كَتبتُ أَمْس عَن السُّؤال وأهميّته.. وإذَا ذُكر السُّؤال، لا بد أنْ تَأتي سِيرة الإجَابَة والجوَاب، لأنَّ السُّؤال والجوَاب، كالمُبتَدأ والخَبَر، يَأتيَان مَعاً، ويَنصَرِفَان مَعاً، ويَنْتَظرَان مَعاً أيضاً، فالسُّؤال يَأتي، ثُمَّ مِن رَحِم السُّؤال تُولد الإجَابَة، وأتعَس الأُمَم؛ هي تِلك الأُمَم التي تُقدِّم الإجَابَات الجَاهِزة لكُلِّ الأسئِلَة، أو الأجوبَة الحَاضِرَة لأسئلة لَم تَكن مَوجودة أَصلاً..! وإذَا قُلنا بأهميّة السُّؤال، لا بد أن نُركّز عَلى الحَذَر مِن التَّسرُّع في الإجَابَة، بحَيثُ إذَا سَأَلَكَ أحدُهم عَن شَيءٍ تَجهله، فلَا تَخجل مِن الاعتِذَار، مِن خِلال تَفعيل خَاصية "لا أَدري"؛ المَعروفة في بَلَاط العِلْم وسَاحة العُلَمَاء..! وحتَّى نُطبّق هَذا المِثَال خَير تَطبيق، إليكُم هَذه القصّة، التي وَرَدَت في كُتب التُّرَاث، حَيثُ سُئل الإمَام الشّعبي عَن مَسألة فقهيّة فقَال: "لَا أدري". فقِيل لَه: "ألَا تَستحيي مِن قَولِك هَذا، وأنتَ فَقيه العِرَاقيين"؟ فقَال: (إنَّ المَلائِكة لَم تَستحِ، إذ قَالت: "سُبحَانَك لَا عِلم لَنا إلَّا مَا عَلّمتنا")..! إنَّ التَّحصُّن والتَّسلُّح بكَلِمَة لا أَدري، يَحميك مِن القَول بغَير عِلم، كَما أنَّه يَجعل لَك مصدَاقيّة عِند النَّاس، فطَالب العِلْم الحَقيقي هو مَن يَتحرَّى الإجَابَة، ويَبحث عَن الدِّقة، وقَد قَال الإمَام الحَسَن بن عَلي في هَذا قَولاً شَهيراً، حَيثُ يَقول: (إنَّ العَالِم مَن يَكثر صَوابه)..! والإجَابَات عَلَى الأسئلَة؛ دَائماً مَرهونة بطُول التَّفكير، ومُدَاومة التَّأمُّل، والفَحص والتَّنقيب في وجُوه المَعرفة، وبطُون الكُتب، وأفخَاذ المَرَاجِع، وبذَلك يَتحقَّق الجَوَاب، وقَد لَخَّص الفِكرة الفَيلسوف اليونَاني "أرسطو طاليس"، حَيثُ قَال: (لَيس طَالِب العِلْم إلَّا كالغَائِص في البَحر، لَا يَصل إلَى الجَواهِر الكَريمة إلَّا بالمُخَاطرة العَظيمَة)..! حَسناً.. مَاذا بَقي؟! بَقي القَول: يَا قَوم، تَأكَّدوا أنَّ السُّؤال هو البَحث عَن الجوَاهِر الكَريمَة، والحصُول عَلى الإجَابَة لَا يَتم إلَّا بَعد التَّعب والعَنَاء، والمُخَاطرة العَظيمة..!!! تويتر: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (20) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain
مشاركة :