واجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون انتقادات متوقعة، بعد أول مقابلة تلفزيونية له إثر مضيّ 5 شهور على تولّيه منصبه، تابعها حوالى 9.5 مليون مشاهد وأكد خلالها تمسكه بأسلوبه وبالبرنامج الذي انتُخب على أساسه. لم يُبــدِ مـــاكرون خلال المقابلة التي استغرقت ساعة، أسفاً على تصريحات أدلى بها واعتُبرت «مهينة» في حق فئة من الفرنسيين، بينها كلامه عن «الكسولين» و «الخاملين» و «غير المتعلمين»، بل أكد عزمه «على المضيّ في قول الأشياء وتنشّق الهواء والتحدث إلى المواطنين». وكرّر أنه لم يقصد إهانة أحد، موضحاً أن كلامه كان موجّهاً إلى الذين يعملون للعرقلة ولمنع تقدّم الأوضاع. بل أغاظ مجدداً مشاهدين كثيرين، بقوله إن الشعور بالغيرة لدى بعضهم يجعلهم يكرهون مَن هم أفضل حالاً منهم. ودافع ماكرون بتأنٍ عن التغيير الذي كان تعهد إحداثه، خلال حملته الانتخابية، من دون أن يبدي أي نية للتراجع أو لتعديل توجّهاته، خصوصاً ما يتعلّق بحصر الضريبة على الثروة بالممتلكات العقارية. وقد يكون أغاظ بعضهم مجدداً، إذ سُئل هل هو «رئيس الأثرياء»، فأجاب مخاطباً الصحافيين الثلاثة الجالسين معه: «عندما أنظر إليكم لا أرى أثرياء، على رغم كونكم كذلك»، نظراً إلى المقاييس المعتمدة لتحديد الفقر والثراء. وشرح الرئيس الدفعة الجديدة من الإجراءات التي ستقرها حكومته لإصلاح سوق العمل وإضفاء فاعلية أكبر على نظام التعويض على العاطلين من العمل، لافتاً إلى انه مدفوع بإرادة «حماية» فرنسا «المتألمة». ورجّح أن تؤتي الإصلاحات التي ينفذها، وتتعلّق بالبطالة، ثمارها «في غضون سنتين»، مشدداً على ضرورة تأمين تدريب أفضل للعاطلين عن العمل. هذا الإصرار على نهجه، ويقضي بتحرير الاقتصاد ممّا يثقله، لإطلاق النموّ، لم يلقَ استحسان المعارضين ولا رضا غالبية بلغت 61 في المئة من الفرنسيين، كما أظهر استطلاع رأي أعدّه معهد «هاريس». واعتبر وزير الداخلية السابق بريس أورتفو من حزب «الجمهوريين» اليميني، أن كلام ماكرون خلا من أي جديد، ورأى أنه «لا يخاطب قواعد اليسار ولا قواعد اليمين، بل يتوجّه إلى النخب»، ووصفه بـ «أمير الرضا عن النفس». الموقف ذاته تقريباً تردّد في الوسط اليساري، إذ قال رئيس تكتل نواب اليسار أوليفييه فور إن ماكرون «لا يفهم الفرنسيين ولا يعرفهم»، ووصفه بـ «رئيس فقاعة». اما رئيسة حزب «الجبهة الوطنية» اليميني المتطرف مارين لوبن فتوقفت عند التدبير الذي يعتزم ماكرون اعتماده ويمكّن العاملين المستقلين من نيل مساعدات بطالة، معتبرة أنه يسعى إلى «تحويل الفرنسيين إلى رُحّل» ويتحامل على أصحاب الأملاك. وتعهد الرئيس الوسطي «طرد» جميع «الأجانب المقيمين في شكل غير شرعي» الذين يرتكبون جنحاً، وزاد: «مطلع العام المقبل سيكون لدينا قانون جديد للهجرة واللجوء، لتشديد القواعد في هذا الصدد، ولن نتهاون أبداً في هذه المسألة».
مشاركة :