منذ تولى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- مقاليد الحكم، صدرت الموافقة السامية على تشكيل لجنة شرعية على مستوى عالٍ لإعداد مشروع مدونة الأحكام القضائية، تضم 12 من أصحاب المعالي والفضيلة من أعضاء هيئة كبار العلماء والوزراء والمختصين (جريدة عكاظ).الشيخ محمد أمين مرداد، عضو المجلس الأعلى للقضاء، رئيس لجنة تطبيق آلية نظام القضاء، صرّح لـ»جريدة عكاظ» أن مشروع المدونة خطوة مهمّة لتقريب أحكام القضاء الشرعي عمومًا، وتقنين الأحكام، بحيث يكون القضاة مُلزمين بها. وذلك في الأحكام التعزيرية، لافتًا إلى أن مثل هذا المشروع يأتي في إطار الترتيبات التنظيمية لأجهزة القضاء، وفض المنازعات. ناهيك أن اللجنة لها صلاحيات تفريغ وندب مَن ترى من المختصين في الفقه والقضاء والباحثين والخبراء، لمساندة اللجنة بالبحوث والخبراء، والرفع للجهات المختصة بذلك، علمًا بأن مقر اللجنة وعقد اجتماعاتها؛ وزارة العدل، على أن تُهيئ الوزارة كافة المتطلبات المالية والإدارية والبشرية. ومنحت اللجنة 180 يومًا لإعداد مدوّنة الأحكام القضائية ورفعها للجهات العليا.اللجنة ملزمة ومقيدة تقييدًا تامًّا بنصوص وقواعد الشرع الحنيف، ولا تورد اللجنة أي مادة إلاّ ولها ما يُؤيّدها من نصوص الشريعة، أو أقوال المحققين، وشددت المصادر على استقلالية اللجنة، وعدم التدخل في أعمالها.وقد أشار مختصون لـ»جريدة عكاظ» أن حجم القضايا التعزيرية المنظورة، والحق الخاص في المحاكم، لا يقل عن 70% من حجم القضايا الواردة إليها في الحق العام والحق الخاص، وتخضع أحكامها لناظر القضية وفق الظروف التي يُقدِّرها، وتكون أحكام التعزير في القضايا التي لم يرد فيها حد أو نص أو نظام، وتتنوّع تلك الأحكام؛ بحيثُ تبدأ من التوبيخ والتعهُّد، مرورًا بالجلد والسجن والغرامة والتعويض، وانتهاءً بالقتل تعزيرًا.وفي عهد الملك سلمان -حفظه الله- صدرت التوجيهات السامية بسرعة إصدار المدونة، إلا أنها لم تصدر حتى تاريخه، وما زال الجميع ينتظر صدور تلك المدونة للأحكام القضائية، والتي تجاوزت الفترة الزمنية المحدّدة لها دون النشر أو حتى الإعلان عن أسباب التأخير، كون مدونة الأحكام القضائية، تختصر مدة القضية، ويُلْزَم القاضي بالعمل بها، وستُعين على دقّة توقيع الحكم القضائي، كون المُلَاحظ -كما أشار عدد من المحامين والمختصين والحقوقيين لجريدة عكاظ- عدم قدرة الجميع على توقُّع الحكم الذي يُصدره القاضي باعتباره سيعتمد على اجتهاده، والاجتهاد بابه مفتوح، ولا يُلزم القاضي فيه بتقنين مذهب معيّن، ممّا يُوسِّع الحديث في رصانة الأحكام القضائية ودقتها ووضوحها، وأجمعوا أن المدونة ستكون مخرجًا من هذه الإشكاليات. وإنّا لمنتظرون.
مشاركة :