مخاوف من تبعات تعديل التركيبة السكانية على سوق العقار

  • 10/13/2017
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

خالد الحطاب وإيليا القيصر| في الوقت التي تحاول فيه الحكومة إجراء تعديلات ووضع خطط إستراتيجية على التركيبة السكانية في البلاد، نجد أنها نسيت تماما خطر تحول الكويت وشوارعها إلى مدن لـ«العزاب» بعد سلسلة الإجراءات التي باشرت تنفيذها، ما سيؤدي إلى هجرة الأسر وبقاء أربابها فقط. القبس رصدت فعليا التحول الملحوظ لكثير من الأسر الوافدة من صغيرة مكونة من 4 إلى 5 أفراد إلى بقاء الأب وحده ورحيل باقي أفراد الأسرة، نظرا لزيادة الأعباء المادية التي يصعب تسديدها مستقبلا كزيادة رسوم الخدمات في الصحة والكهرباء والماء والاقامات وغيرها. ويرى خبراء عقاريون ان بعض أصحاب العمارات في مناطق الجليب والفروانية وخيطان، لا سيما البنايات القديمة توجهوا إلى تسكين العزاب وخفض القيمة الايجارية، فيما تمسك أصحاب البنايات الجديدة ذات التشطيب الجيد في مناطق السالمية وحولي وغيرهما بنفس القيمة الايجارية، مؤكدين ان تعديل التركيبة السكانية لن يكون له الأثر الكبير على سوق العقار كونها تستهدف العمالة الزائدة والهامشية التي لا تعد قوى ايجارية مؤثرة في سوق العقار. تحول ملحوظ خلال جولة القبس في ميادين وأزقة محافظات البلاد المختلفة بدءاً من حولي، لوحظ تحول شارع شرحبيل وموسى بن نصير من عمارات سكنية تضج بالعائلات والأطفال والحياة الطبيعية إلى عمارات رفعت عليها إعلانات مختلفة توزعت بين «للإيجار استديوهات» أو «للعزاب فقط». وفي استفسار عن أسعار الإيجارات الشهرية من حراس تلك العمارات، قال احمد مرعي إن الشقة ذات الغرفتين ومنافعهما لا تقل عن 380 دينارا شرط ألا يقطن فيها أكثر من 8 أفراد في حين وصل سعر إيجار الغرفة داخل شقة إلى 100 دينار و180 للغرفة المنفصلة عن الشقة مع منافعها. وفي الجهة المقابلة الأقرب لدوار «الكرد» وفي زيارة خاطفة لتلك المنطقة لوحظ غياب الحياة العائلية واقتصار الشوارع على «العزاب» الذين لم يعطوا حتى الطريق حرمته فخرج بعضهم يمشي، وهو يلبس ملابسه الداخلية أو «الفانيلات»، اضافة إلى نصب «الشيشة» على جنبات الطرق أمام مداخل سكنهم ليلا وفي المقاهي التي تغرق جنبات الطريق هناك. وفي سؤال للساكنين والمارة عند دوار «الكرد» حول طبيعة السكن والأسعار أفادوا بأن إيجار «السرير» في الشهر الواحد 30 دينارا يلحقها 20 أخرى لمن سيطبخ أو ينظف البيت، في حين يصل سعر الأستوديو إلى 120 دينارا، وهو ليس من السهل الحصول عليه في ظل الإقبال العالي، حيث يتقاسمه 3 أفراد غالبا. فلل السالمية ليس بعيدا عن منطقة حولي وأزقتها المزدحمة بـ «العزاب» حتى تصل إلى فلل القطعة الثانية عشرة من السالمية المطلة على طريق الفحيحيل السريع، والتي أصبح جزء كبير من بيوتها سكنا لمئات العزاب من مختلف الجنسيات، حيث قسم مالكو تلك البيوت أدوار البيت الواحد إلى عدة غرف مشتركة بشبكة «حمامات» ومطبخ واحد. ووصل إيجار الغرفة الواحدة إلى 100 دينار يسكن فيها 3 أفراد، أي يصل عدد إجمالي القاطنين في البيت الواحد بحسب شهود عيان كانوا في المنطقة أكثر من 100 شخص، في حين يصل سعر الشقة المكونة من ثلاث غرف وحمامين ومطبخ إلى 400 دينار، يقطن فيها 6 إلى 7 أفراد. كما يتراوح سعر شقق العزاب والاستديوهات في باقي قطع منطقة السالمية من 150 وحتى 180 دينارا وتقع في المنطقة القريبة من شارع المطاعم وجمعية الرئيسية.مملكة العزاب أما محافظة الفروانية، ومناطقها المختلفة انطلاقا من «خيطان وصولا إلى جليب الشيوخ» فستجد نفسك محاصرا بشوارع خصصت للعزاب من الجنسين، لاسيما أن عمارات المنطقة تعتبر الأقل سعرا بالنسبة للشركات وجهات الدولة، بالتالي يتم استئجارها لهم، حيث أصبحت اطلالة منطقة الفروانية على طريقي «الغزالي» و«السادس» عمارات خاصة لتلك الفئة. ويصل ايجار الشقة السكنية الواحدة ذات الغرفتين إلى 280 دينارا شهريا، وتقل في العمارات القديمة حتى تثبت عند 230 دينارا، في حين تؤجر للشركات على 250 دينارا في أغلب الأحوال بحسب ما تحدث به حراس العمارات هناك. وفي خيطان، احتل العزاب العمارات السكنية في القطع من الخامسة وحتى التاسعة، وأصبحوا هم الرمز الأساسي للاسواق التجارية، التي كان سابقا لا يسمح بالدخول فيها إلا للعائلات فقط، وعند الدخول للشارع القريب من نادي خيطان الرياضي في فترة الصباح المبكر أو فترة ما بعد العصر ستعرف جيدا حجم العزاب في تلك المنطقة المحاذية لسكن «العائلات الكويتية»، في حين تتراوح ايجارات الشقق فيها بين 200 و350 دينارا بحسب الخدمات وعدد الأشخاص المسموح لهم بالسكن في الشقة الواحدة. الصراف: العقار ما زال الملاذ الآمن للمستثمريناحمد الصراف قال الخبير المالي والعقاري احمد الصراف ان العقار الاستثماري ما زال هو الملاذ الأمن للمستثمرين، بعكس سوق الأوراق المالية، وأفضل من إيداعات البنوك لمحدودية فوائدها، لافتا إلى ان البناية التي تبلغ قيمتها 800 الف دينار يبلغ دخلها الشهري 4600 دينار أي ما يزيد على 55 الف دينار سنويا وبما يعادل %7 من قيمة رأس المال. وذكر ان تعديل التركيبة السكانية واستهداف ترحيل العمالة الزائدة والهامشية لن يؤثر في سوق العقار، فأغلبهم يقطنون 10 أفراد في غرفة واحدة، بعكس العمالة الفاعلة والمستقرة التي تعد القوى الفعلية المؤثرة في سوق العقار. وأوضح ان اغلب المستثمرين يفضلون تسكين العائلات، او تأجير البناية بالكامل للشركات، او تسكين مدرسين او مهندسين، مشيرا إلى تسكين العزاب من العمالة الفنية او الهامشية غالبا ما تكون في البنايات القديمة والاستديوهات وهذه قليلة العدد وغير مؤثرة في سوق العقار. وعن أسباب انخفاض قيمة الإيجارات في بعض المناطق، قال الصراف ان ارتفاع أسعار الأراضي خلال الطفرة التي شهدتها البلاد عام 2012 عندما وصل سعر المتر الى 2300 دينار أدى إلى ارتفاع تكلفة البنايات وبالتالي مطالبة المالك بإيجارات مرتفعة تتناسب مع رأس المال المستثمر، إلا ان انخفاض القوى الايجارية أدى فيما بعد إلى اضطرار أصحاب الملك إلى خفض الإيجارات، لافتا إلى ان البنايات ذات المواقع المميزة ومواقف السيارات وعالية التشطيب ما زالت تحتفظ بقيمتها. وبيّن الصراف أن ارتفاع أسعار الكهرباء أثر في المستثمرين وزادت مخاوفهم من ارتفاع التكاليف مقابل الإيرادات، لافتاً إلى ان بداية موسم المدارس وعودة المسافرين واستمرار المشاريع الجديدة سوف تؤدي إلى انتعاش سوق العقار مرة أخرى. وأشار إلى ان المشاريع السكنية في مناطق شرق القرين كالفنيطيس وابو فطيرة، سوف تؤثر في أسعار العقار بشكل عام حال اتضاح الرؤية اذا كانت تقام بنظام فلل على شكل شقق ام وحدات، موضحا أن النظام الأول سيؤدي إلى انخفاض أسعار السكن. وتابع: في الوقت نفسه فإن اغلب المواطنين الذين استلموا وحداتهم في مدن المطلاع وصباح الأحمد سيؤجرونها ويتوجهون إلى السكن او الإيجار في المناطق الداخلية. العتيبي: تطوير القوانين بما يتماشى مع المتغيّراتحملة لرصد المخالفين في «الخاص» أكد عضو المجلس البلدي ورئيس لجنة الإصلاح والتطوير أسامة العتيبي، أن لائحة البناء الجديدة، الجاري إعداها حالياً، تعد فرصة ذهبية لمواجهة التحديات وحل المشكلات التي طرأت على سوق العقار، ومعالجتها بنصوص مرنة يمكن تطبيقها على ارض الواقع، وبما يتماشى مع تغيرات التركيبة السكانية، وبما يسهل على المستثمرين العقاريين تلبية طلب سوق العقار الجديدة. وحول غزو العزاب لبعض مناطق السكن الخاص، قال العتيبي لـ القبس إن البلدية تشرع في إعداد حملة مكثفة على المخالفين للمرسوم بقانون رقم 125 لسنة 1992 الذي يحظر سكن غير العائلات في مناطق السكن الخاص والنموذجي، لافتاً إلى وجود تجاوزات في العديد من المناطق كالقادسية والفيحاء والسالمية وغيرها. وشدد على ضرورة إعادة النظر في التشريعات واللوائح بما يتماشى مع الوضع الحالي أو المقبلين عليه، لجذب المستثمرين العقاريين من الداخل والخارج، والسماح بنسب بناء مجزية من إجمالي الأرض المرخصة، وتطوير رخص العقار بما يتناسب واحتياجات السوق، شريطة الالتزام بمعايير الأمن والسلامة والأمن الاجتماعي والبنية التحتية. ورأى أن رأس المال يحتاج إلى أرضية خصبة تتضمن دورة مستندية مختصرة وقوانين ميسرة تحفظ حق المستثمر وتشجعه على الاستثمار في سوق العقار التي هي جزء مهم من اقتصاد البلاد، لافتاً إلى ان المخطط الهيكلي الرابع، المرتقب لا بد ان يراعي تغير التركيبة السكانية ويضعها بعين الاعتبار، كونها سلسلة من المراحل الاجتماعية والاقتصادية التي تمر بها البلاد. وأوضح أن سكن العزاب في المناطق الاستثمارية لا بد ان يراعي الاشتراطات القانونية كحماية البيئة ونظافة مظهر العقار والواجهات ومعايير الأمن والسلامة، منبهاً أن غرامات مخالفة هذه القوانين والاشتراطات تصل إلى 10 آلاف دينار. بهبهاني: خفض الأسعار مرهون بمنع المضاربةخالد بهبهاني رأى الخبير العقاري خالد بهبهاني أن ما أسماه بـ «القوى» او «المتنفذين»، الذين يملكون مساحات كبيرة من الأراضي والحصة الأكبر من القسائم والبلوكات، يتحكمون في أسعار سوق العقار في البلاد في ظل غياب تشريعات تمنع المضاربة او الاحتكار، لافتاً إلى أن بعض الدول تتقاضى نسبة %30 من ارباح بيع العقار او المتاجرة به وترتفع النسبة او تفرض غرامة كلما تكررت عمليات البيع في خطوة تهدف إلى منع المضاربة والمتاجرة بالسكن الخاص. وعزا بهبهاني هبوط سوق العقار في القطاع الاستثماري إلى سفر الكثير من العائلات خلال موسم الصيف والعطلات، مشيراً إلى ان هذا الهبوط معتاد خلال هذه الفترة من كل عام. وأكد استقرار سوق العقار على المستوى العام، معتبرا انخفاض إيجارات بعض الشقق تصحيحا لمسار السوق وإعادة الإيجارات إلى المعدل الطبيعي عقب الطفرة الايجارية التي حدثت منذ عامين، موضحا أن البنايات ذات المساحات المعتدلة والتشطيب الجيد ما زالت محتفظة بقيمتها الإيجارية بعكس البنايات ضيقة المساحة وذات التشطيب السيئ التي يهجرها المستأجر. وبين بهبهاني ان خطة الحكومة لتعديل التركيبة السكانية لن تؤثر في سوق العقار الاستثماري كونها خطة بعيدة المدى، لافتا إلى ان استمرار تنفيذ مشاريع التنمية سيتطلب بالضرورة أيدي عاملة أجنبية، كذلك المهن الفنية ما زال يصعب الاستغناء عن أصحابها، ما يؤشر على استمرار تواجد الوافدين وبنسبة لو معقولة تسمح باستقرار سوق العقار. سلاح لطرد العائلات يستخدم حراس ومالكو العمارات السكنية «العزاب» سلاحاً لطرد العائلات التي رفضت قبول زيادة الإيجار الشهري التي فرضها المالك بنسبة %100، بعد انتهاء العقد ولجوئهم إلى المحاكم، وما إن يحصل مالك العمارة على حكم محكمة يقضي برفع القيمة بنسبة %40 نظراً لعدم توافر الخدمات التي تقضي برفعها إلى %100 حتى يشرع في «تطفيشهم» عن طريق جلب «العزاب» للسكن في الشقق الشاغرة وتسكين أكثر من 14 فرداً في شقة مكونة من غرفتين مقابل أجر شهري يبلغ 350 ديناراً و5 دنانير للحارس عن كل فرد! الكهرباء على حساب «شكراً» على ما يبدو أن وزارة الكهرباء والماء مقصرة في ملاحقة مالكي العمارات السكنية والشقق التي قام قاطنها الأول بإخلائها واسترجاع تأمينه، لا سيما أن الساكن التالي يعيش فيها لسنوات من دون قيامه بمراجعة الوزارة لتسجيل وتدوين العقد باسمه نظراً لأن مالك البناية لم يمنحه إياه. وتوفر وزارة الكهرباء والماء الخدمات للعمارات والشقق السكنية على الرغم من خلوها قانونياً من مستأجر نظراً لقيامها بتسليم التأمين، الأمر الذي يحتاج إلى خروج فريق معني من كوادرها لمراجعة الموقع. سماسرة أشار الخبير العقاري خالد بهبهاني إلى أن اغلب البيوت التي تباع في المناطق الداخلية يستحوذ عليها تجار وسماسرة يقومون بتحويلها إلى شقق للإيجار بالمخالفة للقانون، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار في تلك المناطق.

مشاركة :