بقلم : د.عبدالعزيز بن علي المقوشي تعودت بعض شرائح مجتمعنا على ما يسمى بالصيت حتى ان البعض منهم يردد تلك المقولة الشهيرة الصيت ولا الغنى وتعني أنك تتظاهر أمام الآخرين بالغنى كذبا وغشا وخداعا! بينما واقعك الحقيقي ربما يبتعد عن ذلك كثيرا.. والبعض في مجتمعنا يؤمن إيمانا شديدا بهذا المفهوم ويطبق هذه المقولة على كافة شؤون حياته فيسافر بالصيف مثلا لدول أوروبية مرتفعة السعر ولا يقوى على تكاليف رحلة الاستجمام تلك فيبادر بالحصول على قروض من أجل تلك الرحلة ليحقق حلمه بالصيت وهناك آخرون يقتنون سيارات فارهة لا يقوى الواحد منهم على شرائها لكنهم يشترونها بالأقساط وربما التهمت أقساطها الشهرية أكثر من نصف مرتباتهم! وأذكر أن جهة غربية وفدت للملكة من أجل إصدار يحقق ذلك الصيت من خلال نشر سير ذاتية لشخصيات بارزة وبيع مساحات أخرى في الإصدار لشخصيات ليست بمستواها من أجل أن تظهر في ذلك الإصدار الذي لا يعرف عنه أحد ولا يحظى بمصداقية.. المبالغ التي كانت تدفع عالية جدا لكن الباحثين عن الصيت في أي مجال ومن خلال أي فرصة تلوح في الأفق كانوا يتهافتون على تلك الجهة وذلك الإصدار!. حقيقة لم أكترث كثيرا عندما كنت ألمس تهافت الناس على مكونات الصيت تلك ولم أعبأ مطلقا بهذا الموضوع لأنني أعتبره شأنا شخصيا وإن كان ضرره يتعدى أحيانا الفرد نفسه.. وإن كنت أشفق على أولئك الذين كانوا يمارسونه لكن ما ساءني كثيرا أن تتحول رحلة البحث عن الصيت من الأفراد إلى المنشآت حيث دخلت كثير من المفاهيم والممارسات إلى المنشآت الحكومية والخيرية والخاصة في وطننا العزيز من خلال هذا الباب عبر طرق ووسائل مختلفة ومتعددة وبتسميات براقة وزاد الطين بلة عندما بدأت منشآتنا الأكاديمية سباقها المحموم حول ما يسمى بالتصنيفات الأكاديمية فهرولت الكثير من تلك المنشآت ولا يزال بعضها يهرول لاهثة حول التصنيف الأكاديمي وجعلت كثير منها هذا الهم في مقدمة أولوياتها فأهمل البعض منها العملية الأكاديمية والممارسة البحثية وأشغلوا كافة عناصر الشأن الأكاديمي بقضايا تتعلق باستكمال متطلبات التصنيفات الأكاديمية .. ولم يتوقف الموضوع عند هذا الحد بل سعى البعض من قادة تلك المنشآت إلى شراء وهج التصنيف وما يمكن أن نطلق عليه الصيت بطريقة أو بأخرى وكأنه يمارس مفهوم الصيت ولا الغنى في المنشأة الأكاديمية .. وعلى الرغم من تنبه وزارة التعليم العالي لهذا الموضوع وتأكيداتها الدائمة على أهمية تنمية الوعي الأكاديمي والارتقاء بالشأن الأكاديمي بما يخدم المخرج التعليمي إلا أن السباق المحموم لا يزال يمارس من خلال بعض جامعاتنا المحلية وهو صيت يتم السعي للحصول عليه في بعض أو كثير من الأحيان بطرق ملتوية أكاديميا كإشراك بعض أكاديمييها في أبحاث قد لا يعرفون منها غير اسمها وإضافة أسمائهم كباحثين مشاركين في إعدادها وهو أمر ربما لم يحدث لكن ما يدفع أولئك الباحثين الأجانب لإضافة بعض الأسماء الأكاديمية يتمثل في قبض مبالغ مالية عالية في كثير من الأحيان .. إن السعي وراء التصنيفات الأكاديمية ليس عيبا والبحث عن الصيت أمر مروع لكن الصيت يجب أن يرتبط به الغنى فلا صيت خداع وإنما صيت غنى وعز وتميز وعطاء أكاديمي مهني عالي الجودة.. ودمتم. نقلا عن الرياض
مشاركة :