أجهزة استشعار مطورة للسيارات الذاتية القيادة

  • 10/17/2017
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

رفع سوروش صالحيان يديه الاثنتين وأخذ يدور ويدور وكأنه يحتفل بهبوط طائرة. وفي الغرفة، وعلى منصة ثلاثية القوائم، كان جهازاً صغيراً أسود اللون يتابع هذه الرقصة الصغيرة ويسجلها على كومبيوتر لابتوب موضوعاً بالقرب منه. ظهر صالحيان في التسجيل على شكل مجموعة من النقاط الصغيرة الملونة، بالأحمر، والأزرق، والأخضر. وتشير كل نقطة إلى مسافة محددة لبقعة معينة على جسده، في حين تشير الألوان إلى سرعة حركاته. وعندما دارت ذراعه اليمنى إلى الأمام، تحول اللون إلى الأزرق. وعندما تحركت ذراعه اليسرى باتجاه بعيد، تحول إلى الأحمر.أشار شريك المهندس السابق في «آبل»، مينا رزق إلى اللابتوب وقال له: «هل ترى كيف أن الذراعين مختلفتان؟ إنه يقيس سرعات مختلفة». وصالحيان ورزق هما المؤسسان لشركة صغيرة جديدة في «سيليكون فالي» تعرف باسم «آييف Aeva»، وصُمم جهازهما الأسود الصغير الجديد للسيارات الذاتية القيادة. ويعتزم هذان المخضرمان في مجموعة «آبل» السرية للمشاريع المميزة أن يوفرا لهذه العربات الذاتية القيادة رؤية أكثر كمالاً وتفصيلاً وموثوقية للعالم من حولها، لأنه عامل ضروري جداً لتطورها.- أجهزة استشعارتراقب السيارات الذاتية القيادة التي يتم تصنيعها اليوم في شركات كجنرال موتورز، وتويوتا، وأوبر، و«وايمو» التابعة لـ«غوغل»، المحيط من حولها، عبر استخدام مجموعة متنوعة من أجهزة الاستشعار، كالكاميرات والرادارات وهوائيات «جي بي إس». والكشافات الضوئية والاستكشافية التي تقيس المسافات عن طريق دفقات الضوء. ولكن طريقة عمل أجهزة الاستشعار هذه تعاني من فجوات، إلى جانب صعوبة دمج تدفقاتها غير المتساوية من البيانات. ولكن النموذج الذي تعمل عليه «آييفا»، هو جهاز يعمل بالكشف الضوئي والاستكشافي ليقيس المسافات بدقة أكبر ويلتقط السرعات، ويهدف إلى ملء الكثير من هذه الفجوات المؤثرة. وقال تارين زياي، رئيس قسم التكنولوجيا والشريك المؤسس في شركة «فوياج» لسيارات الأجرة الذاتية القيادة الذي اطلع على النموذج: «أنا لا أفكر حتى بهذا النوع من أجهزة الاستشعار. إنه اختراع جديد كلياً».تأسست «آييفا» في يناير (كانون الثاني) بتمويل من شركة «لوكس» لرؤوس الأموال وغيرها من شركات «سيليكون فالي»، وتعمل إلى جانب الكثير من الشركات الأخرى على تطوير أنظمة استشعار أكثر فعالية للسيارات الذاتية القيادة، التي بدأت صناعتها تتوسع من شركات صغيرة كـ«لومينار» و«إيكودين» و«ميتاويف»، إلى الشركات الكبيرة المصنعة للقطع كالشركة الألمانية المتعددة الجنسيات «روبرت بوش». أما اسم الشركة الجديدة، فمستوحى من «إيف»، الذي أعطي لشخصية الروبوت الموجودة في فيلم «وال - إي» من إنتاج شركة بيكسار.وحسب دراسة قامت بها شركة بوسطن الاستشارية، من المتوقع أن تنمو سوق السيارات الذاتية القيادة لتصل إلى 42 مليار دولار بحلول 2025. ولكن لتحقيق هذه الرؤية، تحتاج هذه المركبات إلى أجهزة استشعار جديدة وأكثر قوة، خاصة وأن السيارات التي تنتج اليوم قليلة الفعالية في كثير من الأحوال الشائعة كالقيادة الفائقة السرعة، وحالات المناخ السيئة.- تصاميم محسنةوتزامنت التحسينات الأخيرة في السيارات الذاتية القيادة مع التحسينات في الكشافات الضوئية والاستكشافية التي قدمتها شركة «فيلودين» من «سيليكون فالي». قدمت هذه الكشافات طريقة جديدة لقياس المسافات التي تفصل السيارة عن السيارات، والمشاة، والأشياء الأخرى القريبة منها. كما أنها قدمت لـ«غوغل» ولشركات أخرى طريقة جديدة لرسم خرائط الطرق المدنية في ثلاثة أبعاد، حتى تتمكن السيارات من معرفة أين تسير وفي أي وقت، وهي ميزة لا يستطيع جهاز الـ«جي بي إس». أن يوفرها دائماً.ولكن حتى هذه الكشافات تعاني من بعض الشوائب، إذ يمكنها أن تجمع المعلومات حول الأشياء القريبة منها فقط، مما يحدّ من سرعة سير العربات. كما أن قياساتها ليست دائماً شديدة الدقة إلى حدّ تمييز الأشياء عن بعضها. هذا بالإضافة إلى أن اقتراب أكثر من سيارة ذاتية القيادة من بعضها، يمكن أن يؤدي إلى تشويش في إرسالاتها.تعاني الأجهزة الأخرى من بعض النقص أيضاً. على سبيل المثال، تعتبر الكاميرا وسيلة أفضل للتعرف إلى المشاة وإشارات الشارع، في حين تصلح الرادارات أكثر للمسافات الطويلة. لهذا السبب، تستخدم السيارات الذاتية القيادة التي تعمل اليوم أنواع مختلفة من أجهزة الاستشعار. ولكن على الرغم من توفر أنواع متعددة من الأجهزة، والتي يمكن أن تصل كلفتها إلى مئات أو آلاف الدولارات للسيارة الواحدة، لا مفر من اضطراب أفضل السيارات الذاتية القيادة في الكثير من الأحوال التي يسهل على البشر عادة التعامل معها.- كشافات مطورةإلا أن صالحيان ورزق يعملان في نموذجهما الجديد على تغيير الوضع الحالي لأجهزة الاستشعار. فقد عمل المهندس رزق على تصميم جهاز بصري لشركة «نيكون»، وكان من بين المهندسين الذين طوروا الكشافات البصرية الخاصة بمشروع آبل للسيارات الذاتية القيادة. أما صالحيان، فلم يكشف عن المشروع المميز الذي عمل عليه في شركة آبل. وتجدر الإشارة إلى أن كليهما تركا عملهما في الشركة العام الماضي.تعمل أجهزة الاستشعار الضوئية الموجودة حالياً على إرسال نبضات ضوئية فردية، أما جهاز «آييفا»، فيرسل موجات متواصلة من الضوء. ويرى المهندس رزق أن قراءة الطريق بهذا الشكل سيرسل إشارات أكثر تعقيداً عن الأشياء المحيطة، أي أن الجهاز سيلتقط صورة أكثر تفصيلاً خلال تعقبه للسرعة.ويمكن رؤية هذا الجهاز على أنه تقاطع بين جهاز استشعار ضوئي يبرع في قياس العمق، ورادار يبرع في قياس السرعة. وأضاف رزق أن الموجة المستمرة التي يبثها الجهاز من شأنها أن توفر نطاقاً ودقة أكبر من أجهزة الاستشعار الموجودة حالياً، وتتعامل بشكل أفضل مع تقلبات المناخ والأشياء التي تعكس الضوء كدرابزينات الجسور، بالإضافة إلى تفادي التشابك مع أجهزة استشعار بصرية أخرى.في الوقت الحالي، ستستمر السيارات في استخدام أنواع متعددة من أجهزة الاستشعار، لأن تعددها يساعد على ضمان سلامة هذه السيارات. ولكن «آييفا» تطمح لتزويد هذه المركبات برؤية أفضل عن محيطها من خلال مجموعة أصغر وأقل تكلفة من الأجهزة.وكان باحثون من جامعتي كاليفورنيا وبيركلي قد بنوا جهازاً مشابهاً، في حين صرحت شركات كبيرة كـ«فيلودين»، وشركات ناشئة كـ«أوريكس فيجن» و«كوانرجي» أنها درست أفكاراً مماثلة. وإلى جانب الكثير من الجهود الأخرى، لا يزال مشروع «آييفا»، قيد التطوير، وتخطط الشركة لبيع أجهزتها العام المقبل. ولكن بات واضحاً للجميع كيف أن السيارات الذاتية القيادة تحتاج إلى التطور، والحقيقة أنها تطور فعلاً. وفي النهاية، فإن أجهزة الاستشعار الجديدة ستتيح للسيارات أن تتخذ قرارات أفضل.- خدمة «نيويورك تايمز»

مشاركة :