تقترب إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب من وضع اللمسات الأخيرة على قواعد جديدة لتسهيل بيع طائرات عسكرية من دون طيار في الخارج، ومنافسة خصومها الصينيين والإسرائيليين السريعي النمو. وفق قال مسؤولون كبار. وقالت مصادر حكومية وصناعية إنه في الوقت الذي يعمل مساعدو ترامب على تخفيف القواعد المحلية المنظمة لبيع الطائرات من دون طيار لحلفاء مختارين، ستسعى واشنطن أيضاً إلى إعادة التفاوض على اتفاق للحد من الصواريخ يعود إلى عام 1987، بهدف تخفيف القيود الدولية على صادرات الطائرات من دون طيار الأميركية. وفي الداخل، تمضي الحكومة الأميركية قدماً في تعديل سياسة تصدير الطائرات من دون طيار تحت ضغط شديد من المصنعين الأميركيين، وفي تحد للمدافعين عن حقوق الإنسان الذين يحذرون من احتمال تأجيج الاضطرابات في مناطق ساخنة منها الشرق الأوسط وجنوب آسيا. وقال المسؤولون في الحكومة لوكالة «رويترز» مشترطين عدم الكشف عن أسمائهم، إن التغييرات التي تأتي في إطار مساع أوسع نطاقاً لإصلاح قواعد تصدير السلاح الأميركية، قد تخرج إلى النور في نهاية العام بموجب مرسوم رئاسي. والهدف هو مساعدة شركات صناعة الطائرات من دون طيار الأميركية الرائدة، والتي باتت محوراً في إستراتيجية مكافحة الإرهاب، في إعادة ترسيخ وجودها في الأسواق الخارجية حيث عادة ما تبيع الصين وإسرائيل وغيرهما منتجاتها في ظل قيود أقل تشدداً. وقال الناشط في «رابطة الصناعات الجوية» ريمي ناثان، إن تبسيط قواعد الصادرات يمكن بسهولة أن يولد آلاف الوظائف، لكن من السابق لأوانه الحديث في شكل أكثر تحديداً. وسيكون المستفيدون الرئيسون من ذلك كبار صانعي الطائرات من دون طيار في الولايات المتحدة «جنرال أتوميكس» و «بوينغ» و «نورثروب جرومان» و «تكسترون» و «لوكهيد مارتن». وقال مسؤول أميركي كبير «سيسمح لنا هذا بالدخول في اللعبة في شكل لم يسبق له مثيل مطلقاً». ومن المتوقع تخفيف القواعد خصوصاً في ما يتعلق ببيع طائرات استطلاع غير مسلحة مخصصة لأعمال جمع المعلومات والاستطلاع والمراقبة، والتي يحمل أكثرها تطوراً كاميرات عالية الدقة وأنظمة استهداف موجهة بالليزر للمساعدة في توجيه الصواريخ التي تطلقها الطائرات الحربية أو السفن البحرية أو البطاريات الأرضية. غير أن المشاورات أكثر تعقيداً في خصوص كيفية تغيير قواعد تصدير الطائرات من دون طيار المزودة بالصواريخ مثل «بريديتور» و «ريبر». ويزداد الطلب على تلك الطائرات المسلحة التي غيرت شكل الحرب الحديثة، وتعتبر الطرز الأميركية منها الأكثر تطوراً. وقال المسؤول الأميركي الكبير إن هذا المسعى ليس جزءاً فحسب من أجندة ترامب القائمة على تشجيع شراء المنتج الأميركي بهدف إعطاء دفعة للشركات الأميركية في الخارج، لكنه يشير أيضاً إلى توجه أكثر تشجيعاً على تصدير مبيعات السلاح التي ترى فيها الإدارة وسيلة لممارسة النفوذ والتأثير في الشركاء الأجانب. وذكر مسؤول ثان رفيع أن مسودة القواعد الجديدة تقضي بأن يحصل عدد من الدول في خانة العشرات على الأولوية في تخليص إجراءات بيع الطائرات من دون طيار العسكرية لهم. وأفاد مصدر في الصناعة بأن هذه المجموعة المختارة ستشمل بعضاً من أقرب حلفاء الولايات المتحدة في «حلف شمال الأطلسي» وشركائها في تحالف «العيون الخمس» الاستخباراتي الذي يضم أيضاً بريطانيا وأستراليا وكندا ونيوزيلندا. لكن ريتشل ستول، مديرة «برنامج الدفاع التقليدي» في مركز «ستيمسون» في واشنطن، قالت إنه إذا أصبحت قواعد تصدير الطائرات الأميركية من دون طيار متساهلة أكثر من اللازم، فإنها قد تسمح لحكومات لها سجل سيء في حقوق الإنسان «باستهداف مواطنيها». وأعاد الرئيس السابق باراك أوباما النظر في سياسة صادرات الطائرات العسكرية من دون طيار عام 2015. لكن المصنعين الأميركيين اشتكوا من أنها لا تزال مقيدة بشدة مقارنة بالمنافسين الرئيسين الصين وإسرائيل. وتتنافس الشركات الأميركية المصنعة للطائرات من دون طيار على نصيب أكبر في السوق العالمية للطائرات العسكرية منها. وتوقعت شركة «تيل غروب» المتخصصة في أبحاث السوق ارتفاع المبيعات من 2.8 بليون دولار عام 2016 إلى 9.4 بليون دولار عام 2025، وذلك حتى قبل التغييرات المرتقبة. وبريطانيا وأخيراً إيطاليا هما الدولتان الوحيدتان المسموح لهما بشراء الطائرات الأميركية المسلحة من دون طيار. وحصلت صفقة بقيمة بليوني دولار لبيع طائرات استطلاع من دون طيار من طراز «غارديان» ومن صنع شركة «جنرال أتوميكس» للهند، على موافقة في الولايات المتحدة في حزيران (يونيو) الماضي، بعدما تأخرت كثيراً. لكن مطالبات نيودلهي بشراء طائرات مسلحة من دون طيار تعثرت. ويمثل ما يعرف باسم «نظام مراقبة تكنولوجيا القذائف» وهو اتفاق أبرم عام 1987 ووقّعته الولايات المتحدة و34 دولة أخرى، أحد العقبات الكبرى على طريق تعزيز مبيعات أقوى الطائرات الأميركية من دون طيار. ويصنف الاتفاق الطائرات من دون طيار التي يتجاوز مداها 300 كيلومتر وحمولتها 500 كيلوغرام على أنها صواريخ موجهة، ما يلزمها بقواعد تصدير واستيراد مشددة للغاية. ويريد المسؤولون الأميركيون إعادة التفاوض في شأن الاتفاق للحصول على تأييد دولي لتخفيف قواعد التصدير الأميركية. ولم توقّع الصين الاتفاق، ومضت قدماً في مبيعات الطائرات من دون طيار لبعض الدول التي تربطها علاقات وثيقة بالولايات المتحدة مثل العراق والسعودية ونيجيريا. وتُقارن طرز صينية مثل «سي إتش-3» و «سي إتش-4» بطائرات «ريبر» الأميركية، لكن الطائرات الصينية أرخص بكثير. وقال مسؤولون أميركيون إن بكين تبيع هذه الطائرات من دون ضوابط تذكر. لكن وزارة الخارجية الصينية تصر على أنها تتبع «نهجاً حذراً ومسؤولاً»، في ما يتعلق بصادرات الطائرات العسكرية من دون طيار. ولم توقّع إسرائيل أيضاً على «نظام مراقبة تكنولوجيا القذائف»، لكنها تعهّدت الالتزام به وتنافس المصنعين الأميركيين على أساس معايير التكنولوجيا المتطورة. لكن إسرائيل لن تبيع هذه الطائرات لجيرانها في الشرق الأوسط المضطرب. وتشير بيانات وزارة الدفاع إلى أن مبيعات إسرائيل من الطائرات من دون طيار في الخارج بلغت 525 مليون دولار عام 2016. ويدافع مصنعو الطائرات من دون طيار الأميركيون وأنصارهم في إدارة ترامب عن موقفهم بالقول إن دولاً أخرى ستنشر هذه الطائرات، لذا يجب ألا تتخلف الولايات المتحدة عن الركب.
مشاركة :