداث اختراق.ولا ريب في أن حكم حماس لقطاع غزة لم يكن ناجحاً على أقل تقدير، ليس لجهة العجز عن فرض السيطرة وإنما جراء الفشل في إخراج القطاع من دائرة الحصار، ومنع تدهور أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية. وقد ربحت حماس من وجودها في الحكم تعزيزاً لقوتها العسكرية، ونفوذاً أوسع في الدائرة المحيطة، بها لكنها خسرت القدرة على حماية حاضنتها الشعبية من الفقر. ولا أقل أهمية من ذلك واقع أن برنامجها السياسي الرافض للتسوية والمستند إلى المقاومة لا يجد حاضنة إقليمية أو دولية قريبة. وهنا برز مأزق حماس.وفي الجهة الأخرى، ورغم بعض الإنجازات الدبلوماسية للسلطة الفلسطينية في المحافل الدولية، فإن الهدف الأساس من تشكيلها، وهو التقدم نحو بناء الدولة الفلسطينية، لم يتحقق، سواء بسبب الانقسام، أو جراء مصاعب مواجهة المشروع النقيض للدولة وهو الاستيطان. ورغم كثرة الكلام الأمريكي عن «صفقة القرن» يصعب الحديث عن تقدم فعلي باتجاه تحقيق تسوية إقليمية لحل المسألة الفلسطينية في ظل سيادة اليمين «الإسرائيلي». وربما أن كلام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن تعنت رئيس حكومة الكيان، بنيامين نتنياهو، إحدى الإشارات الدالة على الوجهة. ويرى كثيرون أنه حتى إذا صدقت نوايا ترامب وإدارته لتحقيق التسوية فإن نتنياهو وائتلافه اليميني قادر على عرقلتها. ومؤكد أن هذا أظهر مأزق السلطة التي لا تريد أن ترى نفسها تخضع لإملاءات الاحتلال في الابتعاد عن الحل السياسي والتوجه نحو الحل الاقتصادي. في كل حال، يبدو أن حوار القاهرة بين فتح وحماس سيواجه أولاً وقبل أي شيء، سؤالاً حول الهدف منه. فعدا عن الرغبة في إنهاء الانقسام هناك ضرورة للاتفاق على الآليات. وكان اتفاق القاهرة حدد هذه الآليات في بنود مفصلة. ومن المحتمل أن هذه المسألة ستظهر أول خلاف جدي بين الطرفين. إذ أعلن مسؤول فتحاوي كبير، وفق ما نشرت بعض الصحف، أن «ملفات المصالحة كثيرة وكبيرة، وهذا تطلب تشكيل لجنة خاصة لدراسة الاتفاقات الموقعة، والتغيرات التي طرأت على هذه الملفات». وقال إن «اتفاق العام 2011 بات قديماً، وتبعته تغييرات كثيرة يجب أخذها في الاعتبار، والاتفاق عليها، وإضافتها إلى الاتفاق الأصلي». ورد قيادي في حماس بأن «هناك اتفاقات موقعة، ولسنا في حاجة إلى التفاوض من نقطة الصفر»، و«لدينا أوراق موقعة وواضحة، ونحن نتوجه بعقول وقلوب مفتوحة للبحث في تطبيقها». ورغم أن مأزق الحركتين، الممثلتين لمشروعي التسوية والمقاومة، وهو أيضا مأزق كل الحركة الوطنية الفلسطينية إلا أنه يصعب الحديث عن ارتقاء الطرفين النافذين لمستوى الحكمة المطلوبة. وهناك من لا يزال يعتبر أن المشكلة أيضاً تكمن في غياب المعنى الحقيقي لمبدأ الشراكة. إذ لم يدفع وعي جميع الأطراف الفلسطينية بأن قضيتهم لا تزال تقع في دائرة التحرر الوطني إلى بلورة تجسيدات مدركة لمعنى الشراكة والدعم المتبادل لتحقيق الهدف المرجو، وهو كنس الاحتلال. ويرى كثيرون أن نجاح عملية تسليم عدد من الوزارات لحكومة الوفاق، وتأجيل تسليم أخريات بينها الداخلية والمالية، يظهر بعض الخلافات من جهة وعدم النية في التوقف بسببها من جهة أخرى.ومعلوم أن هناك خلافات واضحة بين الطرفين بشأن الوزارات والأجهزة الأمنية، والوظائف الحكومية، والمعابر، وتشكيل الحكومة والانتخابات. ويضاف إلى ذلك خلاف جوهري ليس بارزاً حتى اللحظة وهو سلاح المقاومة ومسألة انضمام حماس والحركات الإسلامية إلى إطار منظمة التحرير. ولا ينبغي التوقف عند الخلافات الداخلية بشأن هدف الحوار، إذ يسهل إيجاد حلول لذلك إذا توفرت النوايا الحسنة. وهنا تظهر العوائق الخارجية التي لا يمكن تجاهلها. فالإدارة الأمريكية ومعها العديد من الجهات الدولية تحاول عبر المصالحة فتح طريق للتسوية عن طريق إلزام حماس بتبني شروط الرباعية الدولية وهي «نبذ الإرهاب، والاعتراف "بإسرائيل"، والاعتراف بالاتفاقات الموقعة بين «إسرائيل» والفلسطينيين». وهذا ما رفضته حماس وما قد يحول دون مشاركتها رسمياً في حكومة الوحدة الوطنية المقرر أن تنتج عن الحوارات. ويبقى الدور «الإسرائيلي» في العرقلة، وهو ما تجلى في تصريحات القادة الصهاينة. إذ رفض نتنياهو أي مصالحة فلسطينية من دون الاعتراف ب«إسرائيل»، وحل كتائب القسام، وقال إن حكومته لن تقبل «بمصالحة كاذبة حيث الطرف الفلسطيني يتصالح على حساب وجودنا». كما أن وزير دفاعه أفيجدور ليبرمان لم يخرج عن خط التهديدات العسكرية، فيما طالب وزير التعليم نفتالي بينت بوقف التحويلات المالية. وجلي أن العقبات كبيرة لكن إذا توفرت الإرادة، والصبر، والرعاية الجادة فإن تحويل المصالحة إلى واقع أمر واقع.. ممكن. helmi9@gmail.com

مشاركة :